أكد الدكتور أحمد فهمي، رئيس مجلس الشوري والمجلس الأعلي للصحافة، خلال الجلسة الأولي للمجلس الأعلي للصحافة - الأربعاء الماضي - أن الصحافة الحقيقية تعني مصداقية الكلمة وحمايتها، مشيراً إلي أن المؤسسات القومية تحمل تركة ثقيلة من المشاكل المالية والإدارية، مطالبا بضرورة تكاتف الجميع من أجل الخروج منها والنهوض بمهنة الصحافة.. وقد سبق أن شخص المهندس فتحي شهاب الدين رئيس لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشوري - في أحد حواراته الصحفية - أن جزءا كبيرا من أزمة الصحف القومية يكمن في تغييب العدالة الاجتماعية بين العاملين فيها، لما تعانيه من تفاوت كبير بين الدخول، وما يحتاج لتفعيل آليات عاجلة لتصحيحه. ولما كانت تصريحات رئيس مجلس الشوري - المؤتمن من الشعب علي دعم الصحافة القومية بصحفييها والعاملين بها - ورئيس لجنة الثقافة والإعلام، قد أصابت كبد حقيقة أزمة الصحافة القومية، والتي معها لم يعد مقبولا استمرار أمراضها التي أوجدها النظام البائد، الذي اتخذ من سياسة " فرق تسد" منهاجا لإثارة الفتنة بين الأسرة الصحفية والعاملين بالمؤسسات الصحفية بمختلف قطاعاتها، وخاصة أننا الآن بصدد تصحيح المسارات علي طريق بناء مصر الجديدة.. فإنني أري ضرورة المشاركة من الصحفيين جميعا، حتي يمكننا إرساء الحق والعدل، ولن يتأتي ذلك إلا بالكشف عن حقيقة جوهر ما تعانيه الصحافة القومية من أزمة، خاصة ما يصيبها من تبديد لكثير من مواردها والتي تذهب إلي جيوب رأس قيادات تلك المؤسسات، وهو نتاج قرارات - قننها - رجال النظام البائد وجعل منها شعارا لمرحلته، ومازال معمولا بها حتي الآن، رغم مرور ما يقرب من عامين علي تفجير ثورة يناير، وهو ما يزيد الفوارق اتساعا وتفاوتا بشكل غير مبرر بين دخول أبناء المؤسسة الصحفية الواحدة. ورغم التغييرات التي شملت القائمين علي إدارة سياسات الصحافة القومية، إلا أنه - حتي الآن - ما زالت آليات النظام البائد هي القائمة - بكل تفاصيلها - في إدارة شئون تلك المؤسسات، وهو ما أبقي معه الأزمة التي تعاني منها!، لتظل هموم العاملين بها من صحفيين وغيرهم كامنة في غياب صحيح العدالة الاجتماعية.. وهو ما يؤكده العمل في بعض المؤسسات الصحفية بنظام النسب المخصصة لرؤساء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير ومديري عموم الإدارات - دون غيرهم - والتي تخصم لصالحهم من الموارد المالية لقطاعات المؤسسات الصحفية، وتضاف لدخولهم كحافز زيادة علي رواتبهم وبدلاتهم ومستحقاتهم من مكافآت ومخصصات، مما يزيد فجوة الفروق اتساعا، وبشكل غير منطقي، لنجد المؤسسات الصحفية القومية وقد انقسم العاملون بها إلي أبناء البطة البيضاء ممن يحصدون كل غال وثمين، وأبناء البطة السوداء ممن يكدحون ويعملون لقاء فتات ما تبقي من قليل الجنيهات! وهذا يؤكد الإصرار علي تهميش إرساء صحيح العدالة الاجتماعية، ويزيده تأكيدا أن بعض رؤساء تحرير الصحف القومية - المسماة بالاصدارات غير الرئيسية في تلك المؤسسات - يعانون من تلك المشكلة مثل غيرهم من العاملين، كما أن هذا الحال يختلف من مؤسسة لأخري، حسب حجم المؤسسة الصحفية، بما لديها من موارد واستثمارات، وما أقره القائمون عليها من نسب خصصوها واختصوا بها قياداتها، ومازال معمولا بها حتي الآن، ولم يطرأ عليها من تغيير سوي تقليل طفيف لتلك النسب في بعض المؤسسات، مع الاحتفاظ بذات المبدأ في المخصصات نظير إدارتهم، لتظل لتلك المناصب مكاسبها!.. وهو ما يستحيل معه إقبال تلك القيادات علي إلغاء تلك النسب والمخصصات لإنجاز وتفعيل العدالة الاجتماعية، وهي التي بتحقيقها تنتقصهم ما يرون أنه حق لهم دون غيرهم!.. وهو ما يتحتم معه إعمال مجلس الشوري ممثلا في رئيسه ورئيس لجنة الثقافة والإعلام ولجنته في تبني هذا الملف وبحثه، ووضع آليات تصحيح مساره فورا، حتي يتحقق للصحف القومية العدالة الاجتماعية لقوامها من صحفيين وغيرهم، ليأخذ كل عامل نصيبه بقدر جهده دون تمييز، وليكون الحق لأصحابه دون إغفال. إن تحقيق العدالة الاجتماعية بالصحف القومية بداية التصحيح، وأري أن دور مجلس الشوري هو الأصدق والأقرب إلي تحقيقه، خاصة لتقاعس دور نقابة الصحفيين في هذا الشأن، وتبدد جهدها في خلافات مذهبية بين أعضاء مجلسها، مما يضيع حقوق أصحاب المهنة، نتاج الفرقة لاختلاف رؤاهم واتجاهاتهم!.. وتحيا مصر.