أعتز بالخلاف في الرأي مع ثلاثة من أبنائي في صحيفة "المساء" هم الزميل الأستاذ مؤمن الهباء رئيس تحرير "المساء" السابق والزميل الشاعر الأستاذ يسري حسان نائب أول رئيس تحرير "المساء" حالياً والزميل الأستاذ أحمد عمر عبدالوهاب نائب رئيس التحرير المشرف علي صفحات أخبار المحافظات في الصحيفة. أقول إنني سعيد بهذا الخلاف في الرأي لأنه يدل علي أن "المساء" صحيفة ولادة.. فما أن ينتهي منها جيل من أساتذة الصحافة والأدب حتي يولد جيل جديد يثري صفحاتها بهذا الزخم من العبقرية التي ستظل عنوانها مع مستقبل الأيام. وسعادتي بجيل الوسط الذي أعاصره تنبع من منطلق أنهم بمثابة أبنائي.. والإنسان لا يحب أن يري من هم أفضل منه إلا أبناءه.. فهنيئاً لهم وللمدرسة التي صقلت مواهبهم وفريحتهم حتي أصبحوا علي ما هم عليه من رأي سديد وفكر ناضج ولغة سلسة وعبقرية التعبير. ولست أقصد بأبنائي في "المساء" هؤلاء الثلاثة فقط.. فهناك زملاء آخرون أعتز بهم وأبناء آخرون يسعهم قلبي بكل الحب والترحاب.. وإنما آثرت هؤلاء الثلاثة بالاسم للخلاف في الرأي حول دور المدرسة في تعليم أبنائنا التلاميذ والطلاب. وموضوع الخلاف ينصب حول من منا الأصح ومن منا الذي أخفته العيوب القائمة في المدارس حالياً عن رؤية الدور الذي يجب أن تضطلع به لتؤدي دورها علي الوجه الأكمل. فعندما يأتي وزير للتربية والتعليم ويريد ضبط إيقاع العمل في المدارس التي هي الأساس في العملية التعليمية. ويبدأ من الصفر ويؤكد علي ضرورة حضور الطلاب إلي المكان الذي خصصته الدولة لتلقي العلم هي نساع ونبدأ في مهاجمته علي الفور ونسوق الحجج المعروفة للجميع ونطالبه بأن يحل هذه المشاكل أولاً ثم يتصرف بعد ذلك كيف يشاء؟! البداية أيها الزملاء الأعزاء هي أن تعمر المدرسة بالطلاب. ويتم إكراه المدرسين جبراً علي أن يقوموا بواجبهم التعليمي.. فالمدرسة قوامها الأساسي الطالب والمعلم وبدون ذلك لا تكون مدرسة علي الإطلاق. الدكتور الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم الذي شرع في تطبيق هذا المفهوم.. هل يكون جزاؤه الهجوم عليه بضراوة لأنه أراد أن يرسخ دور المدرسة كمكان لتلقي العلم ويجبر المدرسين علي الالتزام للقيام بواجبهم.. ولو فرضنا أن بعض المدرسين في البداية تخلفوا عن الحضور فهل نلومه علي ذلك ولا نصبر عليه حتي يضع الأمور في نصابها الصحيح؟! إذا جاء وزير ويبدأ الإصلاح بعد فوضي غير خلاقة انتابت نظامنا التعليمي بعد أن ترك الدكتور حسين كامل بهاء الدين منصبه حيث كان صارماً في ضبط العملية التعليمية هل نبدأ علي الوزير الجديد حرباً بلا هوادة ونطالبه بالاستقالة ليريح ويستريح وتبقي الفوضي علي حالها؟! متي وكيف إذن ينصلح حال التعليم إذا لم نبدأ من الآن؟ الزملاء المعترضون يقولون لابد أن يبدأ الوزير بإصلاح حال المدرسة.. فتكون صالحة لاستيعاب الطلاب دون تكدس.. ويأتي بمدرسين أكفاء ملتزمين.. ويطور المناهج طبقاً لأحدث أساليب التعليم في العالم.. ويغير نظام الامتحانات التي تعتمد علي الحفظ وليس علي الفهم.. ويطور الكتاب المدرسي ليساير الكتب الخارجية.. ويضبط إدارة المدرسة لتقوم بدورها.. وتكون هناك أنشطة مختلفة يشبع خلالها الطلاب هواياتهم.. إلخ!! فإذا حدث ذلك عندئذ نطالب الطلاب بالحضور ويكون من حق الوزير تخصيص درجات لحضورهم وسلوكهم!! وأنا أقول للزملاء: هل يمكن أن يتم ذلك بين يوم وليلة؟! وهل الوزير يملك عصا موسي التي انقلبت إلي حية تلتهم كل الخارجين عن العملية التعليمية؟! لماذا لا نعطي الوزير فرصة ليبدأ ونضع يدنا في يده ونشجعه علي الإصلاح؟! إذا افترضنا عليه أن يلتزم أولاً بالضوابط التي وضعناها له فعلينا أن نغلق المدارس علي الأقل لمدة 5 سنوات. وتضاعف الدولة ميزانية التعليم أضعافاً مضاعفة ثم بعد ذلك نعود إلي المدرسة. بقي أن أقول للوزير الدكتور الهلالي الشربيني: أعد النظر في الإجراءات التي انتقدها الزميل الأستاذ أحمد عمر عبدالوهاب أو علي الأقل رد عليه. ويبقي الحب مع الزملاء الذين أعتز بهم مهما كان الخلاف في الرأي.