قامة فنية كبيرة من الطراز الأول اشتهر بوسامته وثقافته العالية وأحدث طفرة في الوسط الفني بأعماله المتميزة سينمائيا وتليفزيونيا ومسرحيا إنه الفنان القدير حسين فهمي الذي تخرج في المعهد العالي للسينما عام 1963 ويملك رصيدا كبيرا من الأعمال المتميزة والجوائز والتكريمات وله تجارب في تقديم البرامج التليفزيونية ومؤخرا عاد لتكرار هذه التجربة من خلال برنامج «زمن» علي قناة الغد العربي ويتحدث عن هذه التجربة وغيرها من القضايا في السطور التالية. ما الموضوعات التي سيتطرق إليها برنامجك الجديد ؟ البرنامج ثقافي تنويري بطريقة درامية وثائقية ويتطرق للظروف الاجتماعية للمجتمع العربي وله طابع سياسي دون أن يتعمق فيه كثيراً ويتحدث عن الظروف التي مرت بها الدول العربية من خلال التواجد في أماكن الأحداث بعيداً عن الاكتفاء بالجلوس في ستديوهات التصوير التي تبعدنا عن الاقتراب من الشارع العربي بشكل أدق، ونسافر إلي الدول العربية ونناقش المواضيع والقضايا المهمة التي تعاني منها كل دولة، ويظهر البرنامج الحقائق بحيادية دون تجميل في الأحداث وسنتفاعل مع آراء الجمهور من خلال مواقع التواصل الاجتماعي لخلق حوار جاد بين المشاهدين والبرنامج، ولقد كان لطبيعة قناة الغد العربي دور مهم في وجود هذا البرنامج نظرا لتوجهاتها العربية في المرحلة التي نمر بها لأننا نمر بحالة تمزق في الوطن العربي ونسجل الحلقات من لندن والقاهرة ونخاطب شريحة كبيرة من المجتمع العربي. كيف تم ترشيحك للبرنامج وما أهدافه؟ البرنامج فكرة عبد اللطيف المناوي رئيس القناة وبعد أن علمت تفاصيل البرنامج وافقت بشدة لأن البرنامج يتماشي مع الأحداث السياسية الحالية وتبادلنا الأفكار واتفقنا علي المبادئ الأساسية له ثم بدأنا التصوير، وسيستمر عرض البرنامج في رمضان لأن القناة إخبارية وأملنا أن نذهب للتصوير في كل الدول العربية والهدف الأساسي من البرنامج هو التواجد في أماكن عربية بها أحداث لم يعرفها الكثير من المواطنين العرب بجانب فتح ملفات وقضايا ساخنة لم تتعمق فيها البرامج الأخري من قبل والمقارنة ما بين هذه الأماكن في الماضي والحاضر. ما الصعوبات التي واجهتها أثناء تصوير البرنامج ؟ لم نستطع الدخول إلي العديد من مدن سوريا ولكننا صورنا في دمشق التي تشهد الأوضاع فيها استقراراً أكثر، وتواجدنا في الأردن للتواصل مع اللاجئين السوريين حتي نتغلب علي غيابنا عن باقي المدن السورية، وأيضاً التصوير في رام الله والمناطق الكردية بالعراق والأماكن التي تحدث فيها صراعات كانت مرهقة للغاية ولكن تقديرنا وحبنا للعمل الذي نصوره لم يشعرنا أبداً بهذا الإرهاق لكننا تعرضنا لبعض المضايقات من البعض الذين لم يتفهموا أهداف البرنامج كما رفضت قطر دخولنا إليها من الأساس لتصوير حلقة علي أراضيها. هل ستبعدك تجربة التقديم التليفزيوني عن الفن؟ الفن «مزاج» وما يميز الفن هو حرية الفنان واحترام اختياراته، أنا قدمت أعمالا عديدة والأهم هو قيمة العمل الذي أقدمه. ما سبب غيابك عن الدراما التليفزيونية؟ سأعود للدراما التليفزيونية عندما أجد نصوصا وأدوارا جيدة لقضايا اهتم بها وتستفزني للتواجد فيها، بالإضافة إلي أن الفنان المصري عندما يصل إلي سن معينة لا يُكتب له أدوار قوية ذات قيمة بعكس الدراما الأمريكية التي تكتب نصوص أبطالها لكل الأعمار، كما أنني لا أهتم بالبطولة المطلقة إطلاقاً وأهتم فقط بقيمة الدور الذي أقدمه. لماذا اخترت قناة لها توجه عربي دوناً عن القنوات التي تخاطب المصريين بشكل أدق؟ نعم القناة لها توجه عربي أكثر من مصري ولكنها تتطرق أيضا لقضايا مصرية بحتة والوضع العربي حالياً أكثر خطورة من الوضع المصري، لذا علينا تقديم برنامج عربي ذي قيمة يعمل علي إظهار الثقافة العربية لتفتيح المدارك والاستفادة منها بشكل فعلي بعيداً عن البرامج الترفيهية التي لم يستفد منها المشاهد شئ ورفضت تقديم برامج عديدة منها. هل ستتطرق إلي القضايا الفنية أيضاً ؟ بالطبع، وعلي سبيل المثال وليس الحصر نناقش قضايا وفرق الزمن بين مسارح لبنان والسينما المصرية وصالات العرض والتكنولوجيا الحديثة التي دخلت السينما وكيفية الاستفادة منها بالإضافة إلي الفن في الإسكندرية التي كان يعيش فيها الفنان العظيم «قسطنطين كافافيس» الذي ساعدته الإسكندرية للوصول إلي بريقه نحو الشهرة العالمية. هل يهدف البرنامج لمخاطبة الغرب؟ وهل تشارك منظمات أجنبية في إنتاجه ؟ أتمني أن ينجح البرنامج في مخاطبة الجمهور العربي أولاً حتي نتخطي ذلك لمخاطبة الدول العالمية ونستطيع إظهار ثقافة الوطن العربي للدول الأجنبية خاصةً التي استعمرتنا حتي نظهر ما ارتكبوه من تغييرات سلبية ونقول لهم إننا نستطيع النهوض ببلادنا بعيداً عنهم، فمنذ أيام قابلت وفدا أمريكيا من الكونجرس وتحدثت معهم عن سبب تدخلهم في بلادنا وعلي أي أساس يقولون إنه لابد من تغيير هذا الرئيس أو ذاك فنحن من نغير ونطور أنفسنا وليس الغرب، وقلت لهم ليست وظيفتكم التدخل في شئوننا، وعندما كنت سفيراً للأمم المتحدة لمدة 9 أعوام رأيت البيروقراطية هناك كما يجب أن تكون وحاولت تفاديها، فلن أستعين أبداً بأي منظمات دولية تحمل بيروقراطية أكثر من اللازم. أين أنت من المسرح ؟ عرض عليّ مؤخراً مسرحية « هولاكو» لفاروق جويدة لعرضها علي المسرح القومي، وأنا «طول عمري» أدعم مسرح الدولة وسأظل لأنه مسرح محترم، وسيعود لريادته قريباً. كيف تري الدور الذي تلعبه الرقابة ؟ أنا ضد الرقابة ولا يوجد شيء في العالم اسمه رقابة، فهي صناعة الاحتلال الإنجليزي، لكنني مؤمن بأن هناك شيئاً اسمه نقابة هي التي تضع أخلاقيات المهنة، ولابد أن نحترم قراراتها جميعاً، فدولة سينمائية كبيرة مثل أمريكا لا يوجد بها ما يدعي رقابة، وعلي سبيل المثال كان هناك فيلم أجنبي سيتم تصويره في مصر وسألني مخرجه هل توجد رقابة في مصر؟ قلت له نعم فقال لي إذاً لن أصوره هنا، ووجود الرقابة يقلل من فرص تصوير الأفلام الأجنبية في مصر وأيضا من فرص الأفلام المصرية في التواجد في المسابقات العالمية. ما رأيك في منافسة المسلسلات الأجنبية لأعمالنا ؟ السبب في دخولها هو أن البلاد الأجنبية تبيع أعمالها بأسعار رخيصة جداً وربع ثمن المسلسل المصري، فتركيا مثلاً تنتج المسلسلات بأسعار عالية وتبيعها بأسعار منخفضة لأهداف سياسية وهو الغزو الثقافي لنا وليست كل الأعمال التركية والهندية والكورية ذات قيمة، وعلينا تفهم خطورة سياسة هذه الأعمال فالأمبراطورية العثمانية التي نعرض مسلسلاتها الآن منعت العرب من القراءة 400 سنة بعد أن صنعت أوروبا الطباعة وطورت الكتب أثناء احتلالهم لنا. ما الشخصية التي تود تجسيدها ؟ صدام حسين، فهو شخصية تحتاج إلي دراسة، هناك أشخاص قالوا لي إن معمر القذافي أهم ولكنني أري أن صدام له تصرفات وقرارات عنيفة جداً وغيرت في الأحداث السياسية العربية، فهي شخصية غريبة تستحق أن يتم تجسيدها في عمل تليفزيوني. ما رأيك في ظاهرة تحويل الأفلام القديمة إلي مسلسلات ؟ أرفضها تماماً ولست مقتنعا بها، وعرض عليّ العديد من نوعية هذه الأعمال ورفضتها. الوطن العربي.. إلي أين ؟ إذا لم نتحد ونتقبل الرأي الآخر ونتخلص من الصراعات في أقرب وقت سيقسم الوطن العربي إلي دويلات وهو ما حدث في السودان والعراق ويحدث في سوريا وليببا وبعض السياسيين الغربيين قالوا صراحة إن هدفهم هو تقسيم الدول العربية إلي دويلات، اعتماداً علي اتفاقية كيلي لافروف التي لا تختلف شيئاً عن اتفاقية سايكس بيكو، أعتقد أنه علينا توحيد أنفسنا ولم الشمل العربي حتي نخرج من هذه الأزمة دون أن نمزق أنفسنا بسبب خلافاتنا التي تصل إلي حد الكره والتخوين. هل تستدعي الأحداث الأخيرة دخول أهل الفن في السياسة؟ لا تستدعي، ولكن من يريد النشاط السياسي فليدخل، ولدي العديد من الزملاء ناشطون في هذا المجال، وأنا شخصيا عرضت عليّ أحزاب عديدة العضوية فيها الفترة الأخيرة ولكنني رفضت المشاركة فيها، وسبق أن اختارني الرئيس الراحل محمد أنور السادات كعضو مؤسس في الحزب الوطني الديمقراطي ولكنني لم أحضر أي مؤتمرات له ومن كان يستدعيني لهذه المؤتمرات كنت أرفض المشاركة فيها، لأنني أفضل الآراء الحرة بعيداً عن التبعية لحزب معين.