قبل ان تلتئم جراحنا علي رحيل عملاقي الدراما أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبدالحافظ يلحق بهما عملاق آخر هو الاسطورة عمار الشريعي الذي جمعتني به صداقة قوية منذ عام 6791 وحتي ودعته منذ أيام بعد أن هاجمه المرض بشراسة وأسقطه صريعا بعد أن ظل يقاومه في صلابة وتحد علي مدي سنواته العشر الاخيرة حيث انفق من جيبه الخاص اموالا طائلة في محاولة لوقف متاعب وآلام قلبه المهموم دائما بقضايا أهله وناسه ووطنه وهو ما ترجمه بصدق في جميع اعماله الموسيقية الخالدة التي تركها لنا لتظل شاهدة علي نبوغه وتفوقه في مجال الموسيقي التي عشقها منذ صغره حتي أصبح واحدا من اعظم فنانيها بل كان من وجهة نظري أسطورة خالدة وظاهرة فريدة من الصعب تكرارها مرة أخري. وعمار الشريعي لمن لا يعرفه كان مؤسسة ثقافية تسير علي قدمين ولم يكن مجرد عبقرية موسيقية تحدت الاعاقة بالفطرة والموهبة بل كان قارئا شرها لكل مجالات المعرفة وكان من أظرف المتحدثين في مواجهة اجهزة الإعلام المرئي والمسموع والمقروء وإذا حاورته في قضية فنية أو سياسية أوعلمية تفاجأ به يغوص بك إلي أبعد ما تتخيل من أسرار وخفايا في تلك القضية وكأنه طرف أصيل فيها وكانت تلك سر عظمته وإحدي صفاته المميزة التي أشتهر بها بين عشاقه ومحبيه في كل مكان يتواجد به. وكان عمار الشريعي إلي جانب غزارة علمه صاحب قلب رقيق ومشاعر إنسانية نبيلة وصاحب أيادي بيضاء في أعمال خيرية كثيرة كان يرفض الإعلان عنها أوالبوح بأسرارها فهو الصعيدي الشهم الجدع وابن البلد الذي لا يتاجر بآلام الناس بل يسارع إلي تضميد جروحهم في نبل وصمت حيث كان يري ما لانراه نحن أصحاب البصيرة فقد كان متميزا عنا بما يمتلكه هو من بصيرة الاحاسيس والمشاعر وفهمه العميق لمعاني الكلمات والحروف ونبضات القلوب فقد كان يري بأذنيه كل ما يدور من حوله وقد أبهرنا ونحن نشاهده يصنع بيديه ما نعجز عن صناعته في حياتنا اليومية خاصة وهو يتعامل مع الاجهزة الاليكترونية والكهربائية داخل منزله أو وهو جالس بين معاونيه في الاستوديو الخاص به انه بحق اسطورة وعلامة فارقة في كل شيء. واذا كان عمار الشريعي قد رحل عنا بجسده فإن تراثه الغنائي والموسيقي لن يندثر وسوف يظل حيا يثري مشاعرنا ووجداننا بجملة الموسيقية واللحنية المميزة فقد كان إمتدادا للعملاق خالد الذكر سيد درويش واصقل موهبته بالدراسة العلمية الجادة وساعده حصوله علي ليسانس الأداب قسم اللغة الانجليزية من جامعة عين شمس علي الإطلاع والبحث في كل المستجدات العالمية والاوروبية في العلوم الموسيقية ودرس الهارموني وأجاد العزف علي جميع الآلات الصعبة مثل العود والاكورديون والاورج الذي جدد في تكنيك استخدامه. ونتيجة لنبوغ عمار الشريعي فقد كان محورا مهماَ في مجالات رسائل الماجستير والدكتوراة داخل وخارج مصر واعتبره الدراسون اسطورة علمية في مجال التأليف الموسيقي حيث قدم اكثر من 05 عملا سينمائيا و 051 مسلسلا تليفزيونيا بخلاف أعماله الاذاعية والمسرحية و برامجه المثيرة التي قدمها في الراديو والتليفزيون مثل »غواص في بحر النغم« »وسهرة شريعي« ورائعته الخالدة مع صديقه الشاعر الكبير جمال بخيت »مسحراتي مصر البهية« التي قدمها في عام 0102 حيث ظهر فيها مغنيا بالصوت والصورة علي مدي 03 يوما من خلال انتاج متميز لقطاع الانتاج بقيادة المهندسة الناجحة راوية بياض التي كانت تتولي إدارة قطاع الانتاج آنذاك وجاءت بالمخرج المبدع أحمد المهدي لإخراجه. تلك سطور سريعة اكتبها في تلك المساحة الضيقة عن صديقي العزيز عمار الشريعي الذي سوف افتقده انا وكل محبيه الذين لن يدخروا جهدا في تخليد ذكراه بما يليق بقامته العالية و قيمته الابداعية كواحد من ابناء مصر المخلصين الذين ذابوا عشقا في كل حبة رمل علي أرضها الطاهرة. وخالص عزائي لزوجته الاعلامية ميرفت القفاص ولابنه مراد والاعلامي مسعد ابو ليلة زوج شقيقة زوجته ولجميع افراد اسرته في »سمالوط« بمحافظة المنيا .