إطلاق الدفعة الثالثة من برنامج «الحوكمة المبتكرة في العصر الرقمي»    مدبولي من داخل مصانع العاشر من رمضان: رسالة الرئيس كانت دوما التركيز على الصناعة لتعميق المُنتج المحلي وتوفير الجانب الأكبر لاحتياجات السوق.. ونستهدف ضخ الشركات العالمية للاستثمار في مصر بشكل مستدام    إزالة «بناء» مخالف على طريق بلطيم الدائري بكفرالشيخ    هآرتس: حماس أعادت تنظيم صفوفها شمالي غزة    الأهلي يوقع غرامة مالية على محمد الشناوي لهذا السبب    بعد خطأ جسيم عرضها للموت.. تأييد حبس طبيب الإعلامية إيمان الحصري    لجلسة 10 يونيو.. تأجيل محاكمة متهمي الاتجار بالنقد الأجنبي    قصور الثقافة تقدم 14 مسرحية بالمجان في الإسماعيلية وبورسعيد وشرم الشيخ    محافظ كفر الشيخ يعلن بدء التشغيل التجريبي لقسم الأطفال بمستشفى الأورام الجديد    مواصفات وأسعار سيات إبيزا 2024 بعد انخفاضها 100 ألف جنيه    أخبار الأهلي : طلبات مفاجئه للشيبي للتنازل عن قضية الشحات    بعثة البنك الدولي تزور محطات رصد جودة الهواء ومركز الحد من المخاطر    نقيب الأطباء يشكر السيسي لرعايته حفل يوم الطبيب: وجه بتحسين أحوال الأطباء عدة مرات    وزير التموين: مصر قدمت 80 ٪ من إجمالي الدعم المقدم لقطاع غزة    آخرها هجوم على الاونروا بالقدس.. حرب الاحتلال على منظمات الإغاثة بفلسطين    وزير الصحة باحتفالية يوم الطبيب: الأطباء في عين وقلب الرئيس السيسي    «الأرصاد» تكشف حقيقة وصول عاصفة بورسعيد الرملية إلى سماء القاهرة    الدوماني يعلن تشكيل المنصورة أمام سبورتنج    رئيس الوزراء: إطلاق أول خط لإنتاج السيارات في مصر العام المقبل    نتائج منافسات الرجال في اليوم الثاني من بطولة العالم للإسكواش 2024    رئيس حزب الاتحاد: مصر صمام الأمان للقضية الفلسطينية    البابا تواضروس يدشن كنيسة "العذراء" بالرحاب    عقوبة استخدام الموبايل.. تفاصيل استعدادات جامعة عين شمس لامتحانات الفصل الدراسي الثاني    بعد ثبوت هلال ذي القعدة.. موعد بداية أطول إجازة للموظفين بمناسبة عيد الأضحى    ضبط المتهمة بالنصب والاحتيال على المواطنين في سوهاج    محافظ أسوان: توريد 137 ألف طن قمح من النسبة المستهدفة بمعدل 37.5%    تسلل شخص لمتحف الشمع في لندن ووضع مجسم طفل على جاستن بيبر (صور)    اللجنة العليا لمهرجان المسرح المصري تجتمع لمناقشة تفاصيل الدورة ال17    باسم سمرة يكشف سر إيفيهات «يلا بينا» و«باي من غير سلام» في «العتاولة»    الإمارات تهاجم نتنياهو: لا يتمتع بأي صفة شرعية ولن نشارك بمخطط للمحتل في غزة    الحفاظ على زيزو.. ماذا ينتظر الزمالك بعد نهائي الكونفدرالية؟    استشاري تغذية علاجية يوضح علاقة التوتر بالوزن (فيديو)    إحالة العاملين بمركز طب الأسرة بقرية الروافع بسوهاج إلى التحقيق    وزيرة التضامن تشهد عرض المدرسة العربية للسينما والتليفزيون فيلم «نور عيني»    المفتي يحسم الجدل بشأن حكم إيداع الأموال في البنوك    «صفاقة لا حدود لها».. يوسف زيدان عن أنباء غلق مؤسسة تكوين: لا تنوي الدخول في مهاترات    وزيرة التضامن: 171 مشرفًا لحج الجمعيات.. «استخدام التكنولوجيا والرقمنة»    منها المهددة بالانقراض.. تفاصيل اليوم العالمي للطيور المهاجرة للبيئة    التنمية المحلية: تنفيذ 5 دورات تدريبية بمركز سقارة لرفع كفاءة 159 من العاملين بالمحليات    تشكيل مانشستر سيتي – تغيير وحيد في مواجهة فولام    وزير الأوقاف: هدفنا بناء جيل جديد من الأئمة المثقفين أكثر وعيًا بقضايا العصر    وزير الصحة: تعليمات من الرئيس السيسي لدعم أطباء مصر وتسخير الإمكانيات لهم    جدول ترتيب الدوري الإنجليزي قبل مباريات اليوم.. فرصة مانشستر سيتي الذهبية للصدارة    تداول أسئلة امتحان الكيمياء للصف الأول الثانوي الخاصة ب3 إدارات في محافظة الدقهلية    بعد وصفه ل«الموظفين» ب«لعنة مصر».. كيف رد مستخدمي «السوشيال ميديا» على عمرو أديب؟    بسبب «البدايات».. بسمة بوسيل ترند «جوجل» بعد مفاجأة تامر حسني .. ما القصة؟    رئيس هيئة الرعاية الصحية يتفقد المستشفيات والوحدات الصحية بالأقصر    شروط وأحكام حج الغير وفقًا لدار الإفتاء المصرية    توريد 164 ألفا و870 طن قمح بكفر الشيخ حتى الآن    أحمد حسن دروجبا: "لا يمكن أن تكون أسطورة من مباراة أو اثنين.. وهذا رأيي في شيكابالا"    حادثة عصام صاصا على الدائري: تفاصيل الحادث والتطورات القانونية وظهوره الأخير في حفل بدبي    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    كرم جبر: أمريكا دولة متخبطة ولم تذرف دمعة واحدة للمذابح التي يقوم بها نتنياهو    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تقصف منزلًا في شارع القصاصيب بجباليا شمال قطاع غزة    عمرو دياب يحيى حفلا غنائيا فى بيروت 15 يونيو    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كوامل
التعليم من جيل إلي جيل
نشر في أخبار اليوم يوم 01 - 06 - 2016

توقفت في المقالة السابقة مع وعدٍ بالبدء انطلاقاً من الآية الكريمة : (وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ) آل عمران - 187.
وأكدت علي أن أمانة المعلم أو التعليم تأتي لبناء المجتمعات - وقد تكون، إذا لم تكن فعلاً - متساوية مع أمانة الحكام، بل قد تفوقها أحياناً، لأن الحكام والمدراء والوزراء لو تعلّموا جيداً لكان حكمهم رشيداً وكان عملهم رشيداً.. وتساءلت : هل تعليمنا اليوم فيه أمانة ؟
وتوسعاً في طرح السؤال أتساءل : هل تعليمنا اليوم وهل المعلم اليوم أمينٌ في تعليمه ؟ وهل المتعلم أمينٌ في التلقي ؟ وهل الآباء أمناء في تعليم أبنائهم ؟ وهل من يكتبون المناهج الدراسية أمناء في كتابتها ؟ ثم هل التعليم اليوم يخرّج لنا جيلاً متميزاً مبدعاً منتجاً وناجحاً ؟ وهذه قارئي العزيز قضيةٌ مهمة حيث إن التعليم واحد من أعظم الساحات التي تنمو فيها غِراسات القيم. والآن يوجد لدينا معلّمون يعلّمون العلم لكنهم في أغلبهم لا يؤدونه كاملاً في الفصل من أجل أن يأتيهم الطالب في الدروس الخصوصية، وهنا يكون المعلّم قد خان أمانته.. والرسول عليه الصلاة والسلام يقول : « من سُئل عن علمٍ فكتمه أُلجِمَ بلجامٍ من نارٍ يوم القيامة «.
والتعليم ماهو إلا عبارة عن مُعلم وعن منهج، وللأسف فقد ابتلينا بسوء الإثنين. فأنا من جيلٍ درست علي يد المدرسين الأولين - في الابتدائي والإعدادي والثانوي - الذين كان معظمهم من المدرسين المصريين. كان الأستاذ موسوعةً وكان قدوة في السعودية، بعد ذلك تدني مستوي المعلمين في مصر وفي غير مصر، فأصبحت سياسة الكم وليس الكيف هي التي تسيطر علي معاهد تخريج المعلمين.
والمعلم عليه حقوق وله واجبات، كنا إذا دخل الأستاذ الصف نقف له احتراماً، وفي أذهاننا ذلك البيت العظيم لأمير الشعراء أحمد شوقي : قُمْ للمُعلّم وَفِّه التبجيلا.. واليوم نسمع ونري أن بعض الطلبة يستهزئون بالمعلم أو الأستاذ، بعدما أصبح لا شخصية له. ومعظم المدارس للأسف والحسرة، أصبحت «مدرسة المشاغبين». وأنا لا أقصد التعميم في التعليم، فهناك نماذج من المعلمين نادرة، وهناك بعض المناهج القادرة، ولكن بفساد المعلّم وضعف المناهج أصبحنا نخرّج أجيالاً لا تستطيع أن تبني نهضة الأمة. وفي اعتقادي أن السبب الأول لهذا الأمر هو أن الهدف من العملية التعليمية برمتها من الابتدائية وحتي الجامعة، هو الحصول علي وظيفة وليس العمل في حد ذاته، وهناك بالطبع فرق بين العمل والوظيفة. فأنا أُدخِل ابني الجامعة من أجل أن يأخذ الشهادة، فساءَ التعليم عندما سعّرنا الشهادات. ومن أجل هذه الشهادة، يفعل الآباء كل شئ يمكنهم عبر المدارس الخاصة والمدرّسين الخصوصيين، التي جعلت من المدرسة والمدرس موظفين لدي أولياء الأمور، الذين يدفعون رواتبهم من مصاريف أولادهم ودروسهم الخصوصية.
وهذا الخلل في العملية التعليمية، أهم مسبباته، ضعف راتب المعلم، فكيف تريد مني كمعلم أن أُعلم ولدَكَ بأمانة وتفانٍ، وأنا راتبي قد يكون أقل من راتب السائق الذي يوصل ابنك إلي المدرسة ؟!
ونسمع ونري محاولات عديدة لإصلاح شئون قطاعات مختلفة في الدول ومنحهم مزايا مالية واجتماعية.. دون أن نلتفت إلي أحوال المدرسين، وهم المعدّون الحقيقيون لكل كوادر المجتمع. إن علينا في كل دولنا أن نعيد للمعلم مكانته فنبدأ بإعطائه حقوقه ثم نطالبه بأداء ما عليه من واجبات، حتي يعطينا ويعطي أولادنا في الفصل كل ما لديه من علم وتربية وإخلاص..
المشكلة كبيرة.. لأننا لم نعد نحترم المعلمين، المادة أفسدتنا وتدليل الآباء لأبنائهم وبناتهم هو أحد عوامل إهمال التعليم، ولهذا فأنا لا أضع المسئولية فقط علي وزارات التعليم، لكن كما قلت وأقول دائماً : إن المنزل والأسرة هما الساحة الأولي والأهم للتربية قبل التعليم. فهل أنا عوّدت ابني علي احترام المعلم ؟ إلي جانب ما هو مطلوب من مناهج وأسس لتأهيل المعلم من أجل أن يكون صالحاً ويكون مستريحاً مادياً لأداء دوره العظيم في التربية والتعليم.
لقد فقد المعلم كامل هيبته حين تحول إلي مدرّس متجول يطوف ببيوت طلابه بحثاً عن دخل إضافي وقد يكون عذره أنه يبحث عن توفير حياةٍ كريمة لأولاده والذين هم بدورهم ربما يأخذون دروساً خصوصية عند معلم آخر لمواد أخري. المعلم يأكل ويشرب الشاي في بيت الطالب، وربما أحياناً ينتظره حتي يستيقظ أو يجهز ليعطيه درسه ثم ينصرف إلي طالب آخر، وربما يجمعهم في مجموعات قد تصل في عددهم إلي ما يوازي عدد بعض الصفوف المدرسية، وهذا ليس حكراً علي طلبة المراحل الابتدائية إلي الثانوية، بل أصبح نظاماً يتبعه حتي طلبة الجامعات حتي في أهم الكليات.. كالطب.. عندما أصبح كتاب أستاذ المادة هو المصدر الذي تأتي منه الأسئلة وتوجد به الإجابات. ونحن وأولادنا أصبحنا أسري لهذه الشهادات التي لم تعد التقييم الحقيقي لمستوي العلم والمعرفة عند معظم الخريجين والذين يصطدمون بالواقع العملي، حين يتوجهون إلي الممارسة الحقيقة للعمل.
كنت في جيلي والجيل الذي قبلي، كان الذي يمتحن كفاءة الموظف أو طالب العمل، هو صاحب العمل. فأنا مثلاً أريد محاسباً فأمتحنُ المحاسب بنفسي حتي إذا تأكدت من أهليته كان له حق الحصول علي العمل. أما الآن فالمطلوب أن أعيّن من لديه بكالوريوس محاسبة، أعينه بقوة القانون - قانون العمل - وهو لا يعرف الكثير مما يؤهله للعمل لأنه أصلاً لم يدخل الجامعة لتلقي العلم الحقيقي، وإنما دخلها ليأخذ هذه الشهادة التي لا تسمن ولا تغني من جوع في كثيرمن الحالات والمجالات.وللمعلومية أيها السادة : بعد قنبلة هيروشيما، رفعت اليابان راتب المعلم بما يوازي راتب الوزير.. لأنها كانت امام مرحلة بناء يابان جديدة، لا يبطل قوة الدمار التي أصابتها، إلا بناء معلّم قادر علي أن يجعل من اليابان بلداً يحترمه العالم كله، ولا يعود قادراً علي تدميره بقنابل أخري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.