إنتظروا عشرات الكوارث الأخري خلال الأيام القليلة القادمة، أقولها بكل صراحة دون أن أتأثر بنصيحة من يقول »بشروا ولاتنفروا« أقولها نظرا لحجم الفساد الذي أصبح في مصر الآن بسبب غياب الضمير في كل مكان وانحراف السلطة في كل محافظة، أقولها بعد تعدد حوادث القطارات والتي كان آخرها مؤقتا حادث قطار البدرشين الذي راح ضحيته 19 قتيلا من خيرة شبابنا بالإضافة إلي عشرات المصابين وسقوط عمارة الإسكندرية التي راح ضحيتها حتي الآن 26 وأتوقع زيادة العدد كلما تم رفع أنقاض جديدة منها، وأؤكد أن محافظة الإسكندرية بالذات قد أصبحت بالفعل مهددة بكارثة حقيقية خلال الفترة المقبلة لارتفاع نسبة مخالفات البناء التي حدثت بها خاصة خلال العامين الأخيرين بعد ثورة 25 يناير وبعد أن وصل عدد العقارات المخالفة بها إلي 14 ألفا و500 عقار معظمها أبراج تم بيع معظمها بعشرات المليارات من الجنيهات وارتفاعات مخالفة في شكل أبراج وصل بعضها إلي 28 دورا وبدون ترخيص وأصبحت معظم هذه العقارات مهددة بالسقوط في أي وقت. ولكي نعرف حجم الكارثة علي المستوي القومي سنجد أن إجمالي عدد العقارات المخالفة التي تم بناؤها بعد حالة الانفلات التي أعقبت ثورة 25 يناير وصل إلي 465 ألف عقار سواء كان البناء تم برخصة وتم تعليته بالمخالفة وهذا يمثل 70٪ من إجمالي هذه المخالفات، أو بناء بدون رخصة علي الإطلاق وتقدر تكلفة بناء هذه العقارات المخالفة جميعا بحوالي350 مليار جنيه أكرر 350 مليار جنيه. كما تسببت مظاهر الانحراف هذه أيضا في أن نفقد في أعقاب ثورة 25 يناير وحتي الآن مايزيد علي 300 ألف فدان من أجود الأراضي الزراعية بسبب استمرار حالات التعدي بالبناء عليها، وهذا ماأكد عليه كل من د. طارق وفيق وزير الإسكان وكذلك د. حسن علام رئيس جهاز التفتيش الفني علي أعمال البناء. نعم المحليات مسئولة عما حدث في المقام الأول بسبب الفساد الذي استشري فيها كما أشار إلي ذلك قبل الثورة أحد الفاسدين ايضا من النظام القديم والذي يقبع حاليا في السجن بسبب فساده هو الآخر، لكن لابد أن نحاسب بقية المسئولين في الوزارات الأخري التي تسببت في زيادة حجم هذه المخالفات سواء بالنسبة لوزارة الكهرباء التي سمحت لكل هذه العقارات بتوصيل الكهرباء إليها وكذلك وزارة الإسكان التي سمحت بتوصيل المياه والصرف الصحي لها مع أن القانون يمنعها من ذلك كما جاء في الفقرة الثالثة من المادة 62 من القرار الوزاري رقم 144 لسنة 2009 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 حيث تقضي هذه الفقرة بأنه " لايجوز للجهات القائمة علي شئون المرافق تزويد العقارات المبنية أو أي وحداتها بخدمات إلا بعد إيداع شهادة صلاحية المبني ومرفقاته للاشغال بالجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم، وتعتبر هذه الشهادة بمثابة رخصة تشغيل المبني، وتلتزم الجهة الإدارية بإصدار خطابات لتوصيل المرافق في مدة أقصاها أسبوعان من تاريخ إيداع الشهادة، وذلك كله وفقا لما تبينه اللائحة التنفيذية لهذا القانون ". هذا النص يرد علي كل من يقول إن حالة الانفلات الأمني هي التي ساعدت وحدها علي انتشار مخالفات البناء هذه لأنه لو لم يتم توصيل المرافق لهذه المباني لما زاد حجم هذه المخالفات بهذه الطريقة.. لذا لابد أن نبدأ من الآن وبشكل جدي في محاسبة كل مسئول أو موظف سمح بتوصيل المرافق لمثل هذه المنشآت المخالفة دون أن يلتزم بتنفيذ القانون. لكن يبقي السؤال: وماهو الحل؟ أقول إذا كنا دولة جادة في محاربة الفساد بالفعل لابد من اتخاذ قرارات صعبة في مواجهة مثل هذه الظاهرة الخطيرة، فنحن أمام ثروة عقارية وإن كان معظمها فاسدا تقدر قيمتها ب350 مليار جنيه، ونحتاج لتحديد مدي صلاحية بعضها من عدمه إلي 10 مليارات جنيه كما يقول د0حسن علام رئيس جهاز التفتيش الفني علي أعمال البناء لقياس مدي السلامة الإنشائية حفاظا علي أرواح المواطنين. فهل سنسير في هذا الاتجاه؟ ومن أين سنأتي بكل هذه الأموال المطلوبة لكي نعرف موقف منشآتنا العقارية المخالفة؟ وماذا سيكون مصير هذه العقارات المخالفة خاصة السليم منها إنشائيا: هل سيتم مصادرته لأنه تم بناؤه بالمخالفة؟ أم سيتم فرض غرامة علي من أقام مثل هذه المنشآت تساوي نفس تكلفة البناء حتي يكون درسا له ولمن يفكر في إرتكاب مثل هذه المخالفات بعد ذلك، وحتي لايهنأ هذا المخالف بأية مكاسب جناها من وراء فعلته؟ وهل سيتم بالفعل هدم كل العقارات غير السليمة إنشائيا؟ ومتي سيتم ذلك؟ هل سيتم ذلك أمام الحكومة ومن ورائها أعضاء مجلس النواب المنتظر بعد انتخابه لرفض كل هذه الأطروحات من أجل أصوات الناخبين كما كان يحدث قبل ذلك من كثير من مثل هذه المخالفات؟ لننتظر ونحكم حتي لانظلم أحدا سواء كان حكومة أو حزب أغلبية أو أعضاء مجلس نواب وشوري أو رئيس دولة.