أصدرت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار عدلي منصور في جلستها المنعقدة امس 4 احكام مهمة خاصة بقوانين البيئة والقانون المدني و قانون أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية وقانون المرافعات المدنية والتجارية. رفضت المحكمة دعوي عدم دستورية المادة (917) من القانون المدني حول الميراث والتي تنص علي أنه: «إذا تصرف شخص لأحد ورثته، واحتفظ بأية طريقة كانت بحيازة العين التي تصرف فيها، وبحقه في الانتفاع بها مدي حياته، اعتبر التصرف مضافًا إلي ما بعد الموت، وتسري عليه أحكام الوصية، ما لم يقم دليل يخالف ذلك». وقالت المحكمة في أسباب حكمها، إن تدخل المشرع بالتنظيم لضبط أوضاع الميراث والوصية، كسبب من أسباب الملكية، يتعين أن يتفق والأحكام قطعية الثبوت والدلالة في القرآن الكريم والسنة المشرفة، والأصول الكلية المعتبرة، وبما يضمن حفظ الحقوق لمستحقيها الشرعيين، وعدم حرمان الورثة من أنصبتهم الشرعية. ولفتت المحكمة إلي أنه إذا كان المشرع بإقراره نص المادة (917) من القانون المدني، قد استهدف حماية أنصبة الورثة الشرعيين من شُبهة التلاعب الذي من شأنه المساس بها؛ فأقام قرينة قانونية مفادها أنه إذا تصرف المورث في العين لأحد ورثته مع احتفاظه بحيازتها وحق الانتفاع بها مدي حياته، اعتبر تصرفه مضافًا إلي ما بعد الموت، وتسري عليه أحكام الوصية -وهو ما لا يجوز إلا في حدود الثلث نزولا علي الحديث الشريف الذي أجاز الوصية في حدود ثلث التركة، بقوله صلي الله عليه وسلم (الثلث والثلث كثير) وذلك- ما لم يقم دليل علي خلاف ذلك. كما رفضت دعوي تطالب بعدم دستورية المادة (22) من القانون رقم 1 لسنة 2000 التي تنص علي أنه لا يقبل عند الإنكار ادعاء الزوج مراجعته مطلقته ما لم يعلنها بهذه المراجعة بورقة رسمية قبل انقضاء 60 يومًا. واستندت المحكمة في حكمها إلي إن الطلاق شُرع رحمة من الله بعباده، وجعل أمره بيد الرجل باعتباره أقدر علي تحكيم العقل وتبصر العاقبة؛ وكان الطلاق من فرق النكاح التي ينحل الزواج الصحيح بها بلفظ مخصوص صريحاً كان أم كتابيا وكان غالباً ما يقع إذا ما غاب وازع الدين والخلق، وصار بنيان الأسرة متهادماً، وصرحها متداعياً، ورباطها متآكلاً يكاد يندثر وكان يتعين وجوباً علي المطلق طلاقاً رجعياً إبقاء إقامة مطلقته في بيت الزوجية حتي انتهاء العدة، وهو التزام يقع علي المطلقة كذلك، أنزله الله تعالي منزلة حدوده التي يُعَدُّ من تجاوزها قد ظلم نفسه، وقد كشف الله جل وعلا عن حكمته في ذلك وهي احتمال مراجعة المطلق نفسه وإعادة العلاقة الزوجية مرة أخري. الأمر الذي يدل علي أن الأصل هو أن تكون المراجعة في مواجهة المطلقة وبعلمها، وإذ كان النص المطعون فيه قد تغيا من إعطاء الزوجة المطلقة الحق في إثبات مراجعة مطلقها لها بكافة طرق الإثبات وصلاً لعري الزوجية، ليتحقق التزامها بمقتضيات إعادة الزوجية، فيمتنع عليها الزواج بآخر بعد انقضاء عدتها، ومن ثم يكون النص المطعون عليه غير مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية وطبيعة الثبوت والأدلة، كما لا يخالف أي نص آخر من أحكام الدستور. وفي نفس السياق قضت المحكمة بعدم دستورية نص المادة 72 من قانون البيئة الصادر، بالقانون رقم 4 لسنة 1994- قبل استبداله بالقانون رقم 9 لسنة 2009. وجاء القرار علي تضمنه من المسئولية الجنائية للمعهود إليه بإدارة المنشآت أياُ كان نشاطها عن أفعال تصريف الملوثات في البيئة المائية، والتي تقع من العاملين فيها بالمخالفة لأحكام القانون، لمخالفته للمواد 53، 54، 94، 95، 96، 98 من الدستور. واستندت المحكمة في حكمها إلي أن الأصل في الجريمة، أن عقوبتها لا يتحمل بها إلا من أدين كمسئول عنها، وهي عقوبة يجب أن تتوازي وظائفها مع طبيعة الجريمة موضوعها، كما رفضت الدعوي التي تطالب ببطلان نص المادة (152) من قانون المرافعات المدنية والتجارية والتي نصت علي «لا يقبل طلب الرد بعد إقفال باب المرافعة في الدعوي، ولا يترتب عليه في هذه الحالة وقفها». واستندت المحكمة في حكمها إلي أن قانون المرافعات المدنية والتجارية حرص علي تنظيم الحق في رد القضاة من زوايا متعددة؛ غايتها ألا يكون اللجوء إليه إسرافاً أو نزقاً، بل اعتدالاً وتبصراً، ومن ذلك أن يقدم طلب الرد قبل تقديم أي دفع أو دفاع وإلا سقط الحق فيه، فإذا أقفل باب المرافعة في الدعوي؛ اصبح طلب الرد ممتنعاً. ولا يجوز كذلك أن يُقدم هذا الطلب ممن سبق له طلب رد نفس القاضي في الدعوي ذاتها.