منظومة فساد كاملة ابطالها بعض المقاولين وموظفي الاحياء .. والنتيجة ابراج شاهقة بدون تراخيص ، تشكل تحديا فجا للقانون ، ومظهرا عشوائيا يعكس حالة الفوضي التي عمت البلاد خاصة بعد ثورة يناير . الاخبار تخترق العالم السري لمافيا المباني المخالفة في محاولة لكشف الثغرات والأساليب الملتوية التي يستغلها البعض لمخالفة قوانين البناء في محاولة لعلاج اصل المشكلة خاصة بعد ان تم تشكيل البرلمان الجديد بداية كشفت دراسة علمية للدكتورة منار حسين عبدالصبور بكلية الهندسة جامعة عين شمس عن حقيقة مفادها ان نسبة مخالفات المباني في مصر وصلت الي 90٪من اجمالي العقارات الموجودة.. وتعكس نسبة المخالفات في احياء القاهرة فداحة المشكلة حيث وصلت في حي المطرية الي 8٫29٪ بعد ان وصل عدد العقارات المخالفة الي 1331من اجمالي العقارات والتي بلغت 1433عقارا.. وفي حي السلام بلغت نسبة المخالفات 94٪ووصل اجمالي محاضر المخالفات التي تم تحريرهاعشرة اضعاف تراخيص البناء وسجلت المخالفات في عين شمس معدلا قياسيا حيث وصلت الي 96٪حيث وصل عدد المخالفات 5030مخالفة اي مايعادل عشرة اضعاف التراخيص الصادرة عن الحي وفي الدرب الاحمر بلغت نسبة المخالفات 71٪وفي الجمالية50٪ واشارت الدراسة الي ان ابرز اشكال مخالفات البناء التي تم رصدها تنوعت بين البناء بدون ترخيص والتعلية بدون ترخيص والتعدي علي املاك الدولة وتجاوز قيود الارتفاع والبناء علي موانع التنظيم.. وأرجعت الدراسة اسباب تفاقم مشكلة مخالفات البناء الي زيادة معدلات الفساد في المحليات والتي ادت الي صعوبة حصول المواطن علي تراخيص البناء من خلال القنوات المشروعة فضلا عن ضعف اجور مهندسي الاحياء مما تسبب في فتح الباب امام الرشوة والمساومات وهجرة الكفاءات الهندسية من العمل بالمحليات هربا من المسئولية الهندسية والتي تجعلهم دائما عرضة للمساءلة القانونية..؛
فساد قامت « الاخبار » بجولة ميدانية لرصد اشكال المخالفات ومناقشة اطراف القضية .. كانت البداية بمنطقة الهرم بمحافظة الجيزة حيث انتشرت الابراج المخالفة في كافة الشوارع ضاربة بالقوانين عرض الحائط مما انعكس سلبا علي البنية التحتية لشوارع الجيزة حيث تري طفح المجاري والشكوي المتكررة من انقطاع المياه . لاحظنا جريمة سرقة التيار الكهربائي والتعدي الصارخ علي شبكة الصرف الصحي .. وكأن الجهات الحكومية المسئولة ترفع شعار «شاهد ما شفش حاجة». كماانتشرت لافتات الترويج للوحدات السكنية علي المباني المخالفة تعلن عن توافرمساحات مختلفة تبدأ من 60 مترا وحتي 140 مترا ، ادفع 75 ألف جنيه والباقي علي قسط شهري يبدأ من 600 جنيه أو أقساط سنوية حتي 5 سنوات. يقول اشرف سعيد أحد المسئولين عن تسويق وحدات سكنية ببرج تم تشييده مخالفا، أن أسعار الوحدات التي تبلغ مساحتها 100 متر مربع تصل 200 ألف جنيه في حال دفع المبلغ «كاش» ، أما في حال التقسيط علي سنتين أو 5 سنوات يزيد المبلغ 50 ألف جنيه ويشير إلي أن البرج السكني الذي يشرف علي تسويق وحداته، به جميع المرافق والخدمات التي يحتاج إليها السكان من الكهرباء والمياه والمصاعد الكهربائية. أزمة السكن
واضاف محمد سعيد أحد المقاولين الذي كان يقوم بتشييد برج سكني آخرمكان فيلا بمحافظة الجيزة يقول إنه قام بشراء الأرض وهدم الفيلا لبناء برج سكني يحل به أزمة السكن للشباب مضيفا ان الأسعار التي يكتبها علي لافتة علقها علي أحد أعمدة البرج الذي يكمل تشيده كتب عليها أن أسعار الوحدات لديه مغرية وبالتقسيط، ليجيبنا بعد السؤال عن سعر الوحدة بأن لديه وحدات 80 مترًا بسعر 190 ألف جنيه ويري أن البرج السكني المكون من 10 طوابق غير مرخص، ولا يوجد ترخيص من الحي لأي من العقارات الجديدة التي تم بناؤها مؤخرًا بالمنطقة.
حكاية الكاحول
احد ملاك العقارات المرخصه رفض ذكر اسمه خوفا من بطش المخالفين الذين يبنون بجواره بدون ترخيص اكد لنا ان قانون البناء الحالي هو سبب البلاء حيث انه يسمح باستخراج رخصة البناء بعقد بيع غير مسجل و95% منها تكون بأسماء «كاحُول» اي شخص مجهول وبعد الحصول علي الترخيص يبدأ في البناء ولكن نجد الكثير يخالف الرسوم الهندسية واشتراطات الرخصة وبناء طوابق زائدة عن المقرر في الترخيص ،وهنا القانون يلزم الأحياء بإرسال خطاب بعلم وصول للمخالف لإعلانه بالمخالفة وعادةً ترد هذه الخطابات للأحياء لعدم الاستدلال عن المالك الحقيقي مضيفا لأن الخطاب باسم «الكاحُول» الموجود بالرخصة وبالتالي يهرب المالك المخالف الحقيقي من العدالة بعكس القانون السابق .. والغريب في الأمر أن القانون 119 يجيز في حالة هدم العقار دون الحصول علي رخصة هدم استخراج رخصة بناء بدلاً من معاقبة من قام بالهدم ، مطالبا أنه لابد من صدور تشريعات أو قرارات سريعة توجب القبض علي المقاول المخالف ومحاسبته بالقانون مما يردع المخالفين ومقاولي البناء . حيل متنوعة ويري جابر فرغلي مقاول ان حيل البناء المخالف متنوعة فحتي يدخلون الكهرباء الي مبانيهم المخالفة ؟..فكروا في خدعة تعتمد علي تسجيل دخول الكهرباء الي المبني المخالف باسم احد الاموات ..وهنا يظهر السؤال : كيف يقبل موظف الحي بطاقة شخصية لمواطن يريد ان يدخل الكهرباء دون ان يحضر ؟ وتفعل « الاكرامية « سحرها حيث يتم تسجيل كهرباء العقار باسم شخص ليس له وجود !! الحيلة الاخري للبناء المخالف تكمن في فساد ضمائر بعض مهندسي الاحياء .. فيمكن ب 5 الاف جنيه فقط .. ان يبيع المهندس « الفاسد « ضميره ويغض الطرف عن الدور الواحد المخالف .. وتختلف قيمة الرشوة طبعا من منطقة الي اخري ففي المهندسين مثلا وصل سعر الدور المخالف 10الاف جنيه ومصر الجديدة وصل الي 15 الف جنيه . واصلنا جولتنا في حي مدينة نصر الذي اصبح بأبراجه الشاهقة المخالفة خير دليل علي فساد المحليات في مصر وتحدي المقاولين للقانون . سرقة تيار
اكتشفنا ان جميع الخدمات من كهرباء ومياه مقطوعه عن تلك المنطقة مما اجبر سكان تلك الابراج علي سرقة التيار الكهربائي وشركة الكهرباء نايمة في العسل .. المفاجأه الثانيه هي انفجار الصرف الصحي في كل شوارع المنطقه وانتشرت رائحة المجاري في كل مكان .. اما المفاجأه الثالثه هو ان من يشتري شققا في هذه الابراج لا يعرف انها مخالفه الا بعد ان « تقع الفأس في الرأس ».
انهيار البنية المباني المخالفة أثرت سلبا بشكل مباشر علي جميع مرافق وخدمات المدينة وعلي شبكات وخطوط مياه الشرب وهذا ما اكده العميد محيي الصرفي المتحدث باسم الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي . وقال ان شبكات الشركة في مشكلة كبيرة بسبب تعدي أصحاب العقارات المخالفة علي الخطوط وسرقة المياه التي تكبد الشركة خسائر بالملايين ، مطالباً باتخاذ قرارات صارمة لوقف البناء المخالف وتجريم التعدي علي شبكات وخطوط مياه الشرب والصرف الصحي .