أين ضمير العالم من جريمة اللاجئين.. أين هو من أعمال التعذيب اللا إنساني التي يتعرض لها الآلاف من الأبرياء.. نساء وأطفال يهربون من الموت إلي الحياة، ليكون الموت مصيرهم. ألم يكن من الأحري علي العالم أن تكون وقفته ضد الأسباب التي دفعت هؤلاء الأبرياء للفرار من بلادهم، بدلاً من أن تكون وقفتهم لمنع هروبهم ليموتوا في بلادهم التي تحولت إلي دمار وخراب والفاعل معلوم. غضبت أوروبا من هجرة اللاجئين إليها وسارعت الدول الأوروبية بإعلان حالة الطواريء لمنع تدفق اللاجئين إليها، ولم تكشف تلك الدول عن أي غضب من المتسبب في ظهور الأزمة وتفاقمها لهذ الحد الخطير، أو حتي الإشارة إليه لا من قريب ولا بعيد. فمن الذي أخرج السوريين من بلادهم، من الذي دفعهم إلي ترك منازلهم التي كانوا يعيشون فيها، ودفعهم لأن يشردوا في العالم فتغلق الحدود في وجوههم، لنشاهد تلك المشاهد القاسية لملائكة ابتلعتهم المياه، وازواج يتشبثون بزوجاتهم وأطفالهم.. وينامون في العراء أو داخل مخيمات علي حدود الدول؟ من دمر سوريا وجعل منازلها مقابر جماعية، ومن يدمر ليبيا واليمن ومن قبلهم العراق دول أوروبا لا تعرف أو لا تريد أن تعرف، فالأمر لا يعنيها، موت أبرياء أو حياتهم، لا يعني شيئاً لهذه الدول، ما يهمهم هو حياة دولهم وشعوبهم فقط، وليحترق العالم أجمع. يحدث ذلك في الوقت الذي يقف فيه العالم العربي ساكناً، يكتفي بمشاهدة وقائع الجريمة وهي تتم، كما لو أنه يشاهد فيلماً أمريكياً من أفلام الأكشن والعنف التي اعتادت السينما الأمريكية علي تسويقها للعالم العربي كسوق أول لهذه النوعية من الأفلام. هذا السكون الغريب، يجعل الأمر مثيراً للريبة وواقعاً للتساؤلات، فهل التشابه الكبير بين الواقع الأليم الذي يعيشه اللاجئون والخيال الذي تجسده الأفلام الأمريكية في أن كلاهما صناعة مصدر واحد لم يختلف، فلم ينتبه العرب ولم يتمكنوا من اكتشاف الفارق بين الواقع والخيال، فاكتفوا بالمشاهدة!. ولكن الكارثة في أن سكون العالم العربي، يعد بمثابة مشاركة في الجريمة التي ترتكب في حق أبناء الشعوب العربية، مشاركة في قتل النساء والأطفال وتشريد الآلاف منهم من ديارهم ووطنهم.. والسؤال الذي يفرض نفسه.. إلي متي سيظل العرب علي سكونهم، ويطبقون سياسة.. مادمت لم أتعرض للأذي فالأمر لا يعنيني. السوريون أشقاء لنا وكذلك الليبيون واليمنيون والعراقيون.. كلنا أشقاء ونحمل الهوية العربية ومخطيء من تخيل أنه بعيد عن المؤامرة التي تحاك للعالم العربي، فَكُلٌ سيأتي دوره، طالما استمرت حالة التشرذم التي نعيشها.