«المطلاع» حزام أمان غدَّار مغامرة ليست سهلة، تحتاج لمهارات تجمع بين الخبرة والحرص لأن خطأ صغيرا يمكن أن يطيح ب «طالع النخل»، وقد يكتب نهايته، ولايعتبر السقوط من أعلي خطرا وحيدا فقلب النخلة وجريدها العالي قد يخفي ثعابين تؤدي لدغتها إلي الوفاة خلال ثوان معدودة، لهذا كله تتطلب عملية تسلق النخيل اشخاصا بمواصفات خاصة، وفي سيناء كان الأطفال ينظرون إليّ «طالع النخل» كما لو كان فارسا، يحكون عن قدراته، ويتفنون في المقارنة بين المتسلقين، واحيانا كانوا يحاولون تقليدهم علي النخل القصير، لكن هذه الحرفة توشك علي الا نقراض لاسباب عديدة، فبالاضافة إلي الاهمال الشديد الذي تتعرض له النخيل، فإن العائد من طلوع النخل لايتناسب مع خطورتها، اذ يتراوح المقابل بين 10 وعشرين جنيها حسب طبيعة النخلة وارتفاعها ويستغرق تقليم الجريد وسباطة البلح مدة تتراوح بين 30 و60 دقيقة حسب مهارة الطالع وخبرته، فإذا زاد ارتفاع النخلة علي 25 مترا فإن الأمر يتطلب الاستعانة بطالع نخل محترف واثق بقدراته، يتمتع بقلب حديدي لايعرف الخوف.. كل هذا جعل بعض ملاك النخيل يستعينون بسلم هيدروليكي لتوصيل من يقوم بالتقليم إلي أعلي. ويعتبر «المطلاع» هو حزام الأمن للمتسلق، وهو حبل مبطن بالقماش يبلغ عرضه 10 سنتيمترات، يتم لفه حول النخلة وجسم الانسان ليتمكن من التسلق وهو يركز باطن قدمه علي جذعها، وبدون «المطلاع» يصبح تسلق النخلة شبه مستحيل، ويستخدم «طالع النخل» البلطة أو «الشرخ» في تقطيع الجريد وسباطة البلح عند جني المحصول. ولطلوع النخل طقوس عديدة يوضحها علي البندي «متسلق» فيقول : «قبل أن نصعد إلي أي نخلة نتوضأ ونصلي لله ركعتين، ونقرأ آية الكرسي إلي جانب ما تيسر من القرآن الكريم ونطلب من الله الستر وأن نعود إلي الارض سالمين ثم نتشهد ونتوكل علي الله»، واشار إلي ان طالع النخل لابد أن يمتلك قلبا جريئا وقدرة علي حسن التصرف، فأحيانا ينقطع «المطلاع» فجأة وهو في الأعلي، واحيانا يجد في جريد النخل ثعبانا أو أفعي في انتظاره. وهذه المواقف تتطلب الثبات وعدم الخوف. ويؤكد أن النخل يتشابه مع الانسان في الطباع والملامح فهناك النخلة الطبية التي يسهل علي الطالع تسلقها لوجود لحاء سميك وحنون حول جذعها، ومظهرها مبهج، وهناك النخلة المشاكسة التي يعاني الطالع عند تسلقها.