قانون الصحافة الذي صدر في الستينيات ولم يتغير علي مدي سنوات طويلة بسبب ضغوط رئاسية علي مجالس ادارات نقابة الصحفيين.. نص في مادة منه علي حظر ممارسة الصحفي لاي عمل يتعلق بجلب الاعلانات احتراما لنزاهة وحياد قلمه.. وحتي لا تمثل ضغطا يؤثر علي ضميره وادائه المهني. النص المانع ظل مطبقا ومحترما حتي وصلنا الي الثمانينيات.. وارتفعت تكاليف واعباء المؤسسات الصحفية.. واصبحت الاعلانات فيها احد اكبر واهم مواردها. استعانت الجرائد بالصحفيين لمساندة ادارات الاعلانات وتعظيم مواردها بحكم علاقاتهم واتصالاتهم الواسعة بالقائمين علي ادارة الشركات والهيئات والمؤسسات من القطاع الخاص والعام. ادي هذا التعاون ما بين الصحافة والاعلان المحظور الي تحقيق ايرادات ضخمة للمؤسسات الصحفية.. حصل الصحفي مقابلها علي نسبة ضئيلة من قيمة الاعلان في صورة حافز او مكافأة من جريدته.. يدفع عنها ضرائب للدولة. زادت علاقة الارتباط بين الصحافة والاعلان بعد الخصخصة والسوق المفتوح وتعاظم دور القطاع الخاص وانعكس ذلك علي نوعيات من الصفحات الاعلانية المتخصصة لوزارات خدمات وبنوك وشركات عقارية واسكان وتعمير وغيرها. وصل الامر الي ان بعض المؤسسات الصحفية اختارت رؤساء لمجالس اداراتها من صحفيين يتمتعون بنفوذ في مجال جلب الاعلانات لصحفهم وليس اعتبارا لمستوي الكفاءة الصحفية.! الجهاز المركزي للمحاسبات ابدي في تقاريره السنوية عن المؤسسات الصحفية القومية اعتراضه علي حصول صحفيين علي مكافآت جلب اعلانات.. باعتبارها مخالفة لقانون نقابة الصحفيين وطلب ايجاد حل لها بالاتفاق مع نقابة الصحفيين التي لم تهتم كعادتها علي مدي سنوات.. لكن المؤسسات الصحفية دافعت عن محرريها بانهم أتوه بموارد مالية لها قيمة في دعم ميزانية الصحف!. البلاغات الكيدية التي تلقتها بعض النيابات كشكاوي من زملاء في المهنة ضد بعضهم في هذا الشأن تم حفظها باعتبار انه شبه عرف سائد في مجال الصحافة!. لكن مؤخرا تصاعدت ازمة عمولات او مكافآت الصحفيين عن الاعلانات عندما جاء نقيب الصحفيين ممدوح الولي القادم من جريدة الاهرام حيث يوجد اعلي نسبة تعاون صحفي اعلاني علي مستوي صحافة مصر.. ووضع مع فريق من الاعضاء شروطا لاختيار مرشحي رئاسة التحرير ومجالس الادارات في الصحف.. كان ابرزها الا يكون ممن لهم علاقة بالاعلانات.. ولا سبق له السفر للخارج سنوات.. ولا عملوا كمستشارين لجهة حكومية او غيرها.. وبتلك الموانع التي اخذ بها المجلس الاعلي للصحافة الذي يضم النقيب بين صفوفه.. تم استبعاد كثير من الصحفيين المؤهلين لمناصب الرئاسات في الصحف القومية.. وجاءوا بنقيب الصحفيين رئيسا لمجلس ادارة الاهرام!. الحملة ضد الصحفيين الذين جلبوا لمؤسساتهم ملايين تصاعدت مؤخرا وصلت الي شكاوي وبلاغات من المجلس الاعلي للصحافة مطالبا باسترداد ما حصلوا عليه.. متجاهلا حجم المكاسب المالية التي منحوها للمؤسسات القومية من جراء نشاطهم وان ما تقاضوه عليه مكافآت علي عملهم.. ولم تكن سرقة ولانهبا ولا تربحا غير مشروع من موارد المؤسسات الصحفية.! الغريب ان نقيب الصحفيين والمجلس الاعلي تجاهلوا قضية حصول رؤساء التحرير السابقين علي نسبة من اجمالي اعلانات المطبوعات التي ترأسوها.. وايضا اغمضوا اعينهم علي حجم النسبة التي خصصها رؤساء مجالس الادارات السابقين أيضا لانفسهم من اجمالي اعلانات المؤسسة وتلك ارقام تصل للملايين سنويا وتعد اعتداء ونهبا لاموال الصحف وهذا قمة المخالفة لانهم لم يأتوا لها بموارد حتي يحصلوا علي نسبة فيها!. كان الاجدر بنقيب الصحفيين ان يبادر بايجاد حل للمشكلة.. ويضع الامور في نصابها.. وكان من الافضل لمجلس الشوري وتابعه المجلس الاعلي للصحافة ان يحاسبوا رؤساء التحرير ورؤساء مجالس الادارات السابقين علي الملايين التي تقاضوها من حصيلة اعلانات المؤسسات الصحفية التي ترأسوها.. فهي تربح من الوظيفة.. ومن موارد لم يجلبوها.. وتقدر بالملايين سنويا.. حتي يكون الحساب منطقيا وعادلا.. وقانونيا.. فهم الان ينطبق عليهم الحديث الشريف »إنما أهلك الذين من قبلكم انهم كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه.. واذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد«.!!