بعض التجاوزات في الدعاية الانتخابية بين المتنافسين علي رئاسة الجمهورية مرفوضة.. الدكتور محمد مرسي والفريق أحمد شفيق يخوضان منافسة شريفة في قضية من أهم هموم الوطن وعلي المنصب الرفيع في الدولة.. الذي له مكانته واحترامه وتقديره الواجب.. ويجب أن نتعامل مع كل منهما علي هذا الأساس باعتبار أن الفائز منهما سيكون بحصوله علي أغلبية ثقة الشعب فيه وقدرته علي تحقيق أهداف الثورة ومتطلبات النهوض بالدولة. ومع بداية فترة الدعاية لانتخابات الإعادة يجب أن يتحلي مؤيدو كل مرشح وأعضاء حملته الانتخابية بهذه الروح.. الرجلان بينهما منافسة تقوم علي النقاش وأولويات برنامج كل منهما في العمل الوطني، وليست تجريحا شخصيا يصل إلي حد السب والقذف الذي يحاسب عليه القانون. يجب أن نتنبه أن العالم كله يتابعنا وأن نعي أن أي خروج عن حدود الدعاية والدعوة للمرشح بأسلوب غير حضاري ومحترم تضر المرشح أكثر مما تفيده وتضر بسمعة شعب مصر المتحضر وتشكك في قدرته علي الممارسة الديمقراطية السليمة.. أرفض آراء البعض بأن هذه التجاوزات أمر طبيعي باعتبارنا في سنة أولي ديمقراطية.. نعم نحن نعيش لحظات تاريخية لديمقراطيتنا الوليدة ولا نعرف الأداء الصحيح للحملات الانتخابية أو كيف نكسب أصواتا أو نزيد من عدد المؤيدين لأي مرشح.. ولكن سلوك الشعب المصري وقيمه ومبادئه وأخلاقه ترفض أن تنجر إلي مهاترات شخصية أو تجريح لمنافس وترويج لشائعات واتهامات بغير دليل. نحن نتنافس علي برنامج وطني ونناقش قضية وطن.. ولسنا نتنافس في القدرة علي السباب والتجريح أو غلبة قوة عضلات مؤيدي كل مرشح علي المرشح الآخر، مثلما يبدو من أعمال عنف مشترك، وأحداث فوضي ومظاهر بعيدة تماما عن الاحترام الواجب بين شخص المرشحين، وأعتقد أنهما يرفضان مثل هذا السلوك تماما ويستنكرانه من بعض المؤيدين لهما. الديمقراطية الحقيقية والمنافسة الشريفة تستوجب مناقشة البرامج الانتخابية.. ومقارعة الرأي بالرأي والحجة بالحجة.. وعرض الاتهامات بالأدلة والبراهين وبالأسلوب العاقل الرزين وليس بالسباب والكلام المرسل.. وقد أسعدني ما لاحظته في كثير من الفضائيات من تأكيد مقدميها علي الضيوف من الجانبين للمرشحين المتنافسين بالالتزام بالقواعد المحترمة والمنافسة الجادة لمضمون وهدف برنامج كل مرشح وليس التجريح في شخصه.. وقدرته علي إقناع الناخبين بأولويات قضايا الوطن المطروحة علي الرئيس القادم.. وما أكثرها وأهميتها.. ويبقي أن يستوعب أنصار المرشحين ذلك في الندوات واللقاءات والمسيرات الجماهيرية. نسائم الحرية.. بدون طوارئ بالأمس فقط تنفست مصر نسيم الحرية الحقيقي مع انتهاء العمل بقانون الطوارئ إلي غير رجعة.. أصبح كل مواطن آمنا علي نفسه فخورا ببلده.. لا يحق لأحد اعتراضه أو القبض عليه باسم قانون استثنائي.. وضعه المشرع لحماية البلد في ظل ظروف حرب أو كوارث، ولكن الأنظمة المتعاقبة علي حكم مصر استغلته سيفاً مصلتاً علي رقاب العباد.. فزجوا في السجون بالآلاف وعذبوا الكثيرين حتي الموت لمجرد أنهم كانوا معارضين لهم.. وما كان أسهل تلفيق الاتهامات بالعمل علي قلب نظام الحكم وتهديد الأمن القومي للبلاد.. قانون الطوارئ كان تجسيداً حقيقياً للمثل الشعبي »ياما في الحبس مظاليم«.. كم من الأوفياء لوطنهم أمضوا حياتهم كاملة داخل جدران السجون ولاقوا مر العذاب في المعتقلات دون جريمة أو حتي اتهام.. ودون محاكمة عادلة أمرنا الله بها.. وسوف يكشف التاريخ كثيرا من الصفحات السوداء لهذا القانون الذي دمر حياة الكثيرين لمجرد ان »دمهم« كان ثقيلا علي مسئول.. أو نطقوا بقول الحقً أمام مسئول جائر وليس سلطاناً ولا ملكاً. من اليوم.. لا زوار فجر لاعتقال متهم.. ولا تلفيق اتهام لمواطن غلبان أو شاب ثائر.. لا سلطان علي مصري اليوم إلا للقانون.. والجميع أمامه سواء.. لا عدوان علي حريات عامة أو شخصية باسم مسميات وهمية وإجراءات استثنائية.. ارفع رأسك اليوم بعد أن حققت ثورة 52 يناير أهم مكاسبها.. بالحرية وسيادة القانون والدستور. عرفت مصر حالة الطوارئ بالمسميات المختلفة للقانون المنظم لها مع اندلاع الحرب العالمية الأولي عام 4191.. ومنذ هذا التاريخ وحتي اليوم عاشت مصر في ظل هذا القانون فترة 28 عاما.. تراوحت بين رفع القانون وتطبيقه سبع مرات علي مدار 89 عاما الماضية.. عاشت البلاد ما يقرب من 61 عاما فقط علي فترات متباعدة بدون طوارئ .. وكانت أطول فترة ممتدة لهذا القانون سييء السمعة علي مدار 54 عاما منذ حرب 7691 وحتي اليوم لم يرفع خلالها العمل بقانون الطوارئ سوي عام و4 شهور و12 يوما خلال الفترة من 51 مايو 0891 وحتي 6 أكتوبر 1891 يوم اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات. وعلي مدار فترة حكم مبارك وحتي أمس لم يرفع العمل بقانون الطوارئ لحظة واحدة بدعوي حماية الأمن القومي المصري، رغم مناخ الأمن والاستقرار وسيادة القانون الذي تغني به نظام مبارك طوال فترة حكمه. ورغم ادعاءات عصر التنمية وحرية الرأي وإرساء دولة المؤسسات والقانون والممارسة الديمقراطية التي سمحت بتكوين المعارضة تحت قبة البرلمان. فشلت كل محاولات إلغاء قانون الطوارئ بذريعة مواجهة الإرهاب.. واجتهد النظام ورموزه في البرلمان لوأد كل محاولات إصدار قانون مكافحة الإرهاب كبديل لحالة الطوارئ.. فقد كان الهدف من استمرار مصر في هذه الحالة إطلاق الأنياب في أي لحظة للحفاظ علي النظام وليس الأمن القومي للبلاد فالهدف أولا وأخيرا بالنسبة لهم تقييد الحريات ومواجهة حركات الاحتجاج والتخلص من المعارضة الحقيقية. الآلاف في السجون سوف يرون النور لإطلاق سراحهم بعد إلغاء القانون.. ولكن احترام الإنسان وحماية حقوقه ليست فقط بالإفراج عن هؤلاء وغيرهم مئات الآلاف من المعتقلين السياسيين علي مدي 03 عاما الماضية. ولكن بحفظ كامل حقوقهم في التعويض الأدبي والمادي.. هدية ثورة شعب لمن بقي منهم علي قيد الحياة.. والدعاء بالرحمة لمن لقي ربه.. استمعت لقصص يشيب منها الولدان.. وتوجع القلب وتذهب العقل.. لمن لقوا حتفهم داخل زنازين التعذيب.. وهؤلاء يستحقون كل التكريم.. مبروك لمصر نسائم الحرية بدون طوارئ.. ونحيي أرواح شهداء شبابنا. إعدام مبارك مبارك تم إعدامه أدبيا ومعنويا منذ أزاحته ثورة شعب في 52 يناير 1102. واليوم يقول قضاء مصر العادل كلمته فيه.. إعدامه جسديا أو سجنه لن يقدم أو يؤخر، ولكنه حق يشفي غليل شعب جاع ومرض وأهينت كرامته طوال عمره.. وشباب ضحوا بأرواحهم في عمر الزهور.. وجرحي يئنون ألما بيننا ولم يلقوا من التكريم ما يجب حتي اليوم.. الشعب ينتظر إرادة الله في حكم خلفائه في الأرض من قضاة مصر الذين كان قدرهم التاريخي تحمل أمانة ومسئولية محاكمة رئيس الدولة لأول مرة في تاريخ مصر. مبارك مات لحظة أن قبض علي نجليه والتحقيق معه ومع زوجته، مات لحظة أن نام علي سرير المرض في قفص المجرمين المتهمين.. لحظة لم ترد علي ذهنه في أسوأ كوابيس نومه.. بعد أن عاش أكثر من 30 عاما تؤدي له التحية وتنحني له القامات علي مدي أجيال.. يأمر مبارك فيطاع.. لا يقول إلا الحكمة والرأي السديد كما هي عادة كل الحكام العرب، 03 عاما اعتاد السير علي السجادة الحمراء ومواكب الزعماء، 03 عاما أوهموه أن ظلمه عدل.. وطغيانه حرية.. والجهل علم.. والفقر والمرض تنمية وتطور. عاش مبارك عمره مزهوا بنفسه، مفتخراً بحياته وعطائه.. وفجأة أراد الله أن يرينا فيه آياته.. سبحان المعز المذل.. فجأة أصبح مبارك ذليلا في محبسه حتي لو كان فندق 7 نجوم.. يسمع شتائمه بأذنيه.. وهدير شعبه مطالبا بطرده من الحكم ومحاكمته وإعدامه.. لحظات ذهول أمام شاشة التليفزيون عندما شاهد الشعب المصري والعالم.. هذا الجبروت مسجي علي ظهره في قفص الاتهام.. فهل هناك فرق بين إعدامه الجسدي ووجوده جسدا ملقي علي هامش الحياة في انتظار أجل حدده له ربه؟! نحسده علي طاقة احتماله وبرود أعصابه. الشعب المصري يطالب بالقصاص العادل.. ليس في جرائم مبارك مع شباب ثورة مصر.. ولكن أيضا في جرائمه ومصائبه التي ارتكبها في حق شعب وبلد علي مدار عقود من الزمان.. الشعب المصري يريد القصاص ولا يتشفي في إنسان.. يريد العدل الذي رآه قضاء مصر الطاهر النزيه الذي لا يخشي في الحق إلا الله.. وأيا كان حكم القضاء العادل من رجال نالوا ثقة الشعب واحترامه وتقديره طوال فترة المحاكمة.. فلابد أن نكون علي مستوي المسئولية الوطنية وثقتنا الكاملة في قضائنا.. يجب ألا تكون حماسة روح الثورة، مبعثا لأي سلوك من الانقلاب علي أحد مبادئها.. بالعدالة وسيادة القانون.. يجب ألا نشكك في كل شيء وكل قرار.. وقضاة مصر منزهون عن الشك.. ولا يبغون غير وجه الله.. والاعتراض علي الحكم بأي فوضي أو عنف لن يضر إلا مصر ولن يفيد إلا مبارك وأذنابه..!