عاش المصريون ليلة حزينة حالكة السواد.. ليلة ارتدت فيها مصر ملابس الحداد وسالت فيها دماء الشهداء.. ليلة طعنت فيها الحرية واغتيل الضمير.. ليلة سحق القانون وساد قانون البقاء للأقوي!! تعالي صوت النفير ودقت طبول الحرب، وسيادة الرئيس يصم اذنه وعقله وقلبه عن صوت الحق والضمير، المذابح تدبر والدماء تنتهك والارواح تزهق في الشوارع، وسيادة الرئيس يغمض عينيه ويضع رأسه علي الوسادة مصر تحترق وقلب الأمة يتمزق، وسيادة الرئيس في مأمنة يلوذ بالصمت. ما أشبه اليوم بالبارحة بالله عليكم ما الفرق بين »موقعة الجمل« علي مسرح احداث ميدان التحرير، و»موقعة الاتحادية« علي مسرح احداث القصر الرئاسي حيث يقطن اصحاب السلطة والسطوة؟!! ما الفرق بين شهداء محمد محمود في ثورة يناير، وشهداء روكسي في مظاهرة رفض اعلان نوفمبر المستبد؟! إنها صورة مكررة مكررة لسيناريو قبيح ومشاهد رديئة شاهدناها وعايشناها ورفضناها من قبل!! إما أن يوافق المعارضون علي الإعلان غير الدستوري الذي يصادر به الرئيس كل السلطات ويرتفع به إلي مصاف الآلية والأرباب، وإما ان يصيروا خونة ومتآمرين!! أما أن يخرج الشعب عن بكرة أبيه يهلل ويصوت علي دستور يرسخ لحكم استبدادي طويل المدي، ينتهك حقوق الاقليات ويعصف بالحريات، ويمنح الرئيس سلطات فوق سلطاته، وإما ان تصبح لغة السلاح والقوة سيد الموقف وتتمزق الأمة ويستباح دم الشعب إما أن يرضخ الشعب المصري ويسمح للرئيس أن يسير علي خطي الحاكم بأمر الله وإما أن يطعن ويسحل بالأقدام ويطبق عليه حد الحرابة!! لمصلحة من تتحول مصر إلي حمامات من الدماء؟! لمصلجة من تؤجج نيران الفتنة ويحشد الانصار ويسلح المؤيدون؟! لمصلحة من يتحول خلاف سياسي إلي تناحر وتقاتل وصراع ديني عقائدي؟! لمصلحة من تنجرف مصر إلي حرب طائفية تقضي علي الاخضر واليابس والمستقبل والحاضر ولا يعرف مداها إلا الله!! لقد بكي حفيد المرشد السابق وهو يري الاشتباكات الدامية حول قصر الرئاسة واستقال مستشار الرئيس ومساعدوه رفضا للاستبداد والاقتتال بين أبناء الوطن ونزيف الدماء المصرية الذكية التي أريقت علي ارض مصر. كم من الجرائم ترتكب باسم الحفاظ علي الشرعية، وكم من الأرواح تزهق باسم الدين وشريعة الله، وكم من القوانين تسحق تحت الاقدام باسم الحفاظ علي الثورة وحق الشهداء!! سيادة الرئيس إن الشرعية ليست تأشيرة مرور يمنحها الشعب للحاكم كي يقوم بالتنكيل بالمعارضين والتغول علي السلطات!