حقق المخرج الفلسطينى «رشيد مشهراوى» شهرة عالمية، جعلت المهرجانات الدولية تعترف بفلسطين وتعرض أفلاما تحاكى واقعها، وتعقد لها ندوات تناقش حصارها من قبل الاحتلال، ويطوف مشهراوى العالم حاملاً راية فلسطين، مناشداً الشعوب التعاطف معه فى قضية وطنه المحتل، رشيد جاء إلى مصر مشاركاً فى المهرجانات أو زائراً لوطن أحس بأنه موطنه الثانى الذى يتعاطف مع قضيته بل مساعدا للقضية الفلسطينية منذ مطلع التاريخ، يبكى مشهراوى عندما يشاهد طفلا عربيا اغتصبت بلاده، وتحطمت أحلامه، وأصبح لاجئاً يبحث عن مأوى، وتنكسر أحلامه، ولا يشاهد إلا الدم وجثثا تتبعثر هنا وهناك. سألته عن همومه وأحزانه تجاه أطفال الوطن العربى الذين يموتون على يد الإرهاب بلا ذنب؟ - قال: الإرهاب ولد من رحم الصهيونية، ونشر فى الوطن العربى حتى يموت الأبرياء ويبقى الخونة يتمتعون بخير الدول، والأطفال يدفعون ثمناً باهظا، سواء فى استخدامهم كدروع بشرية، أو موتهم على يد الإرهاب، والمشهد الذى نعيشه فرض على أطفالنا تداعيات أخرى، سواء حرمانهم من اللعب أو الحياة فى بيئة ملائمة، فمعظم أطفالنا مات ذووهم، ودمرت منازلهم، وأصبح الطفل يحلم بتحرير وطنه، وسط ضياع لعبته وطيارته الورقية. وما أصعب المشاهد التى هزت وجدانك وأحسست بالعجز أمامها؟ - مشاعرى تتمزق عندما أشاهد الأطفال المنتمين لداعش يلهون برؤوس القتلى ويحملون السلاح، وتضيع براءتهم وسط صمت العالم علي حقوق الطفل، خاصة الأممالمتحدة. هل تري أن فيلم «حوراء بغداد» اقتحم المسكوت عنه بالنسبة لأطفال العراق؟ - الأطفال فى معظم دول العالم العربى ممزقون بسبب الصراعات الداخلية، وفيلم حوراء بغداد يسلط الضوء على أطفال بغداد الذين أجبروا على العمل لكسب قوت يومهم - فهم يعيشون حياة مأساوية ويعيشون في عالم أُجبر جميع أفراده - مهما كانت أعمارهم - على العمل لكسب قوت يومهم. بعد عرض فيلم «مخيم اليرموك» فى المهرجانات والندوات.. هل تحركت منظمات الاغاثة تجاه أطفال المخيم؟ - المخيم يعانى من اهمال شديد، ومأساة حقيقية لا إنسانية، وحاولت ومجموعة عمل الفيلم أن نقدمها للعالم لترى المنظمات الإنسانية والحقوقية حياة الأسر والأطفال الذين يعيشون دون ماء أو دواء، وهذا الفيلم أثار انتباه وسائل الإعلام وتفاعل المؤسسات، ولكن الوضع يتفاقم، بسبب تزايد عدد الأيام التي لا وجود فيها للماء أو الغذاء أو الدواء في المخيم، وهكذا يموت الأطفال يوميا. «تحية إلى ياسر عرفات» فيلم من الأفلام المحببة اليك، هل لأنه يؤرخ لسيرة عرفات؟ - الزعيم ياسر عرفات رمز البطولة، ومناضل ثورى بدأ نضاله وهو فى سن صغيرة حتى وفاته، وأحب أن أذكر العالم والأجيال الجديدة بهذا الزعيم، والفيلم يحمل رسائل من أطفال فلسطين إلى الشهيد، وهى رسائل حملت الكثير من البراءة والعفوية والتلقائية. للسينما الفلسطينية تواجد كبير على المستوى العالمي مقارنة بدول أخرى.. كيف تفسر ذلك؟ - السينما المتنفس الوحيد للشعب الفلسطينى فهى السياسة والثقافة وإثبات الوجود، كما تعرف العالم بفلسطين وتاريخها، لذا فإنه دائماً ما يلجأ إلى الفيلم الروائي، أو الوثائقي، لأن فلسطين تحتاج إلى التوثيق، خاصة في ظل تراجع الإعلام، وتغيير معالم بعض المدن والاحياء لأسماء عبرية، وعلينا أن نؤكد للعالم ان هذه الأماكن فلسطينية. لك مقولة شهيرة تقول «إن السينما وطن لا يستطيع أحد أن يحتله» فهل تجد فيها وطنا بديلا؟ - السينما كالوطن نعبر من خلالها عن الوضع الذى نعيشه، ونرصد حياتنا بكل ما فيها وتحمل أفكارنا وهويتنا وتراثنا وواقعنا، ومن المستحيل أن يفرض علينا أحد تغيير الواقع، وكم من أفلام فضحت الاحتلال وأمريكا وما تفعله فى الدول العربية، فالكاميرا شاهد على الأحداث، ومن الصعب احتلال السينما. وكيف تري حصول بعض المخرجين علي دعم من اسرائيل لإنتاج أفلامهم؟ - يوجد مخرجون يعيشون فى أماكن محتلة تخضع للحكم الاسرائيلى، ويحاولون أن يضعوا قضيتهم في صدارة أعمالهم حتى لو كانت من انتاج اسرائيل، وأنا لا أحبذ هذا، وأطالبهم بالبحث عن تمويل من جهات أخرى حتى لا نعطى لاسرائيل مكانة لا تستحقها. انتقد بعض النقاد فيلم «فلسطين ستيريو» معتبرن إياه يقدم صورة نمطية لفلسطين؟ - فيلم «ستيريو» حالة خاصة وأعتبره من أفلامى الهامة، فهو ينقل حلم الكثير من الفلسطينيين، الذين يعانون من العيش تحت سطوة الاحتلال الصهيوني، فالبعض قد يعتبر أنّ لا إمكانية للبقاء في ظلّ سلب الحريات، لكنّنا نعود في الفيلم ونؤكّد أنّ التعلّق بتراب فلسطين ينتصر في النهاية، فمفهوم الهجرة الذي طرحه الفيلم ما هو إلا رمز عام للحالة الفلسطينية. كيف تحصل على تصاريح لتصوير أعمالك وسط الحصار المفروض عليكم ؟ - نحن نتحدى الحصار، ونتغلب على الصعوبات ونصور تحت الخطر، وأنا أنتقل من مخيم إلي آخر متحدياً الاحتلال، لأسجل الحياة الفلسطينية المحاصرة بالاحتلال الاسرائيلي والفساد والفقر، كما أن السينما هي مزيج من الواقع والخيال، ونحن نأخذ من الواقع صعوبته وقسوته ونأخذ من الخيال جماله، وبالسينما أستطيع أن أرسم الوطن الذي أحبه وهذا الحب يجعلني قوياً ضد الاحتلال. أرسلت عتابا للاعلام المصرى فى أحاديثك، بعد زيارتك للنجم نور الشريف؟ - بعد قراءتى للشائعات التى انطلقت عبر المواقع الالكترونية عن وفاة الفنان نور الشريف، داهمنى الحزن للاستهانة بنشر أخبار كاذبة، تعرض الشخصيات إلى التشهير بها أو تسريب الاحباط اليها، خاصة اذا كان نجما كبيرا له جمهوره ومحبوه، فكان على الإعلام التأكد أولاً من صحة الخبر، فالأخبار الكاذبة ليست سبقاً، ورفقاً برموزنا فهم ينتظرون التكريم، فكم من الأسماء تم تجريحها وتشويها دون خبر اعتذار، فيا اعلام مصر والعالم العربى، العدو يريد سقوط العالم العربى، وعلينا التصدى له، وعلي الإعلام مساندة وطنه واحترام رموزه، ومصر بلد الثقافة والفن وأم العرب والوطن الثانى لنا جميعا، فهى تحتضن الشعوب العربية. ماذا قال لك الفنان نور الشريف؟ - قال إنه تعود على سماع الشائعات، وإنه يثق فى الشعب المصرى الذى منحه نجوميته ألا يصدق كل ما يذاع أو يكتب، وأشار إلى أن مصر مليئة بالأقلام الشريفة التى تعرف قيمة الانسان وتقف بجواره فى محنته، وما يميز نور الشريف ثقافته، فهو قارئ متميز ومثقف، ودائم الدعاء لمصر بالاستقرار وأن يحمى الله جيشها، ويجعلها دائما هوليوود الشرق. ماذا عن أفلامك القادمة؟ - أستعد لتصوير فيلم روائى طويل يحمل عنوانا مختلفا عن أسماء أفلامى السابقة فاسمه «كتابة على الثلج» بطولة الفنان السورى جمال سليمان، واخترت الأردن مكاناً للتصوير.