يمثل قطاع الصناعة حجر زاوية لتحقيق التنمية المستدامة في مصر، حيث يسهم في تلبية احتياجات المواطنين من المنتجات والسلع ويوفر فرص العمل ومع أهمية القطاع للاقتصاد المصري أكد الخبراء أن «قطاع الصناعة يواجه العديد من المشاكل التي تؤثر سلبا علي إنتاجيته وتنافسيته.. وعلي الأخص في ظل غياب استراتيجية واضحة أو خطة محددة للتنمية الصناعية، وضعف القوانين المحفزة علي الاستثمار في القطاع مع ما طرأ من التباطؤ الشديد في الأنشطة الصناعية نتيجة للظروف السائدة خلال السنوات الأربع الأخيرة». الاستهلاك والنمو من جانبه، أكد الدكتور محمد سعد الدين، رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات، أن «أزمة الطاقة التي تمر بها مصر حاليا، قد ألقت بظلالها علي قطاع الصناعة كواحد من أكبر القطاعات المستهلكة لمصادر الطاقة المختلفة، حيث وصل استهلاكه في عام 2009 / 2010 إلي حوالي 38% من إجمالي الاستهلاك النهائي من الطاقة الأولية، 33% من استهلاك الكهرباء المنتجة». وأضاف أنه قد ارتبط ذلك بنمو واضح في الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة حيث تراوحت نسبة النمو بين 33% ( الأسمدة ) إلي 72% (الأسمنت)، مشيرا إلي أمور هامة يمكن أن تؤثر علي إنتاجية وتنافسية القطاع مالم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة تداعياتها، أولها أن أزمة الطاقة الحالية قد أدت إلي قصور مواردها المتاحة للقطاع الصناعي وعلي الأخص الغاز الطبيعي، مع عدم توافر البيانات اللازمة لتقدير إمكانات توفر هذه الإمدادات مستقبلا لتأمين احتياجات القطاع لمواجهة النمو المأمول في إنتاجيته، إضافة إلي أن توجه الدولة، بل وشروعها الفعلي بدءا من يوليو 2014 في تحريك أسعار الطاقة والحد تدريجيا من دعم مواردها خلال السنوات الخمس القادمة سوف يمثل كلفة إضافية متزايدة علي القطاع الصناعي، لابد من اتخاذ الإجراءات المناسبة لتلافي آثارها علي إنتاجية وتنافسية القطاع، وقال علي الرغم من أن الترتيب الإجمالي لمصر في تقرير التنافسية العالمية الصادر في عام 2014 (REF1) جاء 119، إلا أن المؤشرات ذات الصلة بالقطاع الصناعي جاءت متأخرة عن ذلك. ويضيف انه «يتضح من ذلك الأهمية الكبيرة لتحقيق أمن الطاقة للقطاع الصناعي في مصر والارتباط الوثيق بينه وبين توفير مقومات تحسين إنتاجية وتنافسية القطاع وذلك من خلال اعتماد أساليب سليمة لإدارة الطاقة في المنشآت الصناعية، واستخدام تقنيات ونظم متطورة تتمتع بالكفاءة العالية في إستخدام الموارد وتتوافر لها معايير الحفاظ علي البيئة، والاقتصاد الأخضر مما يمكن أن يدعم الإنتاجية ويوفر للمنتج الصناعي الجودة والكلفة الاقتصادية المقبولة». برنامج قومي في سياق متصل، أطلقت لجنة كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة باتحاد الصناعات البرنامج القومي لتطوير وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة في الصناعة سعيا لتسريع تحول الصناعة المصرية إلي النظم الخضراء للطاقة دعما لإنتاجيتها وتنافسيتها. وأكدت اللجنة أن «الهدف الاستراتيجي للبرنامج دعم وبناء قدرات الصناعة المصرية للإسراع في وضع وتنفيذ البرامج اللازمة لمواجهة العجز المحتمل في توفير مصادر الطاقة والكلفة المترتبة علي زيادة أسعارها، وذلك من خلال رفع كفاءة استخدام الطاقة وتنويع مصادرها في المنشآت الصناعية وتطوير الإطار التشريعي اللازم لتحقيق ذلك مما يؤدي إلي زيادة إنتاجية وتنافسية المنشآت الصناعية وتصنيفها كصناعات خضراء، وذلك بشكل متكامل مع استراتيجيات التنمية الصناعية والوطنية المستدامة». وأشارت إلي أن الأهداف التنفيذية للبرنامج؛ اقتراح حزم السياسات والتشريعات اللازمة لتمكين الصناعة المصرية من مواجهة أزمة الطاقة، دعم قدراتها في استيعاب نظم الطاقة الخضراء مما يسهم في زيادة تنافسية وإنتاجية المنشآت الصناعية، إضافة إلي توسيع قاعدة التدريب للعاملين بالصناعة في مجال إجراء مراجعات الطاقة، وإدارة نظمها مع تكوين فرق متخصصة في المجالات ذات الصلة وعلي أن يستند ذلك علي ماتحقق من خلال البرامج المنفذة والجاري تنفيذها في المجال وبالتنسيق مع الجهات القائمة علي التنفيذ. إضافة إلي إتمام مراجعات مدققة للطاقة في عدد (100) منشأة صناعية متوسطة لتحديد وتصنيف استهلاكاتها من مصادر الطاقة المختلفة وتحديد فرص ترشيد الاستهلاك وإمكانات استخدام المصادر المتجددة (طاقة شمسية، المخلفات)، وذلك بالتركيز علي التقنيات والتطبيقات الأكثر شيوعا في جميع القطاعات الصناعية، تنفيذ 50 مشروعا لترشيد استهلاك الطاقة في التطبيقات الأكثر شيوعا في جميع قطاعات الصناعة المصرية، والأقل كلفة. الشهادات الخضراء وأضافت اللجنة أنه يأتي بعد ذلك مدة تنفيذ المشروع ومراحله، بما يشمله من تشكيل فريق العمل وتحديد مهام الشركاء، تحديد مواصفات معدات القياس المطلوبة استجلاب طلبات المنشآت الصناعية الراغبة في المشاركة وإعداد برنامج زمني لتصميم وتنفيذ المشروعات المقترحة وغير ذلك، إضافة إلي متابعة وتقييم أداء المشروعات وانعكاساتها علي مؤشرات إستهلاك الطاقة في المنشآت الصناعية وعلي جودة وكلفة المنتجات، استحداث نظام للشهادات الخضراء في الصناعة، تمنح للصناعات التي تحقق توسعا في تطبيق النظم الخضراء للطاقة، تؤدي إلي تحسن مؤشرات استهلاكها وتحسين إنتاجيتها، إتمام تقييم مستقل لنتائج جميع أنشطة المشروع وانعكاساتها علي كفاءة تنويع مصادر الطاقة في الصناعة المصرية ومدي تأثيرها علي استيفاء معايير التنافسية.