طوال الأسبوع الماضي، والعديد من القنوات التليفزيونية وبعض الصحف تتباري في التمهيد لصفقة التصالح مع الملياردير الهارب حسين سالم بطل كارثة صفقة الغاز مع الكيان الصهيوني التي كلفتنا الكثير، ويبدو أنها ستكلفنا أكثر!! كان يسترعي الانتباه عدة أمور منها: أن الصفقة تقدم للناس باعتبارها انتصارا هائلا ينبغي تعميمه علي الحالات المشابهة لرجال أعمال نهبوا وسرقوا.. ثم أتاح لهم القانون أن يردوا جزءا مما سرقوه، فيتم العفو عنهم، ويعودوا لاستئناف نشاطهم الذي عرفناه واكتوينا بناره، ومازلنا ندفع ثمنه حتي الآن!! والمثير في الأمر ان محامي حسين سالم كان يصر علي الدوام أن موكله حسين سالم رجل بريء. وأن ما تم الاتفاق عليه بأن يرد حوالي خمسة مليارات جنيه إلي الدولة هو في حقيقته "تبرع" من حسين سالم لوطنه العزيز"!!" وأن علينا ان نقدر هذا الكرم الحاتمي، وأن نعتذر عن كل ما وقع في حق "المحسن الكريم" حسين سالم من اتهامات ظالمة!! في انتظار إقرار صفقة التسوية سمعنا من مسئولين كبار أن الصفقة رائعة، وأنها ستكون المثال لعشرات الصفقات التي تتيح تبرئة ذمة العديدين من رموز الفساد الذي ورثناه، مقابل تسديد بعض الأموال التي نهبوها.. مستغلين الظروف الاقتصادية الصعبة التي نمر بها!! في مداخلة تليفزيونية قصيرة سمعت الدكتورة عالية المهدي العميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة وهي تطرح العديد من الحقائق حول قضية حسين سالم وما تم إهداره من ثروة مصر بصفقة الغاز مع إسرائيل التي كان هو محورها والمنتفع الأكبر منها. قالت الدكتورة عالية ان اللجنة التي كانت أحد أعضائها قدمت تقريرها للمحكمة وفيه إدانة كاملة للصفقة وشروطها، فكان الحكم بإدانة حسين سالم وشركائه. ثم كانت هناك لجنة أخري في "الاستئناف" قدمت تقريرا مغايرا!! لكن الأهم هو ما اثارته الدكتورة عالية.. حيث قالت ان من توابع الصفقة المشبوهة التي كان حسين سالم بطلها، ان مصر الآن مطالبة بتسديد 1.2 مليار دولار بحكم دولي بسبب وقف تصدير الغاز لإسرائيل. وأن هناك قضية أخري مماثلة تتطلب تعويضا آخر يصل إلي ثمانية مليارات دولار!! والسؤال: هل تتضمن الصفقة مع حسين سالم آسقاط هذه الأحكام ووقف هذه الدعاوي.. أم انه يريد ان يدفع خمسة مليارات جنيه ليحصل علي "صك البراءة" عن جرائمه في حق الوطن، ولكي يترك مصر تدفع ثمن جرائمه وتكون هي المطالبة بدفع تعويضات تصل إلي 8 مليارات دولار.. يعني "بالسعر الجديد الرسمي" أكثر من 70 مليار جنيه؟! قد يكون حسين سالم مجرد "محسن كريم" يتبرع لمصر كما يقول محاموه.. ولكن أليس من حقنا أن نعرف الحقائق قبل أن تقودنا الغفلة إلي كارثة جديدة؟!