لأول مرة أري زوجتي تنفلت منها أعصابها وهي تعلن غضبها علي سباق الإعلانات الذي أفسد علي المشاهدين الاستمتاع بمسلسلات رمضان وبالذات المسلسل الناجح جدا « جراند أوتيل « الذي يجسد جزءا من ثروتنا السياحية علي طريق المسلسلات التركية والتي جذبت المصريين إلي تركيا.. فهذا المسلسل هو صورة من الزمن الجميل لصعيد مصر.. وللحق هذا المسلسل شد انتباه كل المصريين وكان سببا في أن تدير زوجتي ظهرها لعدد من برامج التوك شو المفتعلة والمشتعلة وبالذات برنامج الحريق والذي يستخف بعقول المصريين علي اعتبار أن الفنانين ضيوف البرنامج لا علم لهم بالحريق.. مع أن حركاتهم كانت مفتعلة لتحليل شكل رزم الدولارات المدفوعة لهم.. ولا أعرف كيف فات علي المعلنين الممولين لهذا البرنامج استياء المشاهدين من تكرار هذه المشاهد السخيفة.. - أنا شخصيا متفق تماما مع زوجتي علي أن إعلانات التليفزيون ظلمت المشاهد في رمضان وشوهت من طقوس هذا الشهر العظيم بمسلسلات محشوة بالإسفاف والمخدرات والقتل وللأسف ساهمت وكالات الإعلان في تمويلها بغرض تشويه صورة بلدنا الجميلة من خلال دعمها لهذه المسلسلات بالإضافة إلي مجموعة من البرامج الهايفة باستثناء بعض البرامج لا تدخل تحت سيطرة الإعلان لأنه لا يصلح عرض إعلانات بين فقراتها مثل البرامج الدينية المحترمة وبالذات البرنامج الديني « درجات المعرفة « الحوار اليومي مع فضيلة الدكتور علي جمعة والمحاور الممتع عمرو خليل.. وإذا قيمنا المسلسلات التي كانت في المرتبة الأولي فسنجدها مسلسلا أو اثنين ولكي لا أكون ظالما أضيف لهذه القائمة مسلسل « نيللي وشاريهان» لبنات الفنان سمير غانم علي اعتبار أن شريحة كبري من المشاهدين كانت تتابعه بعد « جراند أوتيل « والذي كان سببا في عودة السياحة الداخلية بكثافة غير مسبوقة إلي الأقصر وأسوان.. أما عن رأيي الشخصي في بقية المسلسلات وبرامج التوك شو فأقول للمعلنين « عوضكم علي الله في فلوسكم « ولا تضحكوا علي أنفسكم وتكونوا نسخة من الكذاب الذي صدق نفسه.. فإعلاناتكم في هذه المسلسلات رغم أنها دخلت البيت المصري بغير استئذان لم يكن لها تأثير عند المشاهد بالقدر الذي تحقق في مسلسلات الدراما الهادفة.. - أباطرة الإعلان تصوروا أنهم ضحكوا علي المشاهد عندما اقتحموا عليه خلوته من خلال مسلسلات شهر رمضان، ولهم الحق في أن يتصوروا ما يتصورونه لأنهم لم يدرسوا سيكولوجية المشاهد الذي يمل من كثرة الإعلانات في فاصل واحد قد يجعله ينسي ما سبق في المسلسل.. للأسف فاتهم أن هذه المسلسلات تعرض في محطات عربية أخري بإعلانات بلادها لكن بشكل آخر غير ممل.. حجم الإعلانات ضعيف فيها جدا ليس لعدم توافر المعلن لكنه تقاليد وعرف في المحطة وهو احترامها للمشاهد.. مع أنهم قادرون علي بث عشرات الإعلانات لكن كونهم يعتبرون أن المشاهد عندهم رقم واحد.. فهذه بلاد تحترم مواطنيها عكس ما يحدث عندنا.. المحطات الفضائية الخاصة تري أن الإعلان أهم من المشاهد بدليل القطع علي الحوارات التي تبث علي الهواء لبث فقرات إعلانية ومش مهم من هو الضيف وما أهمية الحوار.. - لقد توقفت عند رسالة وصلتني من خلال الفيسبوك من الابنة الشابة أميرة الجمال وهي واحدة من جيل المثقفات تعلق علي انحدار مستوي الدراما عندنا فتقول « للأسف الدراما في رمضان لم ترق إلي المستوي المشرف وكأننا نعطي العالم العربي الفرصة لكي يري وحاشة المصريين كشعب « بلدي شرشوح « قتال قتلة.. ونأتي للإعلانات فهي لوحدها حكايتها حكاية يعني حوسة كبيرة بالرغم أن الواحد بيفرح بوجود شركات كبري للإعلان تحتضن مواهب من الشباب في الإنتاج، لكن حزني هو الفشل في توظيف المنتج الإعلاني الذي أصبح سببا في تطفيش المشاهد إلي محطة مثل أبوظبي تعرض المسلسلات بدون إعلانات.. فهل يعقل أن الفقرة الإعلانية في المسلسل تستغرق 13 دقيقة في حين أن المقطع من المسلسل يستغرق ثلاث دقائق.. - رسالة أميرة الجمال تحذر من ظاهرة الانفلات الإعلاني وتأثيره علي التليفزيون.. لذلك أسعدني أن يتناول الخبير الإعلامي المعروف الأستاذ الدكتور حسن عماد مكاوي هذه القضية ويتساءل من يتصدي لفوضي الإعلانات.. هو يري خطورتها لأن الإعلان له دور وظيفي لصالح المجتمع يوم أن يرتقي بالذوق العام في ظل بيئة إعلامية المفروض أن تتوافر فيها الضوابط التشريعية التي تحد من نفوذ الوكالات الإعلانية التي تعتبر المصدر التمويلي للقنوات الفضائية.. وللأسف في مصر بات الإعلان فيها عائقا في تقديم الإعلام المفيد والجاد وأصبح سببا في التشويش الذهني للمشاهد نتيجة للقطع المستمر وعرض المنتج الإعلاني.. - ويضيف الدكتور حسن عماد مكاوي الذي يؤسف له هو انتهاك خصوصية المرضي والأطفال والفقراء بشكل مهين من خلال الإعلان بصورة سيئة فيها امتهان لكرامة الإنسان ويجعل من المواطن المسكين مجرد سلعة بتصوير طفل مريض شاحب اللون اًو سيدة مسنة تتسول مسكنا للإيواء وكلها صور مسيئة تتنافي مع الكرامة الإنسانية.. - وفي النهاية أقول.. متي نحسن استغلال الإعلان وعرضه عرضا جيدا بحيث لا يؤثر علي المشاهد ولا يكون سببا في عكننته..