علي ضوء الجريمة الإرهابية الشنعاء التي تعرضت لها العاصمة الفرنسية باريس فإن علينا أن نتذكر أن مصر العربية بمصداقيتها ومبادئها القائمة علي القيم الأخلاقية والحضارية لم تكذب ولم تدلس عندما حذرت منذ سنوات طويلة مضت من خطر الإرهاب علي أمن واستقرار العالم. لقد أكدت في أكثر من موقف ومناسبة ان الإرهاب لا صديق له ولا انتماء وأنه مثل الوحش الكاسر الذي اصيب بلوثة جنونية فاستفحل خطره ليمتد الي كل ضحاياه في كل اتجاه دون اي تفرقة. ما كانت تتوقعه مصر هو ما حدث وسوف يحدث في العديد من الدول وليس فرنسا وحدها. المشكلة تتركز في تواصل التقاعس وعدم المبالاة المريبين والمتعمدين تجاه هذه التحذيرات المصرية المدعمة بمطالبة دول العالم باتخاذ موقف موحد تجاه هذا الإرهاب الذي يهدد الامن والاستقرار وحياة البشر. للأسف ولغرض في نفس يعقوب اعترضت أمريكا وفي ذيلها دول الغرب ضد مشروع القرار الذي تم تقديمه بهذا الشأن الي الاممالمتحدة أبان حكم الرئيس الاسبق حسني مبارك. ورغم هذه الصيحات التحذيرية الايجابية واصلت بعض الدول الغربية تقديم الرعاية والمأوي لرموز التنظيمات الإرهابية بدافع الادعاء بحماية الحريات!! من ناحية أخري فلا يمكن الفصل بين تفشي هذا الإرهاب الذي تعاني منه دول الشرق الأوسط وفي مقدمتها مصر وبين السياسات التآمرية الظالمة السائدة منذ عدة عقود والتي كانت بدايتها العمل علي تصفية الشعب الفلسطيني لصالح خلق دولة اسرائيل. لم تفهم الدول الغربية ولم تستوعب ان هذا الظلم الذي وقع علي شعب فلسطين ومازال قد أدي إلي الغضب والنقمة التي ولدت المناخ اللازم لتفريخ ظاهرة التطرف الذي تحول إلي إرهاب دموي لا وطن له ولاصاحب. في إطار حالة التعامي الغربي عن هذه الحقيقة وإمعانا في تبني مخططات العداء لدول الشرق الأوسط والتآمر عليها فإن هذه الاستراتيجية القائمة علي الجهل قادتهم إلي الاعتقاد بإمكانية التحالف مع التنظيمات الإرهابية لخدمة ما خططوا له وانهم بذلك سيكونون في مآمن من جرائمها. ليس خافيا انه كان وراء ذلك الي جانب مصالحهم ضغوط الصهيونية لخدمة الصالح الاسرائيلي العدواني. هذا التوجه التآمري قام علي إثارة الحروب والصراعات سعيا إلي تقسيم وتفتيت العالم العربي. ارتباطا بهذا الامر فإن ماجري ويجري في العراق وسوريا وليبيا ومصر وتونس ليس بعيداً عن حلقة التآمر الغربي الذي يتخذ من الدعوة إلي الديمقراطية غطاء للخداع والتضليل سعيا الي الهيمنة والقبول بالتبعية. لم يكن تدفق اللاجئين السوريين المشردين والجوعي ضحايا الصراعات الدموية التي أشعلها الغرب في وطنهم نحو الحدود الأوروبية سوي محصلة لهذه السياسات الغربية التآمرية لتدمير هذا البلد وكل دول العالم العربي. هذا الذي حدث ويحدث وأصبحت تعاني منه دول أوروبا خاصة ألمانيا أدي إلي أن يكون هناك إدراك من جانب بعض السياسيين الأوروبيين بأن جوهر هذه المشكلة التي تقلقهم تعود الي أجواء عدم الاستتقرار وغياب الأمن في دول الشرق الأوسط. بعض العقلاء والمفكرين بدأوا يؤمنون بأن عدم الاستجابة للتحذيرات بالنسبة لهذه التداعيات وانعكاساتها وراء ماحدث وما سوف يحدث. ارجعوا ذلك الي الوقوع اسري للنظرة الضيقة التي لاتضع في اعتبارها سوي مصالح الغرب والاستسلام لسطوة وتسلط الاتجاهات الداعمة والمؤيدة لإسرائيل. ليس من توصيف لهذه السلوكيات وما ترتب عليها من كوارث سواء في دول الشرق الأوسط أو في دول أوروبا أو حتي امريكا .. وآخرها المذبحة الإجرامية التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس.. سوي ان هذا السيناريو الارهابي الدموي ما هو إلا محصلة لرعاية ومهادنة الغرب للارهاب. هل يمكن ان يعيد الحادث الدموي عقلانية التفكير الي الدول الغربية لاتخاذ موقف تضامني بالتعاون مع دول العالم في التصدي لهذا الارهاب بصورة فاعلة تتسم بالجدية في محاربته ومعالجة اسبابه.