المستقبل ودور العلم.. »5«

تلقيت رسائل من القراء من أجل تقديم تعريف مبسط عن »ما هو النانو وعلمه؟ وما هي تكنولوجيا المنمنمات غير المرئية؟« ولنحاول أن نبسط الأمور.. فإذا أخذنا متراً وقسمناه ألف قسم نحصل علي ملليمترات ثم نقسم الميلليمتر الواحد ألف قسم فنحصل علي الميكرومترات.. ثم نقسم الميكرومتر الواحد ألف قسم فنحصل علي النانو مترات.. هذا تماماً ما نتكلم عنه، فالنانو متر هو واحد علي المليار من المتر.
ولكي تتخيل صغر النانو متر نذكر ما يلي:
تبلغ سمك شعرة الإنسان 05 ميكرو متر أي 000.05 نانو متر وأصغر الأشياء التي يمكن للإنسان أن يراها بالعين المجردة يبلغ سمكها 000.01 نانو متر.
هذا بالنسبة للحجم، وعلم النانو يتعامل مع مواد تتراوح أحجامها بين نانو متر واحد، 001 نانو متر فقط وهذا هو المقياس.
الهدف هو اكتشاف سلوك جديد وخصائص جديدة للمواد علي هذا المقياس - علم النانو يتعامل مع ذرات أو جزيئات يعاد ترتيبها بشكل أو أشكال مختلفة.. الأمر الذي تنتج عنه خصائص جديدة ووظائف جديدة للمادة.
بعض المواد تصير أفضل للاستخدام في الكهرباء أو الحرارة، بعضها الآخر يصير أقوي أو يعكس الضوء علي نحو أفضل أو يغير لونه مع تغير حجمه، إن معظم الخصائص الأساسية للمواد كالصلابة والتوصيل ونقطة الانصهار تعتمد علي الحجم بشكل لا مثيل له في أي مقياس آخر أكبر من النانو.
فعلي سبيل المثال السلك أو الموصل النانوي الحجم لا يتبع بالضرورة قانون أوم، فهو يعتمد علي مبدأ تدفق الالكترونيات في السلك كما تتدفق المياه في النهر - لنتخيل شيئاً في متناول أيدينا علي سبيل المثال مكعب من الذهب طول ضلعه متر واحد ولنقسمه طولاً وعرضاً وارتفاعاً ليكون لدينا ثمانية مكعبات طول الواحد 05سم2 بمقارنة هذه المكعبات بالمكعب الأصلي نجد أنها ستحمل جميع خصائصه كاللون الأصفر اللامع والنعومة وجودة التوصيل ودرجة الانصهار وغيرها من الخصائص - ثم نقوم بتقسيم أحد من هذه المكعبات إلي ثمانية مكعبات أخري، وسيصبح طول ضلع الواحد منها 52 سنتيمتراً وستحمل نفس الخصائص بالطبع، وإذا تم تكرار هذه العملية عدة مرات - سيصغر المقياس في كل مرة من السنتيمتر إلي المليمتر وصولاً إلي الميكرومتر - بالاستعانة بمكبر مجهري سنجد أن الخواص ستبقي كما هي عليه وهذا واقع في الحياة العملية - عندما نستمر بالقطع سنصل إلي ما أسميناه مقياس النانو، عند هذا الحجم ستتغير جميع خصائص المادة كلياً بما فيها اللون والخصائص الكيميائية، وسبب هذا التغيير يعود إلي طبيعة التفاعلات بين الذرات المكونة لصغر الذهب، ففي الحجم الكبير من الذهب لا توجد هذه التفاعلات في الغالب ونستنتج من ذلك أن الذهب ذا الحجم النانو سيقوم بعمل مغاير عن الذهب ذي الحجم الكبير.
باختصار إن إعادة ترتيب ذرات أي مادة - يظهر خصائص جديدة، الأمر الذي يسمح باستخدامات جديدة وتسخيرها لخدمة الإنسان.
العلماء يقولون إنه إذا أعدنا ترتيب ذرات الفحم يمكننا الحصول علي الألماس - وإذا اعدنا ترتيب ذرات الرمل وأضفنا العناصر الأخري يمكننا الحصول علي رقائق الكمبيوتر.
وتكنولوجيا النانو هي الطريقة التي يمكن بواسطتها توضيح الاكتشافات موضع التطبيق - بحيث يستفاد من الخصائص الجديدة للمواد وتكون النتيجة مواد جديدة أو منتجات أقوي وأصغر وأسرع وأرخص وأكثر تطوراً وفاعلية ودقة - أرجو أن يكون فيما قدم - شرح موجز ومختصر.
وإلي لقاء آخر