«التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظتي الجيزة القاهرة    ارتفاع أسعار النفط في آسيا مع تصاعد التوترات حول فنزويلا وإيران    شعبة القصابين : ارتفاع أسعار اللحوم فى شهر رمضان بسبب زيادة الطلب    البيئة: المحميات الطبيعية في مصر تتحول إلى وجهات سياحية مستدامة    البورصة المصرية تترتفع بمستهل تعاملات جلسة اليوم الإثنين    وزير المالية: حزمة من التسهيلات الجمركية لدفع حركة التجارة الخارجية    الخارجية الإيرانية: برنامجنا الصاروخي ليس موضوعًا للتفاوض    البيت الأبيض يكشف عن الأموال التي حصلتها أمريكا من الرسوم الجمركية    مد غزة ب130 ألف سلة غذائية و22 ألف قطعة ملابس ضمن قافلة زاد العزة ال99    جيفرى إبستين.. العدل الأمريكية تدافع عن النشر الجزئى وعودة صورة ترامب المحذوفة    منتخب مصر يواجه زيمبابوي في افتتاح مشواره بأمم إفريقيا 2025    أمم أفريقيا 2025| «مجموعة مصر».. بافانا بافانا في مواجهة أنجولا    محمود ناجي حكماً للقاء سيراميكا كليوباترا وأبوقير للأسمدة في كأس مصر    الهلال يخشى صحوة الشارقة في دوري أبطال آسيا النخبة    موعد مباراة بيراميدز ومسار في كأس مصر.. والقنوات الناقلة    محافظ سوهاج يعلن إتاحة التصديق القنصلي على المستندات بمكاتب البريد    وزير الثقافة ورئيس "التنمية الحضرية" يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    شعبة الملابس الجاهزة تكشف ارتفاع الصادرات بأكثر من 21% منذ بداية 2025    روائح رمضان تقترب    مجلس قصر العينى يناقش سياسات تحديد ضوابط حجز الحالات ونطاق تقديم الخدمات    «الرعاية الصحية»: المتابعة الطبية المنزلية نقلة نوعية في منظومة الرعاية    نشرة توظيف وزارة العمل الأخيرة: 7574 فرصة عمل في 13 محافظة بالتعاون مع القطاع الخاص    التضامن الاجتماعي تشارك في احتفال الأزهر الشريف بالأشخاص ذوي الإعاقة    مصر تكثف تحركاتها مع ليبيا لكشف مصير المفقودين وتؤكد استمرار الجهود دون انقطاع    جريمة 7 الصبح.. قاتل صديقه بالإسكندرية: نفذت صباحا حتى لا يشعر أحد بالواقعة    مصر تواصل جهودها المكثفة لاستجلاء موقف المواطنين المصريين المفقودين في ليبيا    حصاد 2025 جامعة العاصمة.. 7 آلاف طالب وافد و60 منحة دراسية جديدة    سعر الريال القطرى اليوم الإثنين 22 ديسمبر 2025 فى بداية التعاملات    في ذكرى رحيل سناء جميل.. مسيرة فنية خالدة من المسرح إلى ذاكرة الفن المصري    المهندس أحمد العصار يكتب: رؤية حول اختيار الوزراء    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 22ديسمبر 2025 فى محافظة المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    الشناوي: هدفنا التتويج بأمم أفريقيا وإسعاد 120 مليون مصري    مواجهات نارية اليوم.. مصر تصطدم بزيمبابوي في أمم إفريقيا ونابولي يواجه بولونيا في السوبر الإيطالي    نائب وزير الصحة: الرعاية الصحية الأولية تمثل حجر الأساس فى النظام الصحى المصرى    تفاصيل المشروعات المزمع افتتاحها بالتزامن مع احتفالات العيد القومي لبورسعيد    نائب وزير الصحة يترأس الاجتماع الأول للجنة تطوير منظومة طب الأسنان    ألمانيا تعلن تسجيل أكثر من 1000 حالة تحليق مشبوهة للمسيرات فى 2025 .. وتصاعد المخاوف الأمنية    بعد التغيرات ختام تعاملات الأسبوع الماضي .. تعرف علي الجديد في أسعار الذهب اليوم في مصر    شديد البرودة.. «الأرصاد» تكشف تفاصيل طقس اليوم    رئيس جامعة القاهرة يجري سلسلة لقاءات رفيعة المستوى بالصين لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي    أهالي المنوفية يشيعون 4 جثامين من ضحايا الطريق الصحراوي    اليوم.. الحكم على 16 متهما بقضية الهيكل الإداري بالهرم    اليوم .. الإدارية العليا تفصل فى 48 طعنا على نتيجة 30 دائرة ملغاة بانتخابات النواب    عزاء الفنانة سمية الألفي بمسجد عمر مكرم اليوم    نيجيريا: تحرير 130 تلميذا وموظفا خطفهم مسلحون من مدرسة الشهر الماضي    بوشكوف: دعم أوكرانيا يقوّض مكانة الاتحاد الأوروبي عالميًا    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد اليوم 22 ديسمبر 2025    ويتكوف: روسيا لا تزال ملتزمة تماما بتحقيق السلام فى أوكرانيا    بحضور أبطاله.. انطلاق العرض الخاص لفيلم «خريطة رأس السنة» في أجواء احتفالية    بعد ظهوره على كرسي متحرك.. تطورات الحالة الصحية للفنان إدوارد    نقيب المحامين يترأس جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد اليوم    في يومه الثاني.. مهرجان التحطيب بالأقصر يشهد إقبالا كبيرا من أبناء الجنوب والسائحين    السلفية والسياسة: التيه بين النص والواقع.. قراءة في التحولات الكبرى    أستاذ بالأزهر يوضح فضائل شهر رجب ومكانته في ميزان الشرع    سائق يقتل زوج شقيقته إثر نزاع عائلي على شقة ميراث بالخانكة    تامر النحاس: سعر حامد حمدان لن يقل عن 50 مليونا وصعب ديانج يروح بيراميدز    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كفي إصلاحا و«صندوقا»!
نشر في أخبار اليوم يوم 01 - 08 - 2016

التناقض اللغوي ظاهر في العنوان أعلاه، فالإصلاح شئ مطلوب ومرغوب، والمفترض أن نستزيد منه لا أن نستكفي، لكن كل شئ تلوث في مصر، حتي اللغة تحورت وتزيفت، وانخلعت فيها المعاني عن مباني ألفاظها، وصار الإصلاح الاقتصادي بالذات كلمة سيئة الصيت، ما إن تسمعها حتي تتحسس دماغك، ودعك من تحسس جيوبك، فلم يبق فيها شئ قابل للمس غالبا، والإصلاح الذي جربوه فينا سنينا عددا، انتهي إلي خراب مستعجل بالجملة، دمر اقتصاد البلد، وأنهك عافية التنمية، ودفع أغلب المصريين إلي ما تحت خطوط الفقر والبطالة والمرض والعنوسة والبؤس.
وهم يعودون اليوم إلي ترديد نغمة الإصلاح نفسها، ويعزفون ذات الأسطوانة المشروخة، والتي أصمت آذاننا علي مدي ثلاثين سنة مضت، وبذات الوصفة التي لا تتبدل ولا تتغير عناصرها، ويعدون الناس باقتصاد السمن واللبن والعسل، ولكن بعد أن تأخذ جرعة الدواء المر كاملة، ذات الدواء الذي أخذه البلد مرارا، ولم ينته به أبدا إلي شفاء ولا إلي شبهة تحسن، بل انتهي الدواء إلي استفحال الداء، والعودة إلي ذات الوجع منقحا ومزيدا ومضاعفا، وفي كل مرة، يعودون إلي ذات الجرة، فالمهم أن يرضي عنا صندوق النقد الدولي وأخوه البنك الدولي، والمطلوب غاية في البساطة، مجرد حزمة «قرارات صعبة» من إياها، خفض لدعم المواد البترولية إلي أن يتم شطبه كليا، ومضاعفة أسعار تذاكر المترو والقطارات والمواصلات والنقل، وزيادات إضافية متلاحقة في فواتير المياه والكهرباء والخدمات الحكومية، فوق الغلاء الذي تضيفه ضريبة القيمة المضافة، إضافة لتعويم سعر صرف الجنيه، والاعتراف الرسمي بعظمة وأبهة جنون الدولار، ورفع الأسعار المرتفعة الملتهبة أصلا إلي مقام الجنون نفسه، وخفض الإنفاق الاجتماعي، وتجميد الأجور والمعاشات علي هزالها وتدنيها المفزع، والتضحية بما تبقي من أصول الملكية العامة، وخصخصة و»مصمصة» البنوك والشركات الاستراتيجية الرابحة، وكل ذلك حتي تعتدل موازين الموازنة المنهكة، ويصفو لنا مزاج صندوق النقد الدولي، ويتكرم بمنحنا قروضا، قيل انها تصل إلي 12 مليار دولار علي ثلاث سنوات، وزادت البشريات إلي توقع اقتراض 21 مليار دولار جديدة ببركة شهادة الصندوق، وكأن البلد «ناقص ديون»، فقد بلغت ديوننا الخارجية إلي 54 مليار دولار حتي ما قبل ثلاثة شهور، وإضافة القروض الجديدة إلي غيرها مما نعلم ولا نعلم، قد يقفز بهم الديون الخارجية إلي حاجز المئة مليار دولار، فوق ما نعرفه من حجم الديون الداخلية التي تناهز إجمالي حجم الناتج القومي، وإضافة تلال الهم علي رأس «الزبون» الذي هو المواطن العادي، ومن بعده أولاده وأولاد أولاده من أجيال تأتي، وحيث تكون الحكومات الحالية، والحكومات التي تلحق، قد ذهبت إلي قبور النسيان، ونجت من كل حساب أو عقاب دنيوي، وصارت سطورا سوداء في دفاتر الذكريات الأليمة.
ولا يغرنك الكلام اللطيف الذي يسوقونه، ومن عينة «وطنية» برنامج الإصلاح، أو تشجيع الاستثمار الذي تحول عندنا من زمن إلي «استحمار»، أو العبارة المضجرة إياها عن عدم المساس بمحدودي الدخل، فالكلام هو نفسه الذي قالوه للناس مرارا، وكان المخلوع مبارك يردد العبارة ذاتها، وهي كلمة عنصرية بامتياز، تتحدث عن محدودي الدخل إياهم، وكأنهم جماعة من المعوقين بالخلقة، أو كأن الأقدار شاءت لهم وضعهم المتدني، وليس السياسات والاختيارات الحاكمة، والتي جعلتهم من «منهوبي الدخل» لا محدودي الدخل، وزادت في أعدادهم تباعا، وحتي صاروا أغلبية المصريين، وبنسبة تصل إلي تسعين بالمئة من الشعب المصري، لا تملك بالكاد سوي ربع الثروة الوطنية، بينما يملك 9% من المصريين الناجين مؤقتا ربعا آخر، وتملك شريحة الواحد بالمئة من الأغنياء نصف الثروة بالتمام والكمال، وهؤلاء لا يجرؤ أحد علي الاقتراب من ثرواتهم وممالكهم و»كومباونداتهم»، ولا كنس فسادهم الذي شفط دخل البلد وأصولها، ولا فرض نظام الضرائب التصاعدية المعمول به في كل الدنيا، فأعلي حد لضريبة الدخل في مصر 22.5% لاغير، بينما المتوسط العالمي يصل إلي خمسين بالمئة، إضافة لإقامة أوكازيون ضرائب مجاني للأغنياء، فقد جري وقف العمل بالضريبة الهزيلة التي كانت تقررت علي أرباح البورصة، وألغيت الضريبة الاجتماعية الإضافية، وكانت نسبتها 5% لاغير علي من تزيد أرباحهم علي المليون جنيه سنويا، والأنكي أن السلطة رفضت كل النداءات العاقلة التي صدرت حتي عن بعض رجال الأعمال، وتغاضت عن طلب جمعية المستثمرين برفع الحد الأقصي للضرائب إلي ثلاثين بالمئة علي الأقل، فليس من طبع حكوماتنا أن تفكر في شئ من العدالة الاجتماعية، ولا حتي بعد ثورتين كأنهما لم تحدثا أصلا، والأفضل عندهم هو العودة إلي ما كان، وتحميل الفواتير كلها لأغلبية المصريين من الفقراء والطبقات الوسطي، والعودة إلي تجريب المجرب المخرب، ومنذ دخل صندوق النقد الدولي علي خط اقتصاد مصر بكثافة مع النصف الثاني للثمانينيات، وأوصي بروشتة «التثبيت النقدي» و»التكييف الهيكلي»، وهي مصطلحات أنيقة تبدو ملغزة لعوام الناس، لكن المصريين العاديين فكوا شفراتها وغرقوا في مآسيها، وعلي مدي ربع قرن سبق ثورة خلع مبارك، ولم تؤد الوصفة إياها إلا إلي النتيجة إياها، وهي زيادة غني الأغنياء ومضاعفة فقر الفقراء، وانزلاق غالب الطبقات الوسطي إلي هوة الفقر السحيق، ونشر الاضطراب والقلق الاجتماعي والسياسي، وإغراق البلد في ديون تودي باستقلالها وكفاءة اقتصادها، وعلي نحو ما حدث في غزوات الصندوق لبلدان كثيرة في العالم، فلم يدخل «صندوق النقد الدولي» بلدا إلا وخربه، وهو ما جعله يحمل بجدارة صفة صندوق «النكد» لا صندوق النقد.
وقد وعدنا الرئيس السيسي بالبحث عن أفكار وبدائل خارج الصندوق، لكننا نعود الآن لوضع الأسري داخل الصندوق نفسه، وإلي لعنة الإصلاح القديمة ذاتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.