د. وحىد عبدالمجىد خلال حواره مع أخبار اليوم أجري الحوار: أحمد مراد أهداف الثورة مازالت مؤجلة وجميع ثوراتنا لم تكتمل مسودة الدستور الجديد أفضل من دستور »71 « بخطوة واحدة تشدد كبير لمنع إلغاء قانون الحبس في جرائم النشر والرأي شدد المحلل السياسي د.وحيد عبدالمجيد المتحدث الرسمي باسم الجمعية التأسيسية للدستور علي ضرورة التوافق بين القوي السياسية المختلفة علي الأعمدة الأساسية للدستور الجديد حتي يخرج معبرا عن مختلف فئات المجتمع وملبيا لطموحات الشعب المصري. وقال د. عبدالمجيد في حوار مع »أخبار اليوم« : كان هناك تسرع غير مفهوم في إصدار مسودة الدستور الأولي في هذا التوقيت وكان من الضروري أن تصدر خالية من القضايا الخلافية ومن المواد التي توجد عليها خلافات،حتي يكون واضحا أمام الرأي العام أن هذه المواد الواردة في المسودة عليها توافق، وباقي المواد مازال عليها خلافات. وأكد أنه لم يكن لديه مخاوف من حل " التأسيسية "، وربما كان حلها يتيح فرصة لرئيس الجمهورية أن يصحح تشكيلها، مشيرا إلي أن المشكلة ليست من خارج الجمعية وإنما من داخلها، فإذا استقامت الأمور داخل الجمعية سيكون الأمر خيرا، وإذا لم تستقم فسوف ندخل في منعطف خطير. وأشارد. عبدالمجيد إلي أن المسودة الأولي للدستور لا تعبر عن كل أطياف الجمعية التأسيسية، ولا يوجد توافق عليها من غالبية أعضاء التأسيسية، وأن الكثير من أعضاء الجمعية فوجئوا بأشياء فيها لم يعلموا عنها شيئا من قبل . وفيما يلي نص الحوار في البداية .. سألته: كيف تري قرار محكمة القضاء الإداري بإحالة الدعاوي القضائية الخاصة ببطلان الجمعية التأسيسية إلي المحكمة الدستورية العليا ؟ أعتقد أن هذا القرار لا يعني الكثير بالنسبة للجمعية التأسيسية، ولاسيما أن المشكلة الأساسية التي تواجه الجمعية تأتي من داخلها وليس من خارجها، وتتمثل هذه المشكلة في أننا لم نستطع حتي الآن أن نتوصل إلي توافق أو حتي مقدمات توافق علي الأعمدة الأساسية للدستور الجديد، حيث إن هناك خلافا شديدا وجوهريا بين قوي الإسلام السياسي وقوي التيار المدني الديمقراطي حول عدد من القضايا الكبري، وهذا الخلاف إذا لم يُحل، وإذا لم يتم التوصل إلي توافق قد يكون من الصعب الوصول إلي دستور جديد، ومن ثم فإن الخطر علي التأسيسية يأتي من داخلها وليس من الخارج، وهذا الأمر ينطبق سواء علي الدعاوي القضائية أو المعارضة السياسية للجمعية، ولكن هذه المعارضة تقوي كلما عجزت الجمعية عن الوصول إلي مشروع دستور يعبر عن جميع فئات المجتمع، وكلما اقتربنا من دستوريعبر عن فئة من فئات المجتمع دون الفئات الأخري وهل كان لديك مخاوف من حل »التأسيسية« بحكم قضائي .. وهل هذه المخاوف لم تعد قائمة الآن؟ لم يكن لدي مخاوف من حل " التأسيسية "، وربما كان حلها يتيح فرصة لرئيس الجمهورية أن يصحح تشكيلها، فلا يوجد شر مطلق ولا خير مطلق، و قد يكون حل الجمعية التأسيسية " خيرا " إذا أعيد تشكيلها بشكل أفضل، ولكن المشكلة كما قلت ليست من خارج الجمعية وإنما من داخلها، فإذا استقامت الأمور داخل الجمعية سيكون الأمر خيرا، وإذا لم تستقم فسوف ندخل في منعطف خطير المسودة الاولي في ظل الوضع الشائك الذي تعيشه مصر حاليا، خرجت المسودة الأولي للدستور الجديد، وحدث ما كان متوقعا من خلاف علي العديد من النصوص والمواد الواردة فيها .. فما تقييمك لهذه المسودة ؟ الحقيقة أنه كان هناك تسرع غير مفهوم في إصدار المسودة في هذا التوقيت، وقبل طرح المسودة كان هناك وجهتا نظر، الأولي كانت تري أن من الأفضل أن تصدر مسودة عليها أكبر قدر ممكن من التوافق، والثانية كانت تري أن نطرح المسودة بما هو موجود فيها لكي نتيح فرصة للمشاركة الشعبية لإبداء مقترحات جديدة، وقد اقترحت أنا وزملائي من قوي التيار المدني الديمقراطي أن نصدر مسودة أولية خالية من القضايا الخلافية، ومن المواد التي توجد عليها خلافات وبالأخص المواد الجوهرية التي نعتبرها أعمدة أساسية في الدستور، بحيث يكون واضحا أمام الرأي العام أن هذه المواد الواردة في المسودة عليها توافق، وباقي المواد مازال عليها خلافات، وبذلك نكون أمناء مع الرأي العام، وحتي تأتي ردود الفعل معبرة عن الواقع لأن كثيرا من ردود الفعل السلبية علي هذه المسودة جاءت نتيجة افتراض أن هذه المسودة تم التوافق عليها، وهو ما دفعنا إلي إصدار بيانا موقع عليه من 17 عضوا بالتأسيسية، نوضح فيه للرأي العام أن هذه المسودة لا تعبر عن كل أطياف الجمعية التأسيسية، وأن هناك خلافا أساسيا علي كثير من مواد المسودة، ولا يوجد توافق عليها وليت الأمر يقف عند حد عدم التوافق علي المسودة داخل التأسيسية بل أن هذه المسودة لم يطلع عليها أحد قبل إصدارها لدرجة أن غالبية أعضاء الجمعية فوجئوا بأشياء في المسودة لم يعلموا عنها شيئا من قبل، فعلي سبيل المثال لا الحصر فوجئنا بأن هناك مادة تنص علي تعيين كل رؤساء الجمهورية بعد انتهاء فترة رئاستهم في مجلس الشوري مدي الحياة، وهذا الكلام لم يطرح داخل التأسيسية، كما فؤجئنا أن المواد التي عليها خلافات مثل المواد المتعلقة بحقوق المرأة والطفل وحرية التعبير وممارسة الشعائر الدينية موجودة في المسودة من وجهة نظر الإسلاميين فقط ضد وجهة نظر القوي المدنية، والحقيقة أن الكثير من المواد الموجودة بالمسودة تعبر عن رأي ممثلي قوي الإسلام السياسي في التأسيسية، ولا تعبر عن رأي القوي المدنية علي الإطلاق هيمنة الرئيس ولكن .. لماذا أعلن التيار السلفي اعتراضه علي مسودة الدستور؟ السلفيون اعترضوا علي مادتين أو ثلاث فقط تتعلق بالشريعة الإسلامي. أما المواد المتعلقة بالحقوق والحريات فلم يعترضوا عليها، وهذه المواد لم يكن من اللائق أن توضع في المسودة قبل التوافق عليها من قبل غالبية اعضاء التأسيسية مؤخرا .. خرجت تصريحات متضاربة حول صلاحيات الرئيس بعضها يؤكد تقليص 60٪ من هذه الصلاحيات في الدستور الجديد، والأخري تكذب هذا الأمر وتؤكد أن نسبة التقليص لا تتعدي 10 ٪ .. فكيف تراها؟ المسألة ليست بالنسبة، فصلاحيات وسلطات الرئيس لا تقاس بالمتر، وإنما تقاس بتركيبة نظام الحكم، والحقيقة أن تركيبة نظام الحكم الموجودة في المسودة تجعل الرئيس مهيمنا علي هذا النظام كما كان الوضع في النظام السابق، وأود هنا أن أشير إلي أننا منذ بداية جلسات التأسيسية كنا نتحدث عن نظام مختلط يميل قليلا إلي النظام البرلماني، ولكننا فوجئنا أن هناك مواد تجعل نظام الحكم شبه رئاسي وقريبا جدا من النظام الرئاسي، وهذا النظام يجعل رئيس الجمهورية يحدد الحدود بين سلطات الدولة، ويجعله موجودا فوق سلطات الدولة الدستورية كلها كما كان في السابق، ويكفي أن تنص المسودة علي أن الرئيس يرعي الشعب، وهذا التعبير عيب أن يقال بعد ثورة أسقطت رئيسا كان يعتقد أن شعبه غنم فالشعوب لا ترعي وإنما تحكم وتقاد وما موقفك من النص الانتقالي الذي يبيح بقاء الرئيس مرسي حتي نهاية فترة ولايته ؟ .. وكيف تري مطالب البعض بإجراء انتخابات رئاسية جديدة ؟ النقاش في هذه المسألة ليس له أولوية، فالقضية الأساسية هي أن نصل إلي توافق علي الدستور لأنه إذا لم نصل إلي هذا التوافق ستكون هذه الامور كلها لا معني لها، وأنا شخصيا أفضل أن يكمل الرئيس مرسي فترة ولايته وفق الصلاحيات المحددة في الدستور الجديد، ولكن المهم أن يكون هناك دستور جديد، ويكون لائقا بمصر وبشعبها، ويعبر عن مختلف فئات المجتمع أخطر المواد هل تري أن هناك مواد في مسودة الدستور يمكن أن تعصف بأحلامنا في حياة ديمقراطية سليمة وتعيدنا إلي الوراء؟ المادة التي تعتبر الرئيس فوق السلطات الدستورية،وتجعله حكما بين السلطات وراعيا للشعب، وكذلك المادة التي تعطي الرئيس سلطة أن يجري استفتاء في أي وقت، وعلي أي أمر يراه، وبدون أي ضوابط أو شروط سوي أن يري أن هناك أمرا يرتبط بالمصلحة العامة من وجهة نظره، ومن المعروف أنه يسهل التلاعب علي إرادة الجماهير من خلال هذه الاستفتاءات، وهو الأمر الذي يجعلنا نصنع طغاة من جديد وماذا عن موقفك من مواد حرية الصحافة والإعلام بمسودة الدستور ؟ كان هناك اعتراض علي مادتين،الأولي تعرقل إلغاء قانون الحبس في جرائم الرأي والنشر، والثانية تفتح الباب امام وقف الصحف باحكام قضائية،وهذه المادة تم إلغاؤها بعد ضغوط شديدة، ولاسيما وأنه لايوجد نص قانوني يعاقب صحيفة بالوقف، كما أن نجاح نضال الصحفيين والقوي المدنية والديمقراطية في إلغاء وقف الصحف في ظل ديكتاتورية الانظمة السابقة يجعل عودة هذا الأمر في الدستور الجديد غير معقول وغير مقبول بالمرة أما فيما يتعلق بالمادة الأولي التي تعرقل إلغاء قانون الحبس في جرائم النشر والرأي، فهناك تشدد فظيع للتمسك بها، وتتردد مقولة " هم الصحفيين علي رأسهم ريشة "، وقد شرحت أن هذا الموضوع لا يخص الصحفيين وحدهم، وهم أقل فئة مستفيدة من هذا الأمر، لأننا نتكلم عن القضايا التي تسمي " جرائم العلانية "، والتي يدخل فيها كل وسيلة يتم التحدث فيها بطريقة علانية مثل خطباء المساجد، أو من يلقي كلمة في مؤتمر عام أو مؤتمر انتخابي أو في ندوة أو ضيوف البرامج التلفزيونية والاذاعية، وهم ليسوا صحفيين وإنما يمثلون غالبية فئات الشعب، كذلك أساتذة الجامعات الذين يلقون المحاضرات العامة، فكل هؤلاء نحاول أن نجعل لهم حماية من الحبس، فلا يجوز أن نضع واحدا من هذه الفئات مهما صدر عنه من تجاوز بجوار القتلة واللصوص في الحبس، ولكن من المقبول أن نضاعف الغرامات المالية وقد ثبت أن العقوبات المادية عقوبات رادعة جدا دستور بالغ السوء لو عقدنا مقارنة بين مسودة الدستور الجديد ودستور 71 فلمن تكون الافضلية؟ المسودة بشكل عام وفي مجملها أفضل من دستور71 بخطوة واحدة ، وإذا أخذنا في الاعتبار أن دستور71 بالغ السوء فمعني ذلك أننا نتكلم عن خطوة واحدة بين دستور بالغ السوء ودستور اخر، وهذا معناه أن الدستور الجديد لن يكون جيدا ، ورغم أنه لا يوجد اسوأ من دستور71 إلا أن هناك بعض الامور في مسودة الدستور الجديد تحمل تراجعا وتشددا أكثر مما كان موجودا، ولاسيما فيما يتعلق بمسألة ممارسة الشعائر الدينية، حيث إن دستور 71 كان ينص علي أن ممارسة الشعائر الدينية مصونة للجميع ولم يفرق في ذلك بين الاديان السماوية أو الاديان غير السماوية، وبالتالي كان يسمح للسياح الاجانب من غير اتباع الاديان السماوية بممارسة شعائرهم الدينية، بينما المسودة تحمل تشددا في هذا الأمر وتمنع علي غير اصحاب الاديان السماوية ممارسة شعائرهم الدينية في وقت وجودهم في مصر، فلا يستطيع سائح صيني بوذي مثلا ممارسة شعائره الدينية، رغم أنهم هناك في الصين يقيمون المساجد للمسلمين والكنائس للمسيحيين والحقيقة أن هناك تضخيما بالغ الحدة لبعض الأمور البسيطة داخل الجمعية التأسيسية، فعلي سبيل المثال هناك خوف هستيري من الشيعة جعل أحد أطراف الجمعية يطالب بنص يحظر التعرض للخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين، وهي أمور بسيطة لايمكن أن نوردها في الدستور، ويكفي أن نواجهها بوسائل أخري تتناسب معها . كما أن هناك حالة من الفوبيا من أشباح لا وجود لها علي أرض الواقع، ورغم ذلك يترتب عليها محاولات للتقييد علي بعض الأمور البسيطة، ومن ثم نكون مطالبين ببذل مجهود كبير حتي نقنع هؤلاء بأنه لا يوجد أشباح ولا عفاريت أزمات جديدة وهل تتوقع مزيدا من الأزمات يمكن أن تنفجر قريبا في وجه الجمعية التأسيسية ؟ .. وهل يمكن لهذه الأزمات أن تعطل إصدار الدستور ؟ إذا لم نصل إلي التوافق الذي نسعي إليه سوف تكون هناك أزمة كبيرة داخل التأسيسية، حيث إن عدم التوافق معناه أن هناك فريقا التيار المدني سوف ينسحب من التأسيسية لاننا لا نقبل أن نكون جزءا من جمعية تصدر دستورا لا يعبر عن مختلف فئات المجتمع، وأمام هذا الأمر هناك احتمالان لرد فعل الطرف الآخر تيار الإسلام السياسي فإما أن يعيد النظر في موقفه ويدرك أن طريقة المغالبة خطيرة علي مستقبل مصر أو يمضي في طريقه ليخرج دستورا يتبع هواه، وفي هذه الحالة لن يكون دستورا ولن يستمر وأخيرا .. هل تتوقع في حالة حدوث التوافق أن يخرج عن الجمعية التأسيسية دستورا يرضي طموح المصريين ويحقق أهداف ثورة 25 يناير؟ بمنتهي الامانة، لا أتوقع ذلك، حتي لو حدث توافق علي الدستور لن يكون معبرا عن ثورة يناير التي فشلت في تحقيق أي من أهدافها حتي الآن، حيث إن أهدافها لا تزال مؤجلة، مثلها مثل كل ثورات مصر التي لم تكتمل بداية من الثورة العرابية وحتي الآن، وما زلنا نسعي إلي إكمال هذه الثورات . كما أن ثورة يناير ليست أول ثورة يصدر بعدها دستور غير معبر عنها، فدستور " 32 " الذي صدر بعد ثورة " 19 " لم يكن معبرا عنها، وبعد ثورة يوليو "52 " صدر دستور " 54 " ورغم أنه كان يعبر عن أهدافها إلا أن قادة الثورة من الضباط الاحرار أرادوا أن يحاصروا ثورتهم بأنفسهم، فألقوا به في صندوق الزبالة، وأصدروا دستور 56 وكان هذا الدستور ضد الثورة التي قاموا بها . وأنا أطمح في دستور أفضل بشكل ملموس من دستور "71 " يفتح الباب أمام عمل شاق لتحقيق أهداف ثورة 25 يناير في وقت ما في المستقبل، وتكون هناك فرصة بعد ذلك لدستور يعبر عن أهداف الثورة والتي تمثل روح مصر