جدل متصاعد بين مختلف الاطراف والقوي السياسية بالمجتمع المصري حول فكرة اللجان الشعبية التي تتبناها جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة لحل المشاكل الخمس الأمن و المرور ورغيف العيش والوقود و القمامة التي وعد د. محمد مرسي رئيس الجمهورية بحلها خلال ال 100 يوم الأولي في ولايته الرئاسية. وكانت البداية عندما عقدت أمانات حزب الحرية والعدالة بجميع محافظات الجمهورية اجتماعات مكثفة، لمناقشة كيفية تنفيذ خطة ال "100" لتمكين رئيس الجمهورية من حل الأزمات الخمس التي وعد بحلها خلال هذه الفترة وهي: المرور، والنظافة، ورغيف الخبز، والوقود، والأمن، وأسفرت هذه الاجتماعات عن الاستعانة بلجان شعبية لتنفيذ هذه المهمة. ووزع أعضاء وشباب جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة أنفسهم علي المساجد بهدف الاجتماع بالمصلين لحثهم علي المشاركة في الخطة في ظل وجود الكثير من العقبات التي تعرقل مسيرة الحياة بشكلها الطبيعي في مصر حتي بعد وجود رئيس للجمهورية. د. محمود حسين الأمين العام لجماعة الاخوان المسلمين أكد أن المساهمة في حل الأزمات الخمس التي وعد الرئيس د. محمد مرسي بحلها خلال ال 100 يوم الأولي في ولايته الرئاسية بمثابة مهمة وطنية يجب علي كل وطني محب لمصر أن يشارك فيها مشددا علي أن جماعة الاخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة يحرصان علي دعم رئيس الجمهورية لتمكينه من حل الأزمات الخمس ، وذلك من خلال تفعيل دور اللجان الشعبية والتي تم تشكيلها من شباب الجماعة والحزب وبعض القوي السياسية الأخري في مختلف محافظات مصر للمساهمة في حل هذه المشكلات التي تمس عصب حياة المواطنين . وقال د.حسين: سوف نعمل بالتعاون مع رؤساء المحليات علي تركيز الجهود في خمسة محاور أساسية، وهي: الخبز، والنظافة، والأمن، والمرور، والوقود، وهي المحاور التي تتصدر أولويات المواطن البسيط. وأشار أمين عام جماعة الاخوان المسلمين إلي أهمية المشاركة المجتمعية في حل هذه المشاكل والأزمات التي يعاني منها المجتمع المصري، مشددا علي ضرورة أن تتعاون جميع القوي السياسية والشعبية في تنفيذ هذه المهمة الجليلة حيث ان أي فصيل لن يستطيع بمفرده أن يقوم بهذه المهمة دون أن تتضافر معه جهود الفصائل والقوي الأخري. ونفي د.حسين أن يكون هناك تعارض بين عمل اللجان الشعبية وبين عمل الجهاز التنفيذي للدولة، مؤكدا أن هذه اللجان ستكون معاونة للجهاز التنفيذي وليست بديلة عنه كما يردد البعض، مشيرا إلي أن مصر في أمس الحاجة إلي أن تتعاون القوي السياسية والشعبية مع الجهاز التنفيذي للدولة من أجل النهوض بها، بهدف تخفيف العبء عن كاهل المواطن المصري. معاونة لأجهزة الدولة ومن ناحية أخري أشار د. محمد المصري عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة إلي أن الحزب قام بتشكيل لجنة من فريق الكشافة البحرية والجوية لتنظيم المرور بعد حصولهم علي دورة تدريبية جرت بمعرفة إدارة المرور، وستبدأ عملها خلال هذا الأسبوع ، كما شكل الحزب لجانا للمرور علي محطات البنزين لمتابعة عملية التهريب من خلال مراقبة ما يصل للمحطات من حصتها التموينية، بالإضافة إلي تشكيل لجان شعبية لإدارة الرقابة علي المخابز وضمان وصول رغيف الخبز إلي المواطن. وأكد أن هناك تنسيقًا يجري علي قدم وساق بين شباب الإخوان ومقار الحزب في جميع محافظات مصر للتواصل مع المواطنين، مشيرا إلي أنهم بدأوا في تفعيل العديد من المبادرات في محافظات مصر، من خلال مشاركة مجموعات منظمة من داخل جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة . وأوضح المصري أن تلك الجماعات تخرج مع العاملين في الشوارع لتجميل وتنظيف الميادين، إلي جانب مجموعات أخري تجوب الشوارع في وقت الذروة لمساعدة رجال المرور لتنظيم العملية المرورية في شوارع مصر، وفيما يخص ملف الأمن ، سنتواصل مع جهاز الشرطة لتنسيق الجهود والعمل الجدي علي إشعار المواطن بالأمان. وأكد المصري أن أزمات الوقود والبوتاجاز المتكررة تحتاج في حلها إلي التواصل مع المسئولين لتنسيق الجهود ومواجهة العقبات، موضحا أن هذه الجهود غير مقتصرة علي المحافظات الرئيسية فقط ولكنها تشمل محافظات الجمهورية كافة لأنها تعاني من نفس المشاكل ولكن بنسب متفاوتة. مساعدة الرئيس ومن جانب آخر أكد علي خفاجي أمين الشباب في حزب الحرية والعدالة بالجيزة أنه سيتم مساعدة الرئيس في تنفيذ برنامجه خلال المائة يوم الأولي عبر توعية المواطنين من أجل المشاركة في تنفيذ المشروعات سواء كان ذلك علي المستوي الإعلامي أو المستوي الميداني من خلال التواصل مع المواطنين بشكل مباشر، مشيرا إلي أنه سوف تكون هناك حملة كبيرة للنظافة وتجميل الشوارع. وأوضح خفاجي أن عمل اللجان الشعبية يبدأ قبل شهر رمضان وترتدي كل لجنة زيا مميزا وتساهم في تسيير المرور ومراقبة المخابز ومحطات الوقود والمساعدة في تنظيف الشوارع ومساعدة قوات الشرطة في أداء عملها لاستعادة الأمن، مشيرا إلي أنه تم إعداد قاعدة بيانات تحتوي علي جميع المشاكل الخاصة جميع أحياء المحافظات، مع إعداد ورقة اقتراحات خاصة بكيفية حل تلك المشاكل تمهيدا لتقديمها إلي المحليات. وأكد خفاجي أن كل هذه الجهود تتم بالتعاون والتكامل مع أجهزة الدولة المختلفة بداية من الوحدات والمجالس المحلية وحتي الوزارات، مشددا علي أن عمل هذه اللجان لن يتكلل بالنجاح إلا بتعاون أجهزة الدولة وتكاملها من أجل تنفيذ هذه المشروعات. ردود فعل مختلفة وأمام فكرة اللجان الشعبية التي تبنتها جماعة الاخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة تباينت وجهات نظر الخبراء والسياسيين واختلفت ردود الفعل ما بين مؤيد ومعارض لهذه الفكرة: وصف د. محمود كبيش استاذ القانون الجنائي وعميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة هذه اللجان بأنها بداية لمحاولة الجماعة اخونة الدولة وخلق دولة داخل الدولة وخلق مؤسسات بديلة تسمح للاخوان بالتغلغل داخل مفاصل الدولة وهو ما يمثل خطرا شديدا علي مصر. وأكد د. كبيش أن حزب الحرية والعدالة يريد هدم الدولة، وهذه هي المشكلة فالدولة لا تقوم إلا بمؤسسات رسمية خاصة في الامور ذات الطبيعة السيادية وأهمها الامن، فالامن لابد له من جهاز سيادي رسمي تابع للدولة، بينما فكرة اللجان تعمق فكرة »اللا دولة« ومبدأ الخروج علي نظام الدولة.. فمن الممكن ان توجد لجان شعبية لتنظيف الشوارع فلا مشكلة فيها بينما المسائل ذات الطبيعة الامنية فلا يقوم بها إلا جهاز رسمي فبدلا من ان يفكروا في ذلك عليهم ان يفكروا في كيفية اعادة النظر في منظومة الامن الرسمية لاعادة سيطرتها علي الوضع الامني بالدولة ، علي ان يتم ابعاد الفاسدين منها وابقاء الصالحين. وقال د. كبيش: وإذا لم نستطع القيام بذلك فعلينا ان نأخذ بتجارب الدول المتقدمة في ذلك الشأن، ولا يمكن ان يحدث هذا بدون ان يقوم القائمون علي الدولة باستبعاد العناصر الفاسدة التي تفسد المنظومة ككل. كما ان وجود هذه اللجان الشعبية تجعل الدولة تنتقل الي نظام الميليشيات كما ان هذه اللجان تقضي علي مركزية الدولة ومنظومة الامن الرسمية وهذا لاينفي ان منظومة الامن لدينا »مهلهلة« . وشدد كبيش علي ضرورة تعيين وزير مدني لوزارة الداخلية، مؤكدا أن اعادة هيكلة وزارة الداخلية والمنظومة الامنية في مصر ككل لن يتم إلا بالاستعانة بالشرفاء والمخلصين من داخل نفس المنظومة، واستبعاد العناصر التي تعفنت في هذه المنظومة ، فنحن في حاجة الي رجال الشرطة الشرفاء وهم كثر ووضعهم في مناصب قيادية، بالاضافة الي تغيير العقيدة الشرطية الموجودة حالياً ومن ثم فنحن في حاجة للارتقاء بالعناصر الامنية الاصغر سنا لكونهم لديهم قابلية للتغيير، كما انه من الضروري ألا تستمر اي قيادة امنية في مكانها اكثر من سنة، بالاضافة الي امكانية الاستعانة بخبراء اجانب لوضع انظمة معينة لمكافحة الاجرام وضبط الجرائم وهذا معروف علي مستوي العالم. خطف الدولة بينما يري الدكتور جهاد عودة استاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان أن ما يحدث الآن ليس إلا اهدارا لدولة المؤسسات وتكرارا لنموذج حماس في غزة الذي انتهي إلي وضع مأساوي مشددا علي ضرورة الوقوف بقوة ضد محاولات الاخوان خطف الدولة المصرية. وأكد د. عودة ان اللجان االشعبية هي محاولة من حزب الحرية والعدالة ليوهموا المواطنين أن النظام العام ينهار، مطالبا بالعمل علي ضبط اجهزة الدولة بدلا من الاستعانة باللجان الشعبية حتي لا يصبح عمل المواطن الاساسي مراقبة غيره من المواطنين باسم الرقابة الشعبية، وهو ما يعيدنا للنظام السابق الذي كان يقيمه عبد الناصر، والذي كان فيه الناس يقومون بمراقبة بعضهم البعض، وهو ما يعرف »برقابة بوليسية شعبية« وهذا لا يجوز لان هذا سيسفر عن عواقب وخيمة. ويؤكد عودة ان اللجوء الي الاعتماد علي هذه اللجان يعني انها وسيلة اجبار لجعل مؤسسات الدولة لا قيمة لها، كما أنها تؤدي لنشر السلطوية بين المواطنين وكتابة تقارير عن بعضهم البعض بما يعادل اقامة امن دولة جديد. ورغم ان هناك قيادات اخوانية علي قدر عال من الفكر العقلي المميز إلا ان فكرة اللجان الشعبية توضح وجود »سذاجة سياسية« . وقال عودة: تنفيذ وعود د. مرسي مسئولية الرئيس ومؤسسات الدولة وليست مسئولية الاخوان وعلي الرئيس أن يحدد موقفه من وجود تلك اللجان ودورها لأنه في حالة وقوع أي أخطاء من هؤلاء، فالمسئولية ستقع علي الرئيس، ومن غير المقبول أن يكون دور هذه اللجان بديلا لرئيس الحي أو محافظ الاقليم . إلا الأمن بينما يري الدكتور احمد مهران مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية أن فكرة اللجان الشعبية تنم عن حسن النية وانها احساس جيد بمتطلبات الشارع المصري لعبور كثير من التحديات التي تواجه المواطنين من توفير انبوبة البوتاجاز، والمساعدة في عبور الطريق،.. الخ، ولكن لي هنا أن أتساءل لماذا نستعين بلجان شعبية؟ ونجعلها تقوم بضبط الامن في مصر ونحن لدينا مؤسسة شرطية من اقوي واكبر المؤسسات الشرطية عدداً علي مستوي العالم العربي فأين هذه المؤسسة حتي نستعين بالافراد لضبط الامن؟، وهل هذه اللجان هي عمل تطوعي ام سوف يحصل من يقوم به علي مقابل مادي؟ وهل هناك معايير واضحة لاختيار من يقوم بهذه المهمة ام لا؟ وهل هناك قانون سيحكم العلاقة بين صاحب الفكرة »حزب الحرية والعدالة او الرئيس نفسه« وبين هؤلاء الافراد ام انه لا يوجد ضوابط او قانون يحكم شكل هذه العلاقة؟ فالامر يحتاج الي الاجابة عن كل هذه التساؤلات ، والحقوق والواجبات للقائمين بالعمل فيها، وكيفية محاسبة افراد اللجان الشعبية اذا ارتكب خطأ اثناء اداء مهمته فهل سيساءل وفقاً لقانون العقوبات ام وفقا لقانون العاملين الاداريين بالدولة ام سيوضع لهم قانون جديد؟ وهل دور اللجان الشعبية سيكون بمعزل عن الوزارات المعنية بهذه المهام ام ماذا؟... الخ. وقال: وفي كل الاحوال إن قيام هذه اللجان يلغي عمل مهام الوزارات المختلفة ويجعلها منعدمة. فهي لجان تؤكد ضعفا في السيطرة علي مؤسسات الدولة، فعندما لا تستطيع وزارة الداخلية إحكام الامن والقيام بدورها الاساسي فهذا يعني عدم وجود سيطرة من القائمين علي أمر النظام علي اجبار كل مؤسسات الدولة ان تقوم بمهامها تجاه المجتمع. لذا فهذه اللجان هي بمثابة مؤسسات موازية للمؤسسات الرئيسية بالدولة . فكرة جيدة وقال د.محمد الجوادي الأديب والمؤرخ: هناك فرق بين وزارة الداخلية والامن والسلطة، فوزارة الداخلية هي المعنية بالشأن الداخلي وكل ما هو متعلق بالامور الداخلية بمعني آخر ما تشمله المحليات الآن. اما الامن فهو نوعان هنا: الامن الدولي والامن المحلي ، وحماية الامن مهمة الشرطة ولكن اذا لم تستطع القيام بهذه المهمة فعلينا ايجاد من يقوم بها. فأي جهاز من اجهزة الدولة لا نستطيع تعديله او تطويره يصبح مثل جهاز الكتروني يصعب اصلاحه لعدم قدرته علي اداء مهامه. كذلك الحال مع جهاز الشرطة من كثرة الاقحامات التي دخل فيها اصبح لا يستطيع اصلاح ذاته او اعادة تأهيله لاداء عمله، لما لديه من موروث قديم لا يمكنه التخلص منه. فجهاز الشرطة يحاول اعادة العقارب الي الخلف، وهذا مستحيل فلا رجعة لأي اسلوب من اساليب النظام البائد بعد الثورة. فاللجان الشعبية هي تحديث للنظام الشرطي الذي لا نستطيع تحديثه. بمعني ان اللجان الشعبية هي محاولة لايجاد وسيلة لسد النقص الناشئ عن عدم تكيف الجهاز الامني نفسياً واجتماعياً، وحوارياً. فهم انفسهم لا يستطيعون ان يتكيفوا ولا الرئيس قادر علي جعلهم يتكيفون مع المجتمع بعد الثورة. ويؤكد الجوادي ان وجود اللجان الشعبية لحفظ الامن لا يعارض عمل وزارة الداخلية لاننا نحن من نملك الفصل بين اداء كل منهما لمهامه عن الآخر. الثورة المضادة بينما تدعم حركة 6 ابريل اللجان الشعبية المطروحة من حزب الحرية والعدالة في اطار خطة عمل المائة يوم لبرنامج الرئيس محمد مرسي.. هذا ما اوضحه الناشط السياسي عامر محروس عضو حركة 6 ابريل مؤكدا ان الحركة تدعم الرئيس باعتباره المنتخب بارادة شعبية، وذلك لوجود الثورة المضادة المستمرة الي الآن، كما ان دعم الحركة لمرسي ضد الحزب الوطني الذي مازال يعمل الي اليوم وهذا هو الهدف الرئيسي من وراء دعم الحركة لحزب الحرية والعدالة حول فكرة اللجان الشعبية، ولكنه اكد انه رغم كونه عضوا في الحركة إلا انه يري ان اللجان الشعبية محاولة من الاخوان لاستعادة التأييد الشعبي الذي فقدوه من الشارع المصري.