حلقات »امرأة في ورطة« التي انتهي عرضها مساء الاربعاء الماضي عمل درامي متميز وقد شد انتباهي مرتين الاولي عندما شاهدته لاول مرة في لجنة مشاهدة الاعمال الدرامية برئاسة د.فوزي فهمي والاخري عندما جلست لمتابعته علي شاشة رمضان ولمست عن قرب النجاح الكبير الذي حققه مع المشاهدين. ومن وجهة نظري كناقد اقول ان هذا النجاح المتميز لحلقات »امرأة في ورطة« يرجع إلي عدة اسباب جوهرية لعل من اهمها العودة إلي نظام تقديم الاعمال الدرامية في 51 حلقة فقط وهو نفس ما فعلته في العام الماضي النجمة ليلي علوي واستمرت عليه هذا العام ايضا وحسنا فعلت إلهام شاهين بالسير في نفس الاتجاه الذي سلكته زميلتها ليلي علوي فقدمت عملا شديد التميز والاتقان من خلال بناء درامي محكم توافرت له كل عناصر الاثارة والتشويق بسيناريو تم كتابته بحرفية شديدة تحسب للسيناريست ايمن سلامة واخراج اتسم بالايقاع السريع فلم نشعر معه بالملل أو المط والتطويل وهذا ايضا يعود لوجود مخرج متمكن كبير في حجم وقامة عمر عبدالعزيز الذي تتميز كل اعماله بعنصري الاثارة والتشويق في سرد الحدوتة التي يقوم علي اساسها موضوع المسلسل الذي يحمل توقيعه. وحدوتة الحلقات تتحدث عن »ندي« حرم الوزير السابق التي اجبرتها الظروف للزواج العرفي من رجل اعمال احبته بعد وفاة زوجها حيث تولت تربية ابنها الوحيد الطالب بكلية الصيدلة ولم تسع لإشهار هذا الزواج حتي لا يصاب الابن المتعلق بها بصدمة تؤثر علي مستقبله وحتي لا يتدخل شقيق زوجها الراحل في الامور المالية التي تخص ابن شقيقه القاصر! وهكذا تتطور الاحداث وتتشابك في قصة حب »ندي« و»صلاح« الذي كان هو الآخر متزوجا ولديه ابنان شاب وفتاة واضطرته الظروف لاخفاء زواجه العرفي عنهما ايضا واختار ان يؤسس لزوجته الجديدة فيلا هادئة يلتقيان فيها ولم يكن يدري ان القدر يرتب له ولزوجته الجديدة مفاجأة مؤلمة! وكانت المفاجأة المؤلمة في وفاة »صلاح« رجل الاعمال وهو بين احضان زوجته الجديدة »ندي« عقب تناوله لوجبة سمك اثبتت تحاليل اجهزة البحث الجنائي انه مات مسموما نتيجة لوضع مادة »سيانيد الهيدروجين« داخل السمك الذي احضرته له الزوجة خصيصا من منزلها! وهكذا تتعقد الامور وتتشابك وتجد »ندي« نفسها في ورطة ومأزق يصيبها بالآم نفسية حادة إلي ان يتم القبض عليها باتهام اجهزة البحث الجنائي لها بانها قاتلة رجل الاعمال وتفشل في العثور علي ورقة الزواج العرفي لتبرئة ساحتها من هذا الاتهام الظالم ويتم القبض عليها وتبدأ محاكمتها ويصاب ابنها الطالب بكلية الصيدلة بأزمة نفسية حادة وهو يري حبل المشنقة يقترب من رقبة الام »ندي« وفي اليوم المحدد للنطق بالحكم يأتي إلي المحكمة ليعلن براءة امه من تهمة قتل رجل الاعمال »صلاح« ويؤكد انه هو القاتل الحقيقي وأنه قام بوضع السم داخل السمك اثناء اعداده داخل منزله وأنه هو الذي سرق ايضا عقد الزواج العرفي من داخل غرفة نوم الام عقابا لها علي التضحية به وزواجها سرا من رجل آخر جاء ليحل محل والده في قلب والدته! وتتخلل الاحداث العديد من التفاصيل الفرعية التي نجح المخرج عمر عبدالعزيز في توظيفها بشكل جيد داخل البناء الدرامي للحلقات التي شهدت مباراة ممتعة في الاداء امام الكاميرا وقدمت من خلاله الفنانة الكبيرة إلهام شاهين دورا شديد التميز والاتقان ونجحت في اقناعنا بمشكلة وورطة »ندي شوكت« ارملة الوزير السابق التي دفعت حياتها وحياة ابنها ثمنا لخفقات قلبها كامرأة رحل عنها الزوج وارادت من بعده ان تعيش حياة اخري مستقرة وهادئة تحميها من غدر الزمن وآلام الوحدة. والعمل تميز ايضا بنجوم كبار قدموا ادوارهم ببراعة تامة مثل عبير صبري في دور »مها« الصديقة المقربة »لندي« وكاتمة اسرارها والتي تعاني هي الاخري من مشاكل كثيرة مع طليقها الذي اراد حرمانها من ابنها عقب قيامها بالزواج من شخص آخر احبته. وهناك ايضا حسين الامام وعايدة رياض وعماد رشاد وسوسن بدر وسميرة عبدالعزيز وياسر علي ماهر وعفاف رشاد وايمن شاهين وعصمت محمود الذين نجحوا في تجسيد ادوارهم بتلقائية تامة في الاداء خطفت عيون وقلوب المشاهدين علي مدي 51 يوما خلال عرض المسلسل. والعمل شهد وجود الفنان الكبير محمود قابيل كضيف شرف ظهر في حلقتين فقط حيث جسد دور رجل الاعمال »صلاح عبدالعزيز« الرومانسي الذي وقعت في حبه ارملة الوزير »ندي شوكت« وجاء اداؤه صادقا وقويا ومعبرا عن أبعاد الشخصية التي يجسدها. واذا كان هناك نجم سوبر ستار في حلقات »ارملة في ورطة« فهو من وجهة نظري النجم الشاب المتألق دائما في كل ادواره كريم محمود عبدالعزيز الذي دغدغ مشاعرنا وهو يؤدي بسلاسة ونعومة دور »هاني« طالب الصيدلة الهاديء الذي يذوب حبا وعشقا في امه »ندي« ويرفض ان تأتي برجل آخر يكون بديلا لوالده الوزير الراحل في قلبها فيقرر اغتيال حبها وحقها في الحياة ويدمر بيده مستقبله في سبيل الاحتفاظ بامه وذكري والده! إنني احيي الاعلامي الكبير ابراهيم العقباوي علي قيام »صوت القاهرة« بتوفير كل الامكانات الفنية والامكانات المادية لتقديم عمل درامي متميز في 51 حلقة لم يصبنا بالضيق أو التوتر ونجح في شد انتباهنا لمتابعة تفاصيل شيقة ومثيرة كل يوم علي مدي اسبوعين ونحن نتابع حكاية »ارملة في ورطة« دفعها قلبها لتحطيم حياتها وفقدان مستقبل ابنها الوحيد لتعيش بقية عمرها مجرد حطام امرأة!