يسألني أصحابي: ما كل هذا الإحباط والاكتئاب الذي يحيط بكتاباتك؟ ولماذا كل مشاعر الحزن تغلب علي سطورك وكلماتك؟ ويقول لي أصحابي: الدنيا لا تساوي شيئا، وكل شيء إلي زوال، حتي حياتنا نفسها.. فلا تحزن علي شيء ضاع منك، ولا تتحسر علي شيء فقدته.. يا عم اضحك وابتسم للدنيا، تبتسم لك. ولا استطيع الرد علي أصحابي، فأنا لا أحب الكذب في حياتي ولا في كلماتي، وكل ما فعله القلم، أنه جسد مشاعري وأحاسيسي، دون أن أقصد أن أثير أحزاني لنفسي، والنكد والضيق إلي الآخرين! كيف اجعل من كلماتي فرحا، وأنا أعيش في وسط مأتم كبير؟ هل يريدونني أن أكذب علي نفسي وعليهم، وأتظاهر بالفرحة والأمل. وأغلب من حولي بائس تعيس، لا ينطق إلا بالشكوي؟! لكني أقول لأصحابي: تعرفون أني عشت طوال عمري مخلصا، صدقت الدنيا وصدقت الناس، ولم أكن يوما إنسانا شريرا، ولم أدبر مكيدة لأحد، ولم أفكر أو أسعي لايذاء مخلوق! علي العكس كنت طيبا، أو هكذا قال الناس عني. لم أدخل في أي مؤامرة، ولم أنضم إلي شلة، وكل شيء حصلت عليه في حياتي، كان ثمرة لتعبي وشقائي وعملي ونيتي.. وقدمت يد المساعدة للمحتاجين قدر امكاناتي، وتعاطفت مع المظلومين دائما، واحببت كل الناس، وأولهم الناس الذين لا اعرفهم. قبل الذين أعرفهم.. فماذا كان جزائي في النهاية؟ في النهاية فوجئت بالذين ساعدتهم، ينقلبون ضدي بلا سبب واحد يرضي الله. أو يرضي ضميرهم.. ورأيت الذين قدمت لهم قلبي باخلاص. ينهشون هذا القلب ويكسرونه! وبكيت دموعا ساخنة من عيني ومن قلبي، وأنا أجد النكران والعقوق والشر والإيذاء، بدلا من الشكر والتقدير! وكان من الطبيعي أن يبكي قلمي هو الآخر، فتتحول الدموع إلي كلمات تصرخ بالألم، فيتضايق أصحابي من اكتئابي! وفي النهاية أقول لأصحابي: حقكم علي الدنيا حلوة، وكل شيء جميل، و»النهاردة أحسن من امبارح«، وغدا سوف تأتي الفرحة والرحمة، وسوف تحمل الشمس علي أشعتها الذهبية مركب الأمل، الذي سينقذ العمر الضائع. الدنيا ربيع والجو بديع.. لا داعي لأي مواضيع!