تعيش مصر الان حالة من الفوضي والعبث لم تشهدها من قبل وتؤكد كل الشواهد والدلائل ان استمرارها سوف يلحق بالوطن أشد الضرر ويؤدي لعواقب وخيمة لن ينجو من شرها أحد، لأنها تهدف بكل بساطة إلي إعادة مصر للوراء وإلي نقطة الصفر، وأخشي ما أخشاه أن تكون نقطة اللا عودة!!. ان المدقق لتفاصيل المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي نعيشه سوف يكتشف بسرعة اننا امام حالة فريدة من الفوضي التي تمولها وتدعمها وتقوم بها اياد خارجية كثيرة وباستخدام بعض النفوس المريضة من القوي السياسية وبعض من نطلق عليهم اسم الناشطين. حالة من الفوضي هدفها الاول هو النيل من ثورة يناير وإسقاط مصر، واحداث نوع من الفتنة الطائفية التي لم يعد طرفاها التقليديان مسلمي مصر واقباطها ولكن الامر اتسع ليشمل كل المصريين الذين يعيشون حالة من الانقسام الحاد والذي كان من الطبيعي ان ينعكس علي سلوكهم وافعالهم وتعاملاتهم والتي بدأت تميل الي الحدة. والاقصاء والتخوين اتسع ليشمل كل الثوابت والدعائم التي ظلت لآلاف السنين محورا لحضارة مصر التي تتعرض اليوم لخطر لا ابالغ عندما اقول انه خطر الاندثار والانهيار!! ودعونا نقول بكل صراحة ان الاشادة والثناء الذي كنا نكيله للمجلس الاعلي للقوات المسلحة ومواقفه النبيلة تجاه بعض حالات الفوضي والانفلات التي تقوم بها بعض القوي السياسية سوف يتحول الي النقيض تماما اذا استمرت حالة التراخي والصبر المر الذي يتعامل به معها. لقد أكدت التجارب التي خاضتها مصر طوال فترة ما بعد الثورة ان هناك موانع حقيقية تحول دون أي اتفاق بين القوي المدنية، والتي تسعي لإقصاء كل معارضيها حتي لو جاءوا عبر الاختيار الحر للمواطنين، في محاولة للاستئثار بالمشهد السياسي. ودليلي علي ذلك الحرب الشرسة التي يتعرض لها الفريق احمد شفيق المرشح للرئاسة بعد اعلان نتائج الجولة الاولي والتي اشاد بها جميع المرشحين لكنها سرعان ما تحولت الي وسيلة لهدم كل ما تحقق خلال الفترة الماضية. كان من الغريب والمثير ان يتم الحديث عن تزوير الانتخابات من جانب المرشحين الذين لم يحالفهم الحظ والذين سارع البعض منهم الي الاعلان عن مجلس رئاسي يضم الحاصلين علي اعلي الاصوات منهم رغم ما يرددونه عن تزوير الانتخابات وهو الامر الذي يمتد ايضا ليشمل الاصوات التي حصلوا عليها!! وحتي كتابة تلك السطور فإن جماعة الاخوان لم تعلن الانضمام الي هذا المجلس الرئاسي ليس من قبيل عدم القناعة ولكن بحسابات المصالح وغريزة الاستئثار بالسلطة، مع تمهيد المسرح مقدماً لتقبل المزايدات الخاصة بتزوير الانتخابات إن جاءت نتيجتها لصالح شفيق. لقد اختارت جماعة الاخوان ملعبا وساحة اخري تكمل بها المشهد الفوضوي والعبثي الذي يعصف بمصر والمصريين وهو الهجوم الضاري علي القضاء الشامخ في القضية المتهم فيها الرئيس السابق ووزير داخليته وكبار مساعديه والتي قدم النائب العام طعنا في كل احكامها. امتد الهجوم ليشمل قضاة مصر الاجلاء آخر الحصون التي نحتمي بها ونحن نعيش لحظات الانهيار التي يعيشها وطننا من جراء حفنة قليلة تفرض سطوتها وحناجرها وتستخدم كل الوسائل غير المشروعة لتحقيق اهدافها. وامتد هذا الهجوم ليشمل الربط العقيم والسقيم بين المرشح الفريق أحمد شفيق والنظام السابق ومحاولة التدخل في أعمال القضاء فيما يخص دستورية قانون العزل. وشهدت قاعات البرلمان سجالاً امتد ليشمل طوفانا من اللقاءات والحوارات الإعلامية التي تضرب في مقتل قضاء مصر الشامخ والتدخل في أعماله رغم انه السلطة الوحيدة التي حافظت ولا تزال علي بنيانها الراسخ رغم كثرة السهام ومحاولات الهدم والتشكيك التي تعرض ويتعرض لها. ووسط هذا المناخ العبثي والفوضوي بدأت الاتهامات من جديد للمجلس العسكري والتهديد بثورة ثانية وتحويل مصر إلي بحور من الدم إذا نجح الفريق شفيق والذي يقف شامخاً امام هجمة شرسة استخدمت فيها كل الاسلحة واختلطت فيها كل الأوراق بعيداً عن أبسط أصول الديمقراطية والحرية التي يتشدقون بها. ولعلي لا أضيف جديداً عندما اقول ان هناك حالة من السخط تسود أوساط كل المصريين من جراء تلك المهاترات والغوغائية والتي امتدت لتشمل دعوات لمقاطعة الانتخابات الرئاسية في جولتها الثانية الحاسمة. وأعتقد واثقاً ان هذه الحملات سوف تشتد ضراوة لانها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحجم النجاح الذي يحققه المرشح احمد شفيق والذي استطاع ان يصل برسالته وبكل الموضوعية والجرأة والشجاعة لكل المواطنين. لم يتغير ولم يتبدل رغم كل المحاولات المستميتة لاصطياد أي خطأ قد يبدر منه والذي سرعان ما يكتشفون انه يتحول الي نقطة قوة تضيف من رصيده ففي أحد الحوارات قال الفريق أحمد شفيق ان مثله الاعلي هو الرئيس مبارك وكان يعني بذلك الطيار حسني مبارك الذي يظل تاريخه العسكري ناصعاً وبلا أي رتوش كمقاتل حارب في سبيل الكرامة المصرية. وفي العسكرية المصرية يظل الوفاء قيمة سامية تتناقلها الاجيال جيلا بعد جيل. ويارب احفظ لنا مصر عزيزة وقوية وقادرة علي أن تحقق اهداف ثورتها النبيلة بعيداً عن كل المزايدات الرخيصة ومحاولات إعادة مصر للوراء وتعطيل مسيرتها.