علي مدي ثلاثين عاما وأكثر خاصم المصريون صناديق الانتخابات البرلمانية والرئاسية.. تعبيرا عن الغضب. ورفضا لتزوير وتزييف إرادتهم.. علي أيدي رجال الحزب الواحد.. ومساندة قوات أمن النظام! الآن بعد الثورة.. طرح الموقف الانتخابي للرئاسة سؤالا مهما.. لماذا قاطع أكثر من 50٪ من الناخبين صناديق الانتخاب الرئاسي؟! يري د.بهاء أبوشقة نائب رئيس حزب الوفد أن نسبة الادلاء بالأصوات في مرحلة الإعادة يعد مؤسفا حيث كان من المتوقع أن يتضاعف هذا الاقبال في مرحلة الحسم خاصة أن المطالبة بانتخابات نزيهة تخضع لاشراف قضائي كامل كانت مطلبا شعبيا سعي الشعب المصري كله والقوي السياسية بأكملها للوصول إليه منذ عام 1952 الآن بعد توفير هذه المطالب، واستخدام الرقم القومي والحبر الفسفوري والالتزام بالفرز داخل اللجان الفرعية والاشراف القضائي، بل وبإشراف دولي وتحت أعين منظمات المجتمع المدني نجد ان اقبال المواطنين بهذه النسبة غير المرضية والتي لا تتلاءم مع أهمية الحدث وعظمة المطلب وهو الحرية والديمقراطية التي يطالب بها الجميع. الديمقراطية تتعارض تماما مع السلبية وكان يتعين علي كل مواطن أن يؤدي دوره لأن هذه ضريبة ندفعها للوطن. كاتم الشهادة ويوضح أبوشقة أن التذرع بأي حجة مرفوض لأن الانتخاب نوع من أنواع الشهادة وكاتم الشهادة يؤثم شرعا. ولتفادي هذه السلبيات في المراحل المقبلة يري أبوشقة أنه لابد من وضع غرامات ضخمة كعقاب لمن يمتنع عن الادلاء بصوته وأن يتم تحصيلها فعلا لا أن يتم التلويح بها دون تفعيل وأن يصدر بها أمر تحصيل من وكيل النيابة.. كما يطالب بضرورة توفير صناديق للمغتربين العاملين في القاهرة ولن يتكبدوا مشقة السفر خاصة أن التكنولوجيا الحديثة تتيح ذلك فمن الممكن أن يصوت المغترب من مكان تواجده علي أن يتم اخطار لجنته الأصلية بذلك لمنع الادلاء بالصوت مرتين. كذلك لابد من منح الموظفين القائمين علي العملية الانتخابية باللجان والبالغ عددهم نحو 130 ألف موظف فرصة الادلاء بأصواتهم من نفس لجنتهم واخطار اللجنة التي يتبعون لها أصلا وكذلك يطالب بمنح المحبوسين احتياطيا فرصة الانتخاب طالما لم يصدر حكم ضدهم لأن هذا حقهم الدستوري وفقا للمادة 25 من قانون الجنايات بالإضافة إلي ضرورة زيادة الوعي للمواطنين للتغلب علي الأفكار الهدامة التي نشرت فكرة المقاطعة. الشعور بالإحباط د.رفعت السعيد رئيس حزب التجمع يفسر ضعف الاقبال الذي حدث في جولة الإعادة بالموقف المخزي إلا أنه له أسبابه وأولها اجراء الانتخابات المتعددة المراحل والتي تمت علي فترات متقاربة مما أصاب البعض بالملل كذلك قرار حل مجلس الشعب والذي أدي إلي شعور الكثيرين بأن المجهود الذي بذلوه ذهب ادراج الرياح وبالتالي أصابهم الاحباط هذا بالإضافة إلي شائعات التخويف والترويع من استخدام العنف من قبل بعض التيارات والذي ساهم في عزوف شريحة معينة من غير المثقفين أو الطبقة البسيطة. كما يؤكد د.رفعت أن الحكومة عندما أرادت تقديم التيسيرات لتحفيز المواطنين للادلاء بأصواتهم بمنحهم الإجازة وتذاكر وهو ما يعد تصرفاً يفتقر إلي الذكاء لأن المواطنين استغلوا هذه الفرصة وسافر كثير منهم للمصايف أو لزيارة الأهل في المحافظات. الدعوة للمقاطعة حمادة الكاشف منسق عام اتحاد شباب الثورة يقول إن هناك عدة عوامل أدت لضعف الاقبال علي جولة الإعادة أهمها عدم ثقة المواطنين في كلا المرشحين خاصة الكتلة التي أيدت مرشحي الثورة والتي تصل إلي حوالي 12 مليون صوت غاب معظمها. ويضيف أيضا أن حملات المقاطعة وابطال الصوت كان لها أثر كبير. ويؤكد أن صدور الاحكام علي أعضاء النظام السابق وصدور حكم بحل مجلس الشعب أدي إلي تراجع الشعب عن الادلاء بالصوت لان قطاعا كبيرا منه شعر بأنه تم استهلاكه في استفتاءات وانتخابات باطلة منذ البداية وبالتالي قفزت إلي رأسه فكرة أن الأمر كله لعبة سياسية فرفض أن يتم استغلاله بها. ويوضح الكاشف أن اتحاد شباب الثورة أعلن في مؤتمر صحفي عدم دعمه لأي من المرشحين ولهذا لم يهتم أغلبهم بالادلاء بصوتهم وشاركهم في ذلك القرار الكثير من شباب الثورة تضامنا مع الفكرة. ويؤكد الكاشف أن الامتناع موقف سياسي ولا يعد عدم مبالاة وايجابياته تنبع من تنظيم رد فعل ضد الأوضاع في الفترة المقبلة. تشويه عقل الناخب في رأي د. ممدوح إسماعيل وكيل مؤسسي حزب النهضة السلفي أن نسبة الاقبال لم تكن ضعيفة انما كان من المنتظر أن تكون أكثر من ذلك واذا عدنا إلي تمثيل الشعب المصري في الانتخابات في عهد مبارك لوجدنا أنه كان لا يتعدي ال80 بالمائة أما الآن فنحو ال50 بالمائة ذهبوا للصناديق وهذا يعتبر فرقا شاسعا. ويري د. ممدوح أن أسباب عدم الاقبال ترجع إلي أن الحالة العامة للوعي في مصر حيث قام الاعلام المضاد بتشويش عقل المواطن وفكره وتوجيهه لاتجاه مرشح معين وليس حسب مصلحة الوطن وهذا الاسلوب هو نفسه ما كان متبعا أيام الحزب الوطني.. هذا بالإضافة إلي ضعف الحياة الحزبية والقوي السياسية في مصر والتي تعد في بداية تكوينها ولا تملك قواعد شعبية وبالتالي كان من الصعب أن نلمس تأثيرها في حشد الجماهير في الوقت الحالي. أسباب سياسية ويحلل د.إكرام السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الظروف التي أدت إلي ضعف الاقبال في عدم وجود بدائل أمام المواطنين بعد أن نزل الجميع متحمسا في الجولة الأولي ل13 مرشحا كذلك تداعيات الاحكام التي اثرت علي موقف الناس بسبب عدم ثقتهم في العملية ككل، كذلك هناك كتلة تصويتية فوجئت بكلا التيارين اللذين كانا متواجدين علي الساحة السياسية قبل الثورة أيضا وبالتالي شعرت هذه الكتلة بأن الوضع السياسي محلك سر فرأوا أن عدم المشاركة هو الحل، هذا بالإضافة إلي الاحباط الذي أصاب الكثيرين بسبب تبرئة بعض رموز النظام وهو ما جعلهم يشعرون أن مجهودهم سيذهب هباء لأن الأمر محسوم مسبقا حسب تصورهم. الشخصية المصرية ويضيف د.إكرام أن المصريين حديثو عهد بالسياسة وشعروا بالارهاق والاحباط من المشاركة خاصة بعد حل المجلس وتلاه دور القوي السياسية في التشكيك في صحة الانتخابات كان سببا في الامتناع عن المشاركة، كذلك اكتساح الإخوان في الانتخابات البرلمانية ثم في الجولة الأولي من الرئاسة أدي إلي تخوف الكثيرين من انتخابهم في جولة الإعادة ولم يكن هناك بديل سوي شفيق الذي لا يعبر أيضا عن إرادة الشعب!