غيرت الثورة وما بعدها كل شيء في حياتي. وبدأت أجرب مشاعر وأري وأسمع أشياء لم أجربها ولم أسمعها طوال حياتي! في البداية غلبني حماس جميل. وأنا أري المصريين. ينتفضون غضبا، ويعلنون الثورة. علي النظام والظلم والفساد. وتولتني دهشة من عظمة الإنسان المصري. الذي يظنه البعض عبدا ضعيفا لا يثور ولا يتمرد. ثم بدأت أحاسيس خوف كبير تنتابني عندما بدأت أشاهد أشياء وأشخاصا. يقفزون إلي فوق ثورة الشباب. وعلي سطح الحياة! وانتابني الجزع وأنا أتابع كل يوم الانتهازيين والمتسلقين والمنافقين والكذابين وتجار الشعارات والسياسة والدين يريدون قيادة حياة المصريين ويزعمو انهم أفضل الناس وأكثرهم وطنية وأصدقهم تدينا! وتوالت الأحداث كل يوم علي بلدي. وأنا ضعيف عاجز. مجرد متفرج في مدرجات بيته. يتابع كل غريب وعجيب ومتناقض. ليست لي معرفة بما يحدث في بلدي. إلا ما أقرؤه في الجرائد كل صباح أو أبتلي به كل مساء علي شاشات الفضائيات! وهؤلاء وهؤلاء جعلوني اليوم أشك في نفسي. وفي كل حياتي الماضية. لأنهم يزعمون وبقوة وبكل الأساليب. أنهم مصريون أكثر مني. ووطنيون أكثر من كل المصريين، ومسلمون وغيرهم لا علاقة له بالإسلام! أشعر والله فعلا بالشك في إسلامي. وأن كل صلواتي وصيامي طوال سنوات عمري. لم تكن حقيقية. وان الله لن يقبلها مني. وانني إذا أردت ان أكون مسلما حقيقيا. فلابد لي حتما من عضوية حزب الحرية والعدالة! من أنا لأتحدث عن مصر. أمام هؤلاء العظام. الذين ينغصون حياتي. وهم يصورون أنفسهم في كل لحظة. انهم أفضل مني. وأصدق مني وأشرف مني وأنهم الأحق بقيادتي. وإعادة اصلاحي وتربيتي وتهذيبي من جديد. وعلي طريقتهم أيا كانت هذه الطريقة! اليوم أنا إنسان محبط ومكتئب.. ويائس وعاجز بلا حول ولا قوة. لا أعرف ماذا سوف يحدث لي غدا. ولا كيف ستتغير حياتي؟ اليوم أشعر إن »في حاجة غلط في مصر«! لابد ان المصريين فعلوا جريمة نكراء يوما ما. وغضب الله عليهم.. وسلطهم علي أنفسهم. فأصبحوا أعداء أنفسهم. وهم الآن يحاربون أنفسهم. ويمزقون أنفسهم ويدمرون أنفسهم! يسألني الناس: »ماذا يمكن أن يحدث غدا؟«. ويسألني الناس: لماذا أنت مكتئب ومحبط ومتشائم طوال الوقت؟! وأرد عليهم: »يعني عايزني أزغرد.. واللا ألطم يا أخواتي«!!