تستحق مسرحية (روح) إخراج باسم قناوي، وإنتاج مسرح الطليعة، أن تحصد معظم جوائز المهرجان القومي للمسرح(8 جوائز)لأنها ببساطة راهنت علي الفن لا التجارة، وانحازت إلي الجدية والإجتهاد، من خلال نص(الوردة والتاج) للكاتب الإنجليزي جي. بي. بريستلي، وهو نص فلسفي يتناول الحياة والموت، ومفهوم السعادة والشقاء.. واختار العرض التحدي بالإصرارعلي تقديم المسرحية باللغة الفصحي (وسط انهيار وتدهور لغوي نعيشه بالفعل) ويستحق العرض جائزة الدراماتورج لياسر أبو العينين، فرغم محافظته علي النص المترجم، إلا أنه استطاع الإمساك بأسئلة النص، لتصبح هي سؤال اللحظة التي نعيشها (هنا والآن) وليصبح الخيار الصعب الذي تواجهه الشخصيات بالمسرحية، هو خيارنا نحن كمشاهدين. المسرحية تدور في إحدي البارات بالريف الإنجليزي، حيث يتوافد أشخاص كثيرون ومختلفون، لكنهم جميعا أرواح مثقلة بالعذابات والهموم، متذمرين من الحياة حولهم، ساخطين عليها وكارهين لها.. وحين يفد الغريب(ملك الموت) يتشبثون بالحياة، مدافعين عن أحقيتهم فيها، واستحقاقهم لها، رافضين الذهاب معه، (فعلي هذه الأرض ما يستحق الحياة).. العرض دعوة للحياة، دعوة لتأمل حياتنا، لإعطاء أنفسنا فرصة أخري نعيشها في سعادة. ديكور محمد جابر، وإضاءة أبو بكر أحالا قاعة مسرح صلاح عبد الصبور، إلي مساحة حميمية يتداخل فيها الممثل والجمهور، تتكشف فيه المشاعر وخفايا الروح، ببساطة وعذوبة، جسدها ممثلون، قادرون علي إمتاعنا وإضحاكنا، ومنحنا الأمل والتفاؤل برغم الأوجاع والسؤال الصعب.. لبني ونس، وفاطمة محمد علي، وياسرعزت الذي يظلمه شكله (الشبيه تماما بالفنان أحمد كمال) لكنه يضاعف خصوصية أدائه، بينما يضيف محمد عادل (المنضم حديثا إلي العرض) معني الروح والحياة والبهجة.