أن تعرف متي تتكلم وماذا تقول وكيف ولمن فهذه موهبة ، وكثير من النجوم رغم مواهبهم في الفن وربما أيضا في التسلق والتنطع والنفاق لايملكون موهبة التعبير عن أفكارهم وجرأة اتخاذ المواقف المناسبة في الوقت المناسب ، بدلا من الاختباء خلف أسوار الصمت والاحتماء بحجة الجهل في شئون البلاد والعباد. وسط هذا الضباب الذي يخيم علي عقول أهل الفن وتحديدا الغناء يطل محمد منير متفردا دائما بزمام المبادرة ، يتحدث بفنه ويعلو صوته بالغناء ليرسل لجمهوره رسائل صادقة مخلصة مدفوعة بنبض الشارع، منير صاحب "أول ضربة فنية" في ثورة يناير بأغنيته الشهيرة "ازاي"، عاد ليغرد بعيدا عن مغردي تويتر حاملا في صوته قطعة غالية من تراث كوكب الشرق أم كلثوم وهي أغنية ياحبنا الكبير ، المشروع الذي أعاد منير احياءه ونحن في أمس الحاجة الي حب الوطن. زرت منير في نوفمبر الماضي، ورغم أن اللقاء - الذي رتبه بالصدفة صديق مشترك- كان بعيدا عن أحاديث الصحافة والفن الا أن منير تحدث عن مشروعه لإعادة إحياء التراث الوطني للأغنية المصرية ، كانت عيناه مشحونتين بحماس عاشق وهو يقول: أنا عايز أقول للناس ان حب البلد أهم .. احنا محتاجين نحب البلد أكتر ". تجول "الملك" بين أغنيات لأم كلثوم ومحمد فوزي وغيرهما ، ينتقي الجملة بفلسفة سياسي محنك ولهفة فنان موهوب ، وهو في جعبته المزيد ليقدمه من هذه السلسلة المتفردة ، كما أن لدية أفكارا لايجرؤ علي تقديمها سوي منير الذي يثبت يوما بعد الاخر أن زمن الكبار لم يكن صفحة وانطوت في تاريخ مصر ، والأجمل أنه احتفظ بصوت كوكب الشرق في الأغنية فكان لقاء استثنائيا خارج حدود الزمن يحمل روح "الملك" وبصمة "الست" .. كل الشكر لمنير ولأي مبدع يزرع الحب والأمل في نفوس جففها اليأس.