اتجه العالم في السنوات الاخيرة الي استخدام التقنيات الحديثة في إنتاج الأسمدة الذكية، التي تتميز بانخفاض أسعارها، وسهولة رشها، إلي جانب أثرها الصحي الآمن علي النبات والإنسان والتربة مقارنة بالأسمدة الكيماوية المتداولة حاليا.⊇ومن أحدث التقنيات المستخدمة في مجال إنتاج الأسمدة النانوتكنولوجي الذي أثبت فعالية كبيرة في تحسين الانتاجية وإطالة عمر الثمار مع توافر عوامل السلامة والأمان في عمليات التصنيع والإنتاج والاستخدام الزراعي وفقا للمعايير المتبعة في العالم، لكن للأسف هذه التقنية لم يتم تسويقها بسبب عدم وجود تشريعات وقوانين تحدد مواصفات المركبات النانوية في مجال الزراعة، مما جعل مصر متأخرة في هذا المجال. الباحثة صفاء زكريا محمود الباحث المساعد بمركز البحوث الزراعية اجرت العديد من الابحاث علي استخدام النانوتكنولوجي لتحسين جودة الحاصلات البستانية وزيادة كفاءتها فكان معها هذا الحوار. ما تقنية النانو تكنولوجي؟ النانو⊇"Nano"⊇هي كلمة اغريقية تعني القزم ∩∪dwarf⊇والتي يمكن أن تصف كل شيء صغير، ومن الناحية العلمية النانو هو مقياس يساوي واحد من مليون جزء من الملليمتر، بمعني أننا إذا قسمنا المتر إلي مليار جزء فإن جزءاً واحداً منه يساوي نانومتر، ولكي نتخيل مدي صغر حجم النانو نقول إن قطر شعرة الإنسان يساوي 80000 نانو. وحيز النانو هو الحيز الذي تعارف عليه العلماء والممتد من 1 الي 100 نانومتر، وهو الحيز الذي تشغله الذرات والجزيئات⊇لانتاج نواتج جديدة مفيدة وفريدة في خواصها. وما اهمية النانوتكنولوجي بالنسبة للمحاصيل الزراعية؟ يؤدي استخدام النانو خاصة تحت التركيزات المنخفضة الي تشجيع النباتات علي النمو وزيادة كفاءتها سواء أثناء الزراعة او بعد جني المحصول وإعداد الثمار للنصدير، وكذلك ترشيد وتقليل الكمية المستخدمة من السماد خاصة الأسمدة الكيماوية التي تؤثر علي صحة الانسان وتسبب العديد من الأمراض، وهذه التقنية يمكن استخدامها أيضا كطريقة بديلة في الحفاظ علي جودة المنتج بعد الحصاد⊇واستخدامها في تغليف الثمار مما يعمل علي زيادة مقاومة الميكروبات واطالة فترة التخزين وتقليل الفقد في الوزن لان الثمار تكون اكثر صلابة وأقل عرضة للتلف مما يزيد من العائد التصديري ويعطي ميزة للمنتج الزراعي المصري في الاسواق الخارجية.، وتتميز المواد في صورة النانو بارتفاع نسبة السطح الي الحجم.. وقد اخترت ثمار الفراولة لتطبيق البحث عليها باستخدام النانو كالسيوم رشاً علي النبات في الحقل وأثبتت فاعلية ونجاحا كبيرا يشجع علي تطبيق التجربة علي أنواع أخري من الثمار. ولماذا الفراولة بالتحديد؟ اجريت الدراسة علي محصول الفراولة لما لها من اهمية اقتصادية وغذائية كبيرة، فهي تعتبر من المحاصيل البستانية ذات العائد الاقتصادي الجيد للسوق المحلي والتصدير ولها قيمة تصديرية عالية حيث تصدر الي دول اوربا والدول العربية مما يساهم في دعم الاقتصاد وزيادة التواجد في الاسواق الخارجية للمنتج الزراعي المصري. بالاضافة الي أن للفراولة قيمة غذائية هامة وكذلك لها العديد من الفوائد الطبية⊇فهي غنية جداً بالنياسين وحامض الاسكوربيك (فيتامين ج) وصبغة الانثوسيانين، وهي مصدر جيد لمضادات الأكسدة الطبيعية وتحتوي علي حامض الآلآجك وهو فينول ذو فاعلية قوية ضد السرطانات، بالإضافة إلي احتوائها علي⊇الاملاح المعدنية المفيدة مثل الكالسيوم والبوتاسيوم والفوسفور والحديد والسكريات بحد أدني 7% وحموضة بحد أقصي 0.8%. ⊇ذكرتِ أنكِ استخدمتِ النانو كالسيوم في تجاربك علي ثمار الفراولة.. لماذا؟ ⊇اتجهنا الي استخدام النانو كالسيوم لتحسين الجودة وذلك لاهمية عنصر الكالسيوم حيث يلعب⊇دورا كبيرا في زيادة صلابة الانسجة لانه يدخل في تركيب الصفيحة الوسطي التي تربط الخلايا ببعضها وبالتالي يمكننا الحصول علي خلايا قوية مرتبطة مما ينعكس بعد ذلك علي انتظام شكل الثمرة وصلابتها ومقاومتها للتلف وتأثير الفطريات الضارة عليها. كما أن استخدامه يساعد في⊇التغلب علي مشكلة نقص الكالسيوم في الثمار. وما أهم النتائج والعائد الاقتصادي؟ يتم الرش الورقي بالنانو كالسيوم علي نباتات الفراولة بالحقل بتركيزات مختلفة.⊇وقد كانت أفضل النتائج هي الرش الورقي بأقل تركيز من النانو كالسيوم⊇مما ادي الي تحسين جودة ثمار الفراولة بعد الحصاد واطالة فترة التخزين⊇والحفاظ علي جودتها وقيمتها الغذائية ووصولها لاسواق التصدير باعلي جودة وتقليل التالف بعد الحصاد وزيادة العائد الاقتصادي مع ترشيد وتقليل الكمية المستخدمة من السماد خاصة الاسمدة الكيماوية، وهذه النتائج التي توصلت إليها تعد طفرة في إنتاج ثمار الفراولة المقاومة للفطريات والصالحة للتصدير بأعلي كفاءة ⊇مقارنة مع الثمار غير المعاملة بهذه التقنية وايضا الثمار المعاملة بالكالسيوم بالصورة العادية وليس بالنانو كالسيوم. ما رؤيتك للبحث العلمي في مصر؟ البحث العلمي هو نافذة الأمل الوحيدة لخروج مصر من مشاكلها علي كافة المستويات.. فيجب أولا إعطاء مزيد من الاهتمام والشجيع لشباب الباحثين لأنهم الأصل والأساس في البحث العلمي، وبدون وجود العقول المبتكرة لن يكون للبحث العلمي أي مستقبل حتي لو توافرت جميع الامكانيات الأخري، الأمر الاخر هو توفير الامكانيات المادية والعلمية التي تساعد هذه العقول علي تنفيذ أفكارها وأبحاثها وتحويلها الي واقع علمي يخدم التنمية في مصر، ومد المعامل في جميع الكليات العلمية ومراكز البحث العلمي بأحدث الاجهزة، كما يجب اختصار إجراءات الحصول علي براءات الاختراع فلا يعقل أن يستغرق الحصول علي براءة اختراع مدة لا تقل عن 7 أو 8 سنوات وهي مدة طويلة قد تجعل اليأس والاحباط يتسربان الي نفوس الباحثين أو تجعل جهات خارجية تستقطب هؤلاء الباحثين وتستفيد من أبحاثهم ومشروعاتهم ولا تستفيد منها مصر.