الله يعطي الدنيا اختباراً للجميع بعطائها الوافر.. أمر بفقرها المدقع.. هذا اختبار وهذا اختبار.. والنتجية النهائية إما جنة.. وإما نار نتوقف طويلاً أمام جهاز محمول أو كمبيوتر ونشعر بالدهشة والانبهار من عظيم صنع الانسان الذي وضع في هذا الجهاز خاصية الحديث المرئي في نفس اللحظة مع اشخاص اخرين في اقصي الارض. ولكننا لا نشعر بنفس الدهشة ونحن نري الارض السمراء تخرج لنا طعاماً نأكله هذا احمر كالفراولة وهذا أخضر كالكوسة واسود كالباذنجان.. هذا حار كالفلفل وهذا حلو كالبطيخ وهذا حامض كالبرتقال. رغم أن الارض واحدة والماء واحد!! تبهرنا سيارة بها سبع سرعات مزودة بكل وسائل الراحة ولا تنتبه. لماكينة طولها مترين مثل البقرة تأكل برسيم اخضر وماء معكر وأعلاف من ناحية وتخرج من الطرف الآخر لبن ابيض دسم سائع للشاربين! نندهش لأنهم يصنعون طائرة من الحديد تطير في الهواء أو تنطلق خارج الغلاف الجوي إلي القمر ولا تندهش من ماكينة أخري طولها واحد سنتيمتر تشم روائح الورود والازهار وتخرج لنا منه قطرات عسل مصفي القطرة منه فيها سبعين صنفاً من المضادات الحيوية الطبيعية فيه شفاء للناس! كل شيء من حولنا يذكرنا بقدرة الله وعظيم صنعه مما يفرض علينا ذكره وتسبيحه ولكننا توقفنا امام قدرة المخلوق وعجائب صنعه فأصبحنا نمجد الصناعة اليابانية ونفخر بالآلات الالمانية ونعتز بالمنتجات الامريكية. فكيف نصحح نظرتنا ونستعيد عقولنا التي تم استدراجها بعيداً عن عظيم صنع ربنا وبديع قدرته فينا وفي كل ما حولنا.. فإذا أيقنت أن كل ما فيك وما حولك من الله وحده.. فعليك أن تدرك أن كل ما يصدر عنك ومنك يجب أن تقصد به إرضاء الله وحده.. وأعظم ما تقوله وتشعر به ان تردد من قلبك مخلصا.. لا إله.. إلا الله. وفي الأثر أن ملكين التقيا الأول صاعداً إلي الله والثاني هابط من السماء.. فسأل الأول الثاني ماذا معك فأجاب ان فلانا قال لا إله إلا الله مخلصا بها من قلبه.. فأنا صاعد بها إلي الله. وأنت ماذا معك؟ فأجاب: وأنا نازل له برسالة من الله ابشره ببراءة من النار.. وفي الحديث الشريف من قال لا إله إلا الله مخلصا بها من قلبه.. دخل الجنة.. فسأل أبو هريرة: وما أخلصها. قال: أن تحجزه عن محارم الله. عطاء الله تعجبت من عظيم عطاء الله للصين التي كنت في زيارة لعدد من مدنها قبل أيام في رحلة عمل صحفية. فالسماء علي مدار أيام لم تتوقف من زخ المطر والارض كلها خضراء لم تنكر سقوط الأمطار عليها.. والحقول التي مررت بها مكدسة بأشكال والوان من الثمار والعطاء الالهي الوافر. والسواحل طويلة وممتدة تبدو بلا نهاية وكلها عامرة بأنواع من الثروات السمكية وقطعان هائلة من الماشية تسرح في مراعي خضراء شاسعة تسر الناظرين.. ورغم ذلك فأغلب اهل الصين لم يستدلوا بهذا العطاء السخي علي الله. ولم يتعرفوا بها عليه. بل وعادوا في اسباب وجودها لغير الله.. ومثلهم أهل اليابان الذين يعيشون في نعم الله.. ويعبدون غيره.. ومع ذلك لم يحرمهم من عطاءات الدنيا التي يلهثون وراءها. فالله يعطي الدنيا اختباراً للجميع بعطائها الوافر.. أمر بفقرها المدقع.. هذا اختبار وهذا اختبار.. والنتجية النهائية إما جنة.. وإما نار.. وأقرأ معي قول الله في سورة الاسراء «مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَي لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا، كُلا نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا» ونفس هذا المعني بالضبط يتكرر في سورة الشوري «مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ في الْآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ».. ما ارحمك بنا يارب أن عرفتنا بك وكشفت لنا الطريق إليك.