محمود عباس..هل دانت ساعة الرحيل أكثر من أي وقت مضي تبدو السلطة مهتزة تحت أقدام الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فالرجل البالغ من العمر 80 عاماً يواجه احتجاجات داخلية غير مسبوقة إضافة لصورة قاتمة علي المستوي الدولي، فبعد وعود، أطلقها في سبتمبر 2015، بإجراء إصلاحات تضخ دماء جديدة في أروقة السلطة وأجهزتها، وعقد المجلس الوطني التشريعي (البرلمان)، لم يحدث شيئا من ذلك. تعليقاً علي الوضع الراهن يقول دبلوماسي غربي، فضل عدم ذكر اسمه، لصحيفة لوموند الفرنسية: «يبدو أننا بصدد اضمحلال متسارع». ولنفس الصحيفة صرح هاني المصري، مدير مركز مسارات للدراسات السياسية بالضفة الغربية،: «أبو مازن رجل مُنهك، لم يعد قادراً علي تنفيذ كل ما يريد.. والخلافات تزداد حدة يومياً في أوساط فتح بخصوص من يخلفه»، فضلاً عن ذلك فهناك حالة احتقان تجاه الرجل في الإعلام كما في الجامعات الفلسطينية، حيث هناك مراقبون من السلطة يحذفون أي مادة تحريرية تنتقده، ورجال أمن غلاظ يتصدون لأي مظاهرة شبابية ضده، ويوضح هاني المصري: «في ديسمبر الماضي قمعت السلطة بشكل عنيف مظاهرتين في شمال رام الله بالقرب من مستوطنة بيت إيل، حيث تقع مواجهات معتادة ضد جنود الاحتلال وردا علي ذلك قاطع غالبية أعضاء اللجنة المركزية في فتح الاحتفال السنوي الذي تُقيمه السلطة الفلسطينية في الأول من يناير من كل عام». من النقاط التي تثير انقساماً في أوساط السلطة وعلي المستوي الشعبي، مسألة التعاون الأمني مع إسرائيل، الضامن الوحيد لأمن اسرائيل في الضفة الغربية، وطبقاً لتصريحات رسمية لماجد فراج مدير مخابرات السلطة، فإن جهازه أحبط 200 هجوم ضد الإسرائيليين خلال 4 أشهر. هذا الوضع لم يعد مقبولاً علي الصعيد الشعبي لا سيما في أوساط الشباب، فمنذ اندلاع موجة العنف الحالية في الأول من أكتوبر 2015، قُتل 160 من الجانب الفلسطيني، مقابل 25 إسرائيلياً، وحاولت السلطة مجاراة هذا الغضب الشعبي في بدايته حتي تمكنت من السيطرة عليه كي تضمن ألا يتحول ضدها لاحقاً. في فتح نفسها يخشي عدد من كوادر الحركة العيش في قطيعة مع الشارع.. المعارض مصطفي البرغوثي المرشح السابق لانتخابات الرئاسة يري أن فتح تواجه « عاصفة عاتية.. كثيرون يؤيدون فكرة أننا نعيش انتفاضة ثالثة ستستمر لأنه لا بديل لها، حتي وإن كانت تشهد مراحل من الهدوء»، وطبقاً لآخر دراسة أجراها المركز الفلسطيني للدراسات والأبحاث السياسية، فإن 65% من الفلسطينيين يتمنون استقالة الرئيس أبو مازن ويؤيدون الهجمات بالسكاكين علي الإسرائيليين. الاضطراب في الأوضاع السياسية الفلسطينية يعود للنظام الغامض في الحكم الذي ينفرد به الرئيس عباس، وإلي أطماع لم تعد خفية لخلافته، وأبرز المتنافسين علي شغل منصبه المعارض الأول محمد دحلان الذي يعيش في المنفي، وجبريل الرجوب رئيس اتحاد كرة القدم وعضو اللجنة المركزية بفتح والذي يُطلق من وقت لآخر تصريحات عدائية ضد الرئيس عباس، وفي آخر مقابلة تلفزيونية قال الرجوب بانفعال لكاميرا التلفزيون الرسمي: « عملية السلام انهارت.. ما البديل؟ لا شيء نفعله سوي الخوض في جدال عقيم حول: علاقتنا بحماس، وأهمية انعقاد المجلس التشريعي، وضرورة تطبيق قرارات اللجنة المركزية لفتح..». بعد إشاعات متكررة عن حالته الصحية وعن قرب انهيار السلطة الفلسطينية، وهو ما ناقش مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تبعاته علي الدولة العبرية حال حدوثه، تكلم الرئيس عباس في يناير الماضي مستبعداً احتمالية حدوث ذلك، كما استبعد إعادة كل مفاتيح الضفة الغربية لتل أبيب حال حدوث فراغ سياسي فلسطيني من أي نوع، علي اعتبار أن ذلك سيكون انتحاراً سياسياً لرجل أمضي حياته في النضال لاقامة دولة فلسطينية. في مناخ من الإحباط يحاول الرئيس الفلسطيني التحرك علي الصعيد الدولي، بعدما فقد الأمل في الرئيس باراك أوباما، وعن النهج الخاص بتدويل الصراع يدافع ماجدي الخالدي المستشار الدبلوماسي للرئيس عباس بقوله: «في 2016 يسعي الرئيس لعقد مؤتمر دولي لوقف الاحتلال علي قاعدة المبادرة العربية في 2002، إنه يسعي لآلية شبيهة بنمط ال5+1 التي سوت أزمة الملف النووي الإيراني». أخيراً لم تعد السلطة تأمل في قرار من مجلس الأمن يفرض علي الاحتلال البدء في مفاوضات، بل كل ما يسعي إليه الرئيس عباس استصدار قرار يوفر حماية دولية للفلسطينيين وإدانة الاستيطان.