الأدخنة تنطلق فى الفضاء المحيط بدلا من أن تكون مكانا للشفاء تحولت إلي بيت «الداء»! فلم يجد مسئولو مديرية الصحة ببني سويف مكانا لحرق النفايات الطبية إلا داخل مستشفي «سمسطا» المركزي. في مثل هذه الأحوال يجري الحديث عادة عن اشتراطات أمان غير مسبوقة تم اتخاذها، واجراءات لمنع أي مخاطر محتملة، لكن الواقع يؤكد أن الاشتراطات عادة ما تكون حبرا علي ورق. صباح كل يوم تبدأ رحلة جمع المخلفات في مستشفيات عديدة لتسليمها إلي المحرقة التي تم انشاؤها في عام 2005 بسعة 100 كيلو جرام في الساعة، لتكون المحصلة نحو نصف طن من المخلفات يوميا. كل هذا يتم في قلب المدينة المزدحمة بالبشر وفي منطقة مأهولة بالسكان، وبجوار مدرسة مصطفي كامل الابتدائية، وهو ما يهدد الكثيرين بالأمراض الصدرية المتنوعة، ويرفع احتمالات الاصابة بالسرطان، كما يهدد الاجنة في بطون أمهاتهم بالتشوهات الخلقية! يقول سمير أحمد أحد سكان المنطقة: كان من المفترض أن تقيم الحكومة تلك المحرقة علي بعد 3 كيلو مترات من المنطقة السكنية كما هو متبع حرصا علي حياة المواطنين إلا اننا فوجئنا بانشائها داخل المستشفي، كما أنها مجاورة للمدرسة لابتدائية وهو ما تسبب في اصابة اهالي المنطقة بمختلف الامراض الصدرية مثل الربو وحساسية الصدر وغيرهما بسبب تلك الغازات السامة الناتجة عن الحريق وقد تقدمنا بعدة شكاوي ولكن دون جدوي. ويضيف احمد سيد من سكان المنطقة : من المفترض ان تحافظ الحكومة علي حياة المواطنين لكن في مدينة سمسطا حدث العكس حيث تنتج المحرقة غازات سامة تسبب الكثير من الامراض فضلا عن الرائحة الكريهة، واذا انقطعت الكهرباء فان الأدخنة تنتشر في المنطقة بشكل كثيف. رفض فني تشغيل المحرقة ذكر اسمه واوضح انه تم انشاء المحرقة لاستيعاب كم المخلفات الطبية بمركزي سمسطا والفشن بالاضافة إلي بعض النفايات التي تضاف بصفة يومية بناء علي اشارة ترد من مديرية الصحة سواء من داخل او خارج المحافظة. واكد أن التخلص من النفايات وخاصة السرنجات والمواد البلاستيكية يحمي المواطنين من اعادة تصنيعها مرة أخري، لأن ذلك يتسبب في انتشار مختلف الامراض، ويضيف: تبدأ دورة حرق المخلفات، بقيام المندوبين الصحيين يوميا بالمرور علي المستشفيات لجمع المخلفات الطبية الصلبة في سيارات عبارة عن «صناديق مغلقة»، حتي تصل للمحرقة ثم يتم تفريغ المخلفات، لتدخل الفرن، وتأخذ دورتها، ومن ثم يأتي مندوبو الصحة ويقومون بجمع الرماد الناتج من الحرق، ونقله إلي المدفن الصحي بصحراء سمسطا. ويشير إلي ان المحرقة مصممة وفق مواصفات طبية وفلاتر للتنقية، بالاضافة إلي ان المدخنة لها مواصفات محددة، وطولها يصل إلي 8 أمتار، لتعلو بالدخان بعد تنقيته تماما بالفلاتر المخصصة. ولكي يتجنب العمال أضرار عملية الحرق، فإنهم يرتدون ملابس خاصة وكمامات وخوذة طبية هذا مايؤكده العامل لكننا لم نره علي ارض الواقع، ويواصل: العمل في المحرقة يتم بعد مواقيت العمل الرسمية منذ الساعة الواحدة والنصف ظهرا حتي الخامسة مساء. ويؤكد الدكتور عمر محمد «اخصائي القلب والعناية المركزة» أن الهدف الاساسي من محارق النفايات الطبية هو منع انتشار الاوبئة والامراض بين المواطنين، والقضاء علي الامراض المستوطنة، الا ان حرق تلك النفايات ينتج عنه غازات سامة مثل غازي الزئبق والديوكسين، والذي ثبت علميا انها مسببة للامراض السرطانية بالكبد والرئة والمعدة و الانسجة الرقيقة بالاضافة إلي الاورام الليمفاوية. واضاف ان التعرض لنسب صغيرة من هذه المادة يؤثر علي الجهاز المناعي، كما ان له ايضا تأثيرا لا يستهان به علي التناسل البشري، حيث يؤدي تعرض الحامل إلي الديوكسين إلي ولادة اطفال يعانون من تشوهات خلقية.