469 طلب ترشح بالنظام الفردي وقائمة واحدة في انتخابات الشيوخ    إطلاق الدليل التدريبي لمبادرة "دوي" الوطنية بطريقة برايل    المنتج المصري يلفت الأنظار في الصين.. وغرفة الجلود تستعد لتوسيع التواجد الدولي    كوجك بعد فوزه بجائزة أفضل وزير مالية في إفريقيا: الإصلاحات الاقتصادية حققت تحسنا ملموسا    "بدوي" يبحث مع مقاطعة ألبرتا الكندية سبل التعاون في البحث والتنقيب عن البترول    دعوة فرنسية بريطانية للاعتراف بدولة فلسطين    الرئيس اللبناني يطالب الاتحاد الأوروبي بدعم استعادة الأراضي وبمبادرة شاملة لدعم الجيش    جلسة بين جون إدوارد وعبدالناصر محمد على هامش مران الزمالك    الإسكندرية.. حبس فني ألوميتال 4 أيام بتهمة قتل تاجر في مشاجرة عائلية بالسيوف    وزيرا الاتصالات والتضامن يوجهان بصرف مليون و100 ألف جنيه لأسرة كل ضحية بحريق سنترال رمسيس    مفتش آثار إسلامية بالبهنسا: زوار من شرق آسيا والعالم الإسلامي يتوافدون على المنطقة للتبرك بمقابر الصحابة    حنان موسى: "ملتقى العرائس الأول" يهدف لصون هذا التراث الفني الهام بكل أشكاله    الصحة تنظم حملة لفحص الأمراض المزمنة والكشف عن الاعتلال الكلوى للعاملين بالحي الحكومي    علي جبر: بيراميدز يمتلك أقوى إسكواد في إفريقيا.. و"عوامل خارجية" سبب خسارتنا للدوري والكأس    بالصور.. بحضور فتحي عبد الوهاب وبيومي فؤاد ونجم المنتخب زيزو    مهرجان الإسكندرية السينمائي ينعى المخرج سامح عبد العزيز: فقدنا أحد صناع الصورة المبدعين    زعيم الحوثيين: هجماتنا في البحر الأحمر تأتي ردا على محاولة إعادة تشغيل ميناء إيلات    أوبك تخفض توقعات الطلب العالمي على النفط للسنوات الأربع المقبلة    وزيرا الإنتاج الحربي والكهرباء يبحثان تدبير احتياجات شركات الكهرباء من الخامات والمستلزمات    آرسنال يضم الدنماركي كريستيان نورجارد كصفقة ثالثة في الميركاتو الصيفي    شيكابالا يوجه رسالة دعم لإبراهيم سعيد: "لا شماتة في الأزمات"    الأهلي يراقب إياد العسقلاني تحسبًا لرحيل أشرف داري    إشادات واسعة ل سارة التونسي بعد تألقها في مملكة الحرير بدور ريحانة    "السقطي" يوضح تداعيات حريق سنترال رمسيس على قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة    "وزير قطاع الأعمال: العمال العمود الفقري ولن يتطور القطاع دون مشاركتهم    تعليم البحيرة تعلن بدء المرحلة الأولى لتنسيق القبول بمدارس التعليم الثانوي الفني    محامٍ يسلم نفسه لتنفيذ حكم بالسجن 10 سنوات في قضية تزوير توكيل عصام صاصا    الأمن الاقتصادي: ضبط 5600 قضية في حملات موسعة خلال 24 ساعة (تفاصيل)    تحرير 521 مخالفة ل«عدم ارتداء الخوذة» وسحب 943 رخصة خلال 24 ساعة    رئيس الوزراء يفتتح مقر مكتب خدمات الأجانب بالعاصمة الإدارية الجديدة    «قصر العيني» تستقبل سفير كوت ديفوار لبحث التعاون في إطلاق البرنامج الفرنسي الطبي «KAF»    لشباب الباحثين.. إطلاق البرنامج التدريبي الصيفي للسلامة والأمان الحيوي بجامعة بنها    بعد مقتل إسرائيلي في هجوم فلسطيني بالضفة.. أبوعبيدة: من الخليل إلى جنين يواصل الفدائيون بطولاتهم    محافظ كفر الشيخ يهنئ أبطال المحافظة المشاركين في تتويج منتخب مصر البارالمبي للكرة الطائرة ببطولة إفريقيا    تقارير تونسية: انتقال غربال إلى الزمالك يبدو صعبًا.. وأوروبا أولوية اللاعب    ياسر ربيع يكتب : من قلب ال " فيلينج " للتشكيلية مها الصغير: " انا لا ارسم ولكني اتجمل"    «بمشاركة صلاح».. موعد مباراة ليفربول وبريستون والقنوات الناقلة    وزير الصحة يعقد اجتماعًا لمتابعة العمل بمنظومة خدمات نقل الدم القومية    المفتي السابق يوضح حدود الاستمتاع بين الزوجين أثناء الحيض    لله درك يا ابن عباس.. الأوقاف تنشر خطبة الجمعة المقبلة    أحمد عصام السيد فديو بلوجر في فيلم "الشاطر" أمام أمير كرارة وهنا الزاهد    وكالة الأنباء المغربية: إعادة فتح سفارة المملكة المغربية في دمشق    الهيئة العليا للوفد تطالب عبد السند يمامة بالاستقالة    "الصحة" تنظم أول ورشة عمل في مصر بالتعاون مع مركز برشلونة لسرطان الكبد    تصل للفشل الكبدي والأورام.. دليلك للوقاية من مضاعفات الكبد الدهني    جمال شعبان يحذر من ألم البطن.. علامة خادعة تنذر بأزمة قلبية    قراءة مبسطة فى قانون الإيجارات القديمة بعد التعديلات.. إجابات للمستأجرين والملاك    أهالي القنطرة شرق ينتظرون تشييع جثمان الفنان محمد عواد وسط أجواء من الحزن    باريس سان جيرمان ينهي سجل ريال مدريد المثالي في كأس العالم للأندية    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 10 يوليو 2025    «التضامن» تقر قيد وتوفيق أوضاع 5 جمعيات في 4 محافظات    متحدث «الصحة العالمية»: مئات الشاحنات تنتظر خارج معبر كرم أبو سالم    طلاب الثانوية العامة بفيصل: امتحان الرياضة التطبيقية مباشر    أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة (فيديو)    رابط الاستعلام عن نتيجة التظلمات في مسابقة 20 ألف وظيفة معلم مساعد    وزير الدفاع الأمريكي يبحث مع نتنياهو عملية "مطرقة منتصف الليل"    عصام السباعي يكتب: الأهرام المقدسة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 10-7-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطيئة العبث بالدستور
نشر في أخبار اليوم يوم 21 - 09 - 2015

نعرف أن الدستور ليس قرآنا منزلا ولا كتابا مقدسا، لكنه أي الدستور عنوان العقد الاجتماعي، ليس فقط في النصوص، بل في الفصوص بعد النصوص، أي في تطبيقه واقعيا، وجعله حيا يمشي بين الناس
لا نتصور أن الرئيس السيسي يريد تغيير الدستور أو حتي تعديله، فهو علي وعي كامل بخطورة العبث بالدستور في هذه المرحلة بالذات، ولا معني لإشارة إلي نوايا حسنة أو نوايا سيئة، اللهم إلا إذا كان الرئيس يفزع كما نفزع من صورة البرلمان المقبل، وهو برلمان عظيم التهافت، لا يمثل سوي أقلية الأقلية من الشعب المصري، وغير قادر علي النهوض بصلاحياته الدستورية، وليس بوسعه أن ينازع أو يهدد سلطات الرئيس الواسعة جدا في الدستور.
وللرئيس السيسي قولة مشهورة، وهي أن الشعب المصري الذي أطاح برئيسين وقام بثورتين، قادر علي القيام بثورة ثالثة، وهو لا شك يعرف ارتباط ثورات الشعب المصري بالاستقلال وبقضية الدستور، وسواء سري النزاع في نصوصه، أو في تطبيقها واقعيا من عدمه، فقد كان دستور 1923 ثمرة لثورة 1919، ولم تكد تمضي سنوات، حتي حاول الملك وأذنابه العبث بالدستور، وإحلال دستور 1930 المشوه، ورد الشعب المصري وقتها بغضب عارم، وعاد الدستور الأصلي كنص متقدم بمعايير زمانه، لكنه لم يطبق أبدا، وجري تزوير الانتخابات بصورة متكررة، ولم يحكم حزب الأغلبية وقتها حزب الوفد سوي أقل من سبع سنوات عبر 33 سنة، وقامت ثورة 1952 ردا علي إهدار الدستور والحكم الملكي ودوام الاحتلال، وجرت نهضة وتغييرات اجتماعية واقتصادية وثقافية غير مسبوقة ولا ملحوقة في الخمسينيات والستينيات، وبدا أن دستور 1971 هو الوثيقة الملخصة المعبرة عن الثورة بعد رحيل قائدها جمال عبد الناصر، وحين بدأ السادات انقلابه علي الثورة بعد حرب أكتوبر 1973، ثم انتفاض الشعب المصري ضده في يناير 1977، واتجاهه للاحتماء بالهيمنة الأمريكية والصلح المهين مع إسرائيل، مع كل هذه التطورات، تصاعد الزمر والطبل السلطوي، ونعت الرئيس السادات بأنه سادس الخلفاء الراشدين (!)، انتهاء إلي العبث بالدستور، وفتح مدد الرئاسة إلي يوم يبعثون، وهو ما لم يستفد به السادات شخصيا، فقد اغتيل قبل نهاية مدته الرئاسية الثانية، واستفاد به مبارك الذي حكم لثلاثين سنة متصلة، أبقي في غالبها علي الدستور كنص معلق، وعطل تطبيقه تماما في الممارسة الواقعية، وإلي أن جاءت عشريته الأخيرة، وزادت رغبة العائلة في توريث الحكم من الأب للإبن، وكان الطريق المفضل هو العبث بنصوص الدستور، بتعديله بالقطعة في 2005، ثم بتعديلات بالجملة في 2007، بدت مفصلة تماما علي المقاس العائلي، وهو ما كان سببا مباشرا في التزوير الفاجر لانتخابات 2010، واشتعال الثورة الشعبية التي خلعت مبارك وعائلته، ثم تعرج مسارها بوصول الإخوان للسلطة، ومحاولاتهم البائسة لصياغة دستورعلي مقاس الجماعة، فكانت الموجة الثورية الثانية في 30 يونيو 3013، والتي أعقبتها صياغة الدستور الحالي، وجرت الموافقة عليه بنسبة 98% في الاستفتاء الشعبي، وأصبح الوثيقة الدستورية المعبرة عن الثورة إلي الآن.
ونعرف أن الدستور ليس قرآنا منزلا ولا كتابا مقدسا، لكنه أي الدستور عنوان العقد الاجتماعي، ليس فقط في النصوص، بل في الفصوص بعد النصوص، أي في تطبيقه واقعيا، وجعله حيا يمشي بين الناس، وسريان أحكامه في حياتنا، وهو ما لم يحدث إلي الآن، فلم يطبق الدستور حتي يتبين العيب فيه لعموم الناس، وكل دستور يحدد بذاته طريقة تعديله أو تغييره، وبعد فترة اختبار كافية، وعبر برلمان عليه القيمة، وليس عبر برلمان التهافت المتوقع تشكيله، ووسط إعراض متوقع من غالبية الناخبين، وتدني نسبة المشاركة الانتخابية إلي ما بين خمس وربع إجمالي الناخبين في أقصي تقدير، وتوحش عمليات شراء الأصوات، والأخذ بالنظام الفردي الذي يهدر عمليا غالبية الأصوات، ويعطي حق تخصيص مقاعد البرلمان مع كثرة جولات الإعادة لنحو عشرة بالمئة من الناخبين المصوتين، أي لنحو 2% من إجمالي الناخبين المصوتين والمقاطعين، أي أننا سنكون بصدد برلمان لا يمثل سوي 2% من الشعب المصري، وهي ذات النسبة المتهافتة التي صوتت ضد الدستور في استفتاء يناير 2014، أي أننا نعطي أقلية الأقلية حق تعديل دستور الأغلبية الساحقة، وهو خلل فادح وشائن، لا نتصور أن الرئيس السيسي يقع فيه بالنوايا الحسنة.
نعم، من الخطأ والخطيئة، أن نعطي برلمانا من هذا النوع حق تغيير أو تعديل الدستور، فليس من ضرورة تبيح المحظورات، ولا من حاجة ملحة لأكل الميتة ولحم الخنزير، ولا اللجوء إلي برلمان مقطوع الصلة بنصوص الدستور الأساسية، وربما لم يقرأ معظم نوابه مواد الدستور، ولا نتصور أن الذي يجهل شيئا يعرف قيمته، ولا أن هؤلاء النواب المتوقعين هم الفئة المختارة الممثلة حقا للشعب المصري، والقادرة علي رعاية وتطوير العقد الاجتماعي، ولو أن فكرة تعديل الدستور طرحت عليهم لا سمح الله، فسوف نكون بصدد عبث لا نهائي، وبصدد حركة "فيلة" هائجة تحطم أواني متحف الخزف، والسبب بسيط وظاهر جدا، فالطريقة التي يأتي بها هؤلاء النواب ثمرة مريرة لتشوه لحق بالدستور، وبالذات في مواده الانتقالية ذات الصلة بالنظام الانتخابي، وبتعبيرات "بزرميط" من نوع "التمثيل الملائم"، وهي تعبيرات غير دستورية ولا قانونية منضبطة، أقحمت علي الدستور، وينتهي مفعولها تلقائيا مع تشكيل البرلمان الجديد، ومع حله المؤكد في ظننا بقرار من المحكمة الدستورية العليا، وبسبب العوار الفاضح في قانون الانتخابات وتقسيم الدوائر، وفي موعد قد يتأخر إلي عام أو عامين، بحسب ما تقدر المحكمة، وبحسب قرار الرئيس المكلف بإنفاذ حكم القضاء.
والخلاصة بالجملة، أنه لا وجه للاستعجال في تعديل الدستور، ولا خطر علي صلاحيات الرئيس الواسعة جدا في الدستور، ومن الأفضل للرئيس المنتخب أن يحكم بنظام رئاسي ديمقراطي، لا بنظام فردي لا تحمد عواقبه، ولا بالعدوان علي دستور لم يجف حبره بعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.