في هذا الباب نكشف القناع عن الوجه الآخر للشخصيات التي اعتدنا رؤيتها في ثوب واحد .. نتعرف علي الأفكار والهوايات وتفاصيل الحياة الطبيعية التي تختفي خلف أقنعة المنصب .. أو خلف الظروف التي تفرضها طبيعة العمل . هو كاتب وباحث ومفكر.. درس الفلسفة وتعمق في تاريخ الحركات الإسلامية كاشفا وراصدا وناقدا لتحولاتها الفكرية.. هو أيضا صاحب فكر مستنير.. وقناعات حاسمة.. لم يمنعه توليه وزارة الثقافة من الاستمرار في خوض معاركه الفكرية إيمانا بالتنوير وبأهمية بناء الدولة المدنية الحديثة التي يراها ضرورة لا بديل عنها . هو وزير الثقافة حلمي النمنم.. صاحب التاريخ الثقافي الحافل الذي رشحه لنيل ثقة جموع المثقفين في مصر.؛ ؛............................. ؟ أنا فلاح من قرية ميت غمر دقهلية.. تربيت في أسرة متوسطة.. محافظة.. ومتدينة جدا.. لكن ليس تدين المظاهر بل التدين بمعني الإيمان الحقيقي.. القائم علي حب الخير ومساعدة الغير.. « يعني والدي مثلا كان يؤمن بضرورة التعجيل في إخراج الصدقات.. وأن تأخيرها يترتب عليه شر يصيب الأسرة «، أما أمي فكانت نموذجا للطيبة والتسامح.. لا تحمل الهم.. ولا تحمل حقدا لأحد « اتعلمت منها أن بعض مواقف الحياه لازم نتعامل معها ببساطة ومرح من شدة تعقيدها » . ؛............................. ؟ كنت طفلا هادئا جدا.. لا أعشق سوي القراءة والكتابة ورياضة المشي.. في الصف الأول الإعدادي كتبت أول قصة من وحي حرب أكتوبر.. وأخذت عنها الجائزة الاولي. وحتي المرحلة الإعدادية.. لم يكن الحصول علي الكتاب أمرا سهلا.. وخاصة في القري.. فلم تكن لدينا في ميت غمر سوي مكتبتين لبيع الكتب القديمة.. وكان أقصي متعتي أن أدخر مصروفي لأشتري كتابا. ويبتسم قائلا : «رغم حبي للقراءة والكتابة.. غلطت ودخلت القسم العلمي.. لأني كنت باحب مادة الرياضيات.. لكن حسيت بعدها إني خنت نفسي.. ثم سارعت لمصالحتها بدراسة الفلسفة في كلية الآداب» . ؛............................. ؟ أنا كاتب صحفي أنتمي للمثقفين.. والمثقف دائما مهموم بالتغيير في مجتمعه.. ويقول رأيه بجرأة ووضوح.. وهو ما يغضب المحافظين وأحيانا يصدمهم.. وأنا أحب الوضوح.. ولا أقول رأيا غير مقتنع به.. وأؤمن أن معرفة الحقيقة ضرورة للتغيير حتي لو كانت صادمة.. « يعني علشان تفوّقي الناس.. لازم تصدميهم بالحقيقة » . ؛............................. ؟ النقد لا يضايقني.. فالله خالق الكون ورازق البشر يوجد ملحدون لا يؤمنون به.. فهل ينتظر الوزير أو المسئول الإجماع عليه من الناس؟.. وعموما أنا أحاول الاستفادة من بعض النقد. ؛............................. ؟ الصداقة لها مكانة كبيرة جدا في حياتي.. لكن للأسف.. في السنوات الأخيرة انتزع الموت ثلاثة من أعز أصدقائي.. وهم جميعا كتاب صحفيون.. خالد السرجاني.. ومجدي مهنا.. وسلامة مجاهد.. كنا نلتقي أسبوعيا في جروبي عدلي.. أو أمفتريون مصر الجديدة.. وتضم الجلسة مناقشات سياسية وثقافية وفكرية.. ونميمة أيضا .. وبكلمات حزينة يقول: «في فترة الشباب ممكن تعويض الأصدقاء وتكوين صداقات جديدة .. لكن في سننا .. اللي بيموت محدش بيحل محله ». ؛............................. ؟ فقدت جزءاً كبيراً من حريتي الشخصية مع دخولي الوزارة.. وحرمت من عادات وهوايات وأنشطة كثيرة أحبها.. كنت معتادا علي زيارة سور الأزبكية مرة أسبوعيا.. وكنت أعشق المشي في شوارع وسط البلد.. وكنت أهوي النزول إلي متروالأنفاق وتأمل «وشوش» الناس ومراقبة سلوكياتهم.. مع دخولي الوزارة أيضا.. أصبحت لا أستطيع الكلام بحرية كبيرة.. لأنني في موقع المسئولية ويبتسم : « وحشني سور الأزبكية.. ووحشني المشي في شوارع وسط البلد». ؛............................. ؟ لا أخشي يوم خروجي من الوزارة.. فالوزارة بالنسبة لي خدمة عامة تم استدعائي لأدائها.. وبعد أداء مهمتي سأترك المنصب.. وأنا أتعامل مع الأمر بحكمة علي بن أبي طالب «اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا.. واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا « يعني بأبذل كل جهدي.. وفي نفس الوقت أستعد لخروجي في أي لحظة» . ؛............................. ؟ اعتز بلقب كاتب صحفي أكثر من لقب وزير.. وقد بدأت حياتي صحفي تحقيقات اجتماعية وثقافية في مجلة حواء.. وسأعود لعملي كصحفي وكاتب بعد ترك الوزارة.. « أول حاجة هاعملها بعد الوزارة.. كتابة الفصل الأخير من كتابي «التجديد ضرورة مصرية» عن تجديد الخطاب الديني.. وكمان هانتهي من كتابي «ثقافة الفساد». ............................. ؟ زوجتي هي تهاني الصوابي مدير تحرير مجلة حواء ولدي ابن واحد هو مهاب.. طالب بالدبلومة الأمريكية. أربيه علي الحرية الكاملة واحترم اختياراته.. ولا أحاول أن أجعل منه صورة مني.. مثلما كان يفعل أهلنا. ............................. ؟ الزواج في مصر ضرورة اجتماعية.. في ظل مجتمع لا يمنح الناس حريات اجتماعية. والزواج مؤسسة اجتماعية لها شروطها وقواعدها وأسس نجاحها.. والحب بالتأكيد أحد هذه الأسس.. لكنه ليس الوحيد.. وأنا شخصيا لا أستطيع عمل أي شئ بدون حب.. فلا أستطيع أن أجلس مع ناس لا أحبهم.. ولا أؤدي عملا لا أحبه.. ولا أجلس في مكان لا أحب تفاصيله واستريح إليه . ؛............................. ؟ أستمتع بالأوبرا.. وأتابع عروضها بانتظام.. أما السينما فأتابعها كصحفي وراصد لأحوال المجتمع.. وأستمتع بمشاهدة عادل إمام وأحمد زكي ويسرا وإلهام شاهين . ؛............................. ؟ المرأة في مصر لم تأخذ كل حقوقها.. وفي عام 1990 كتبت حملة صحفية بعنوان «وزيرة واحدة لا تكفي».. فقد كانت لدينا وزيرة واحدة منذ عام 1960.. وكنت أري ضرورة زيادة عدد الوزيرات.. بشرط توافر الكفاءة.. وليس فقط لكونهن نساء .. «علي فكرة.. أنا عندي في الوزارة 5 قيادات نسائية.. وفخور جدا بأدائهن » . ؛............................. ؟ أهم أمنياتي استكمال بناء الدولة المدنية الوطنية الحديثة .. فلا بديل لمصر عنها.. وأمنيتي كوزير أن أكمل مشروع دار أوبرا الأقصر.. أما علي المستوي الشخصي فأتمني العودة لكتاباتي ومؤلفاتي .. وتحقيقاتي الصحفية أيضا .