لم يعد استصلاح الاراضي الجديدة مجرد مشروع قومي فقط بل يتعدي ذلك إلي حماية الامن القومي ولكي يكون القرار مصريا خالصاً فلابد ان نأكل من فأسنا حتي يكون القرار من رأسنا فمن لا يملك غذاءه لا يملك قراره وذلك في ظل تصنيف منظمات عالمية كثيرة بان مصر متجهة نحو فقر مائي ومجاعة غذائية في ظل الفجوة الغذائية التي تزداد اتساعا يوماً بعد يوم بالتعدي الغاشم والمتعمد بتبوير الاراضي الزراعية بالبناء عليها حيث ان هذه الاراضي لا تقدر بأي ثمن حيث انها تكونت عبر آلاف السنين من طمي النيل ذي الخصوبة والجودة العالية وقد ورثناها من الآباء والأجداد ولم نستطع الحفاظ عليها وتنميتها ولم تصبح الأرض غالية علينا كما كانت الأرض كالعرض والشرف. بل نقضي عليها بالمباني العشوائية التي لا منظر لها والكالحة الشكل التي تتواري خلفها المساحات الخضراء وأصبحت رؤيتنا للزرع تكاد تكون نادرة في ظل الزحف الخرساني القبيح كالنار المستعرة التي تلتهم كل ما هو اخضر امامه تحت سمع وبصر كل اجهزة الدولة بل الادهي والانكي ان يتم توصيل المرافق من خلال الذمم الخربة والفاسدة بالمحليات في وضح النهار تحت سمع وبصر كل اجهزة الدولة فكيف يتم ذلك بالله عليكم يا سادة؟! وكذلك الانفجار السكاني والزيادة السكانية الرهيبة التي لا رابط لها حيث تقضي علي اي بصيص امل في أي مشروع تنموي قادم حيث يزداد تعداد السكان سنويا بأكثر من 2٫5 مليون نسمة. فلننظر إلي الدلتا التي من المتوقع في القريب العاجل ان تصبح من اكثر المناطق كثافة سكانية عالية علي مستوي العالم فالمتوقع في ظل هذا التبوير والتخريب والبناء العشوائي ان تنتهي الدلتا وتنمحي كأرض زراعية وسلة غذاء للوطن في اقل من خمسين عاما من الآن اصبحت القري مزدحمة والطرق مكدسة ولا توجد بنية اساسية من مياه وصرف ومدارس تكفي القائم الآن من السكان فما بالك بعد خمسين عاما حيث تتحول القري من قري منتجة إلي قري استهلاكية رهيبة لا تعمل ولا تنتج. ولذلك فالمشروع القومي لاستصلاح الاراضي ليس مجرد مشروع بل خلق حياة جديدة ومجتمعاتة عمرانية جديدة بعيدة كل البعد عن الوادي القديم والدلتا ايضا. وسبق وان قلنا ان هذا المشروع اكبر من أن تقوم به هيئة تابعة لوزارة الزراعة تحت مسمي شركة الريف المصري بل اصبحنا في حاجة ماسة وملحة إلي انشاء وزارة لاستصلاح الاراضي وخلق مجتمعات جديدة جدا وتسند هذه الوزارة إلي الرجل الوطني القوي سيادة اللواء كامل الوزير المشهود له بالكفاءة والوطنية في انجازات المشروعات القومية الكبري مثل قناة السويس الجديدة وشبكة الطرق.. الخ. فلابد من خلق مجتمعات عمرانية جديدة زراعية وصناعية في قلب العوينات وما المانع ان تصبح محافظة العوينات وتضم اليها الداخلة والواحات البحرية والفرافرة محافظة واحدة تحت اسم الفرافرة ومنطقة منخفض القطارة وبحيرة ناصر وسيناء الغالية وخاصة منطقة وسط سيناء التي تستحق ان تكون محافظة وسط سيناء التي يجب زراعتها بالزرع والبشر والمشروعات التنموية حيث انها البوابة التي يأتي منها الغزاة علي مر التاريخ القديم والمعاصر. ولكن مشروعات استصلاح الاراضي بالطرق القائمة والحالية بها عوار كثير حيث يحتكر امتلاك واستزراع الاراضي الجديدة مجموعة محدودة ومعلومة من المستثمرين فكيف يسمح ان يكون هناك مستثمر واحد يمتلك اكثر من خمسين الف فدان وهؤلاء لا يزرعون إلا المحاصيل التصديرية التي تعود عليهم وحدهم بالمكاسب الطائلة حيث يزرع ما يحقق له الارباح فقط ولا يتمشي مع حاجة الشعب للمواد الغذائية من الحبوب الرئيسية والزيوت واللحوم والدواجن والبيض بل تقوم الدولة بصرف له دعم الصادرات فمن يستحق الدعم المزارع الصغير الكادح والمطحون ام المستثمر الحوت الرابح دائما والمدعوم من قبل الدولة. فالأرض الجديدة يجب أن تزرع بالحبوب الرئيسية فقط من القمح والفول والبنجر والبرسيم شتاء والذرة البيضاء والصفراء وفول الصويا والسوداني وعباد الشمس صيفا مع اعلان الدولة عن شراء واستلام المحاصيل من المزارعين قبل الموسم الزراعي بأسعار مجزية حتي لو تقوم الدولة بالدعم باعلي من الاسعار العالمية حتي نتمكن من سد الفجوة الغذائية ونقلل من الاستيراد.