الصحافة القومية منذ تأميمها في الستينيات وحتي الآن كانت ضحية لنقابتها.. وما يسمي بمجلس الشوري وتابعه المجلس الأعلي للصحافة! تعاقب علي النقابة وترأسها نقباء من رؤساء مجالس إدارات الصحف القومية من أهل الثقة والولاء للحكومة.. وأيضا توالي علي رئاسة وعضوية مجلسها الأعلي للصحافة رموز وفلول انظمة الحكم الديكتاتوري. هؤلاء جميعا كانوا أدوات الدولة في حصار الصحافة والصحفيين.. وتعطيل مسيرتها المهنية وضياع حقوق أصحابها! النقابة والمجلس الأعلي للصحافة جاءوا بعد الثورة.. واستمروا علي نفس الخط القديم في الصمت وتجاهل قضايا المهنة وأصحابها.. ولم يهتموا إلا بوضع ما يسمونه بمعايير اختيار رؤساء التحرير الجدد.. لمواصلة السيطرة القديمة علي أمور الصحافة القومية! تجاهلوا عمدا قضايا كثيرة ومهمة تفجرت وخنقت أهل المهنة ولم يعد يصلح الصمت حلا لها.. أولها قانون نقابة الصحفيين الذي صدر منذ أكثر من أربعين عاما.. ولم يتم خلالها تعديله ولا تبديل أي من نصوصه حتي الآن.. رغم ما تضمنه من ظلم لرموز مهنة الكتابة والفكر.. ذلك انه نص علي حرمان الصحفي من معاش النقابة خلافا لما هو معمول به في جميع نقابات مصر.. حيث اشترط عليه لكي يحصل علي المعاش ألا يباشر أي عمل من أعمال الصحافة.. أو يلتحق بأي من أنشطتها في الداخل والخارج.. وينتقل اسمه من جدول المشتغلين إلي جدول المعاشات.. مع حرمانه من حق حضور الجمعية العمومية للنقابة.. أو الترشح أو التصويت لمناصب النقابة.. عدا حرمانه من حق المشاركة في أمور المهنة.! جموع الصحفيين ممن تعدوا سن الستين تنازلوا عن حقهم في المعاش.. وتمسكوا باستمرار أقلامهم في الكتابة..! القانون الظالم يحيل الصحفيين إلي المعاش في سن الستين.. ويتم التجديد لهم سنويا إذا وافق رئيس التحرير علي ذلك.. وبمكافأة يحددها.. وله حق حرمان الصحفي من الرعاية الصحية والارباح والحوافز وغيرها.! هذا القانون دخيل علي الصحافة وشرعه لنا السادات لنا عندما عارضت الاستاذة أمينة السعيد رئيس تحرير ومجلس إدارة دار الهلال اتفاقية التطبيع .. وأراد الخلاص منها ومن رموز المعارضة في الصحافة القومية..! مات السادات.. واستمر قانونه ضمن أدوات الدولة لعقاب الصحفيين ووضع رقابهم تحت مقصلة رؤساء التحرير.. بينما يتمتع أساتذة الجامعات والقضاة بالمد المفتوح وبكل المزايا التي كانوا يتقاضونها فوق المعاش.. دون اخضاع ولا إذلال! أيضا هناك قضية مرتبات الصحفيين وهي الأقل علي مستوي باقي النقابات المهنية.. بسبب فرض ضرائب وأعباء مالية علي مواردها كالإعلانات.. وذهاب جزء من حصيلتها إلي ما يسمي بمجلس الشوري أو تابعه المجلس الأعلي للصحافة! تبقي قضايا أخري كثيرة خنقت الصحافة وأساءت الي سمعتها مثل فتح الأبواب لإصدار مطبوعات ونشرات تحت مسمي صحفي.. وخضوع النقابة لمنحهم العضوية.. بلا ضوابط تحمي قيم النقابة وتحفظ مواردها من التبديد! يأتي الأخطر في إرغام الصحف القومية علي ضم المطبوعات الخاسرة ومحرريها إلي صفوفها علي حساب مصالح أبناء تلك الصحف الناجحة وبالمخالفة للقواعد المالية وتجاهل تأثيرها واضرارها علي المراكز المالية فيها! لهذا أقول.. كان الله في عون صاحبة الجلالة من إملاءات النظام.. وغيبوبة نقابتها.. ومجلسها الأعلي.. بعدما نزعوا التاج من رأسها.. ودمروا عرشها عمدا ومع سبق الإصرار!