مع أنها كانت إحتفالية بالعيد الوطني وبأعياد التحرير .. إلا أن طائر الذكريات الحزينة كان يرفرف بعض الوقت في المكان ليذكرنا بما حدث لهذا البلد .. ثم يأتي طائر الأمل ليقصيه من نفس المكان ليطلب من الحضور أن ننظر للمستقبل ونركز علي آمال وأحلام الأجيال القادمة لكن طائر الذكريات الحزينة يعود مرة أخري ليطلب من الحضور أن نستفيد من هذه الذكريات ولاننساها حتي ولو كنتم تفضلون أن يبقي طائر الأمل معكم دائما. كان هذا شعور كل من حضر الإحتفالية التي أقامتها جمعية الصداقة المصرية الكويتية بهذه المناسبة وهي العيد الوطني الكويتي وأعياد التحرير وكان ضيف هذه الإحتفالية والمتحدث الرئيسي فيها هو د. مصطفي الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب في حضور سفير الكويت والمستشار الثقافي لها بالقاهرة. ومع أن د. مصطفي الفقي قد كشف عن أسرار كثيرة عما حدث خلال فترة ماقبل غزو الكويت من جانب صدام حسين في 2 أغسطس عام 1990 إلا أن دخولي الكويت مع أول طائرة مدنية بعد حرب التحرير ذكرني بما شاهدته من مآس وصور تجعلني دائما أشعر بالحزن الشديد لما حدث من جانب صدام حسين في ذلك الوقت وتسبب بفعلته في أن يدخل المنطقة العربية كلها في أزمة لم تستطع أن تخرج منها حتي الآن عندما قرر في لحظة جنون أن يمحو الكويت من الخريطة الجغرافية ويدخلها التاريخ. لقد دخلت الكويت مع أول طائرة مدنية تحط علي أرض مطارها الذي كان مدمرا تماما - كانت لحظة لاتنسي من جانبي وأنا أري قائد الطائرة يقوم بالدوران فوق المطار ليتحسس مكانا يهبط فيه بعد أن كان الدخان يلف سماء الكويت بكاملها بعد أن أمر صدام حسين وقتها بإشعال مايزيد عن 600 بئر بترول فيها قبل إنسحاب قواته منها - تذكرت كل ساعة من ساعات الأيام الإحدي عشر السوداء التي قضيتها في الكويت وقتها والتي لم أر فيها الشمس إطلاقا - وتجولت بين المقابر الجماعية التي كان يتم كشفها في ذلك الوقت لأشاهد ماذا فعل صدام بهذا البلد . ومع أن د. مصطفي الفقي والحضور وفي مقدمتهم الفريق زاهر عبد الرحمن رئيس مجلس إدارة الجمعية قد كشفا الكثير عن طبيعة العلاقات المصرية الكويتية الخاصة والتي تعتبر نموذجا للعلاقات التي نتمني أن تكون بين بقية دول العالم العربي وبعضها البعض- لكن ماجعلني أشعر بالتقدير الشديد لهذا البلد عندما ذكر المتحدثون أن الكويت كانت أول دولة عربية تهب للمشاركة في دعم القوات المسلحة المصرية عام 1967 قبل حرب يونيو عندما قررت أن ترسل لواء كاملا وهو لواء اليرموك من بين ثلاثة ألوية كانت هي كل حجم القوات الكويتية - وجاء هذا اللواء بكامل عدته وعتاده.. وظلت هذه القوات مع إخوانهم بالقوات المسلحة المصرية حتي تمت حرب تحرير الأرض عام 1973 - لذا كان من الطبيعي أن تكون القوات المصرية في مقدمة القوات التي أمر الرئيس حسني مبارك بإرسالها إلي حفر الباطن لتكون هي الأداة الرئيسية لتحرير الكويت - تذكرت وقتها الجهد الذي قام الرئيس حسني مبارك لمحاولة إثناء صدام حسين من غزو الكويت - - لكنه للأسف لم يستجب لكل هذه النداءات وكانت هذه النتيجة التي تسبب فيها في تدمير بلده وشعبه والإضرار بالمنطقة العربية كلها وكان يمكن أن نتفادي كل هذا لو كان صوت العقل قد عرف طريقه لقائد العراق الذي قدم للعالم كله نموذجا لأسوأ قيادة تؤدي إلي تدمير وطن وتدمير شعب وضياع ثروات أجيال القادمة. لاسامحك الله ياصدام - وتحية لدولة الكويت التي أصبحت في علاقاتها مع اشقائها العرب خاصة شقيقتها مصر بمثابة حالة تدرس لكل الأجيال القادمة - ونظرا لطبيعة هذه العلاقة أصبح بالكويت مايزيد عن 400 ألف مصري يعملون بها - حتي أن مؤسستي بأخبار اليوم - كما ذكر د. عهدي فضلي رئيس مجلس الإدارة أمام الحضور جعلت الكويت هي البلد الأولي التي تقرر معها طبع أخبار اليوم في مطابع إحدي صحفها هناك وهي الوطن الكويتية وأن تطبع صحيفة الوطن النسخ الخاصة بها في مصر بمطابع أخبار اليوم ليكون تعبيرا واضحا لطبيعة هذه العلاقة الخاصة بين مصر والكويت.