رغم حالة الفقر الشديد البادية علي وجوه الناس وفي الشوارع وعلب الصفيح المسكونة بأوجاع أفريقيا القديمة يعيش أبناء الكونغو حالة من الحلم التاريخي وهم يتأهبون ورئيس بلادهم المولع بالحدث لافتتاح دورة الألعاب الأفريقية الحادية عشرة هنا في برازافيل غدا والتي تستمر إلي يوم 20 سبتمبر الجاري بمشاركة أكثر من تسعة آلاف رياضي من مختلف دول القارة السمراء. ولع الكونغو وتفاعلها مع الحدث الأفريقي الكبير يأتي لاحتفالها بمرور اليوبيل الذهبي لدورة الألعاب الأفريقية التي كانت الكونغو أول من استضافها في الدورة الأولي عام 1965 وبعد خمس سنوات فقط علي استقلال هذه البلاد التي لاتزال تذكر جيدا ويردد الناس هنا في الشوارع ما كان للزعيم المصري جمال عبد الناصر من دور كبير سواء في دعم الاستقلال أو استضافة الكونغو لأول دورة تجمع أبناء أفريقيا في أوليمبياد رياضي واحد. من هنا جاء الاهتمام الخاص في الكونغو بهذه الدورة التي ما إن بدأ شهر سبتمبر حتي بدأت الاحتفالات الشعبية في الشوارع وبالاستاد الرئيسي تأهبا لهذا الحدث.. وعند وصولنا ضمن الوفد الإعلامي والبعثة الطبية المصرية إلي برازافيل مساء أمس الأول وبعد أكثر من 18 ساعة من الترانزيت بالمطارات والانتظار بمطار برازافيل لانهاء اجراءات دخول البلاد والحصول علي التأشيرة وبطاقة تغطية الدورة كان علينا أيضا الانتظار لأكثر من ساعة بأحد شوارع برازافيل المدينة الصغيرة الفقيرة التي تسودها نسمة شتاء مغادر حالا وصيف ينظر من بعيد إلي حين مرور موكب رئيس الجمهورية الكونغولي دينيس ساسو الذي نزل بنفسه لاستاد يحمل اسمه وشيدته لهم الصين بمعونة كبيرة ضمن تحديث شبكة الطرق والمستشفيات والفنادق القليلة في برازفيل لمشاركة الجماهير الاحتفال بقدوم شهر سبتمبر شهر الألعاب الأفريقية التاريخية موجها الدعوة لعدد كبير من رؤساء الدول لحضور حفل الافتتاح التاريخي غدا. وقد وصل معنا علي نفس الطائرة من أديس أبابا إلي برازافيل بعثة منتخب إيطاليا الاوليمبي بقيادة النجم الايطالي الكبير كانافارو مدير المنتخب لأداء مباراة ودية كبيرة مع المنتخب الكونغولي احتفالا بالدورة وترويجا لها. ونظرا للظروف البيئية المقلقة وعلي خلفية مأساة دورة أبوجا الأفريقية عام 2003 والتي شهدت أربع حالات وفيات مصرية إضافة لأكثر من أربعين إصابة بين أعضاء البعثة المصرية وفتحت النيابة وقتها تحقيقات موسعة فقد كان الهاجس الطبي حاضرا وبقوة واضطلع د. علاء مشرف سكرتير اللجنة الاوليمبية كطبيب وأستاذ جامعي بهذا الملف الخاص وتم تكليف قيادة شبابية طبية مصرية واعدة وبقوة هو د. حسن كمال برئاسة اللجنة الطبية في الدورة وهو مع تخصصه في الطب الرياضي وحصوله علي ماجستير ثم دكتوراة في هذا التخصص الذي وضعته اللجنة الاوليمبية ضمن شروطها هو راض ومسئول طبي منذ سنوات باتحاد التايكوندو وهو لديه رؤية شاملة بوصفه أديبا موهوبا وحاصلا علي جائزة الدولة التشجيعية وأكثر من جائزة أدبية وطبية وله انتاجه الأدبي المترجم والمميز. وتحدث د. حسن كمال لنا عن هذه الترتيبات الطبية الخاصة والمشددة والتي تمنع تكرار مأساة أبوجا قائلا : منذ تكليفنا بهذه المهمة درسنا أسباب ما حدث في أبوجا ووجدنا أنه تم وقتها استخدام حبوب ملاريا خاصة بنوع من الناموس منتشر وقتها في الفيوم وهو بالطبع مختلف عن نوعية الناموس الموجود في أبوجا أو النوع الخطير القاتل الموجود في برازافيل وغيرها ومن هنا كان اهتمامنا بتحصين لاعبينا واعضاء البعثة بحبوب مضادة للملاريا ضد نوعية الناموسة الموجودة هنا في الكونغو وبحثنا حتي أمكننا التواصل مع طبيب مصري مقيم في الكونغو ومدرب مصري عمل لسبع سنوات في اتحاد تنس الطاولة بالكونغو هو أحمد غريب وأمدنا بمعلومات مهمة عن نوعية حبوب الملاريا والناموس الموجود هنا وهو نوع غريب وخطير وله حبوب ملاريا خاصة به وحصلنا علي حبوب مستوردة من فرنسا ويتم تداولها هنا في برازافيل لمواجهة هذا الخطر تحديدا كما قمنا بتطعيم لاعبينا وأعضاء البعثة ضد الحمي الشوكية والحمي الفراء كأخطر ما يمكن الإصابة به نتيجة الأوبئة المنتشرة هنا وتشارك مصر في الدورة ب380 لاعبا ولاعبة وتسعي بقوة للفوز بها والحفاظ علي صدارتها للألعاب الأفريقية التي حازتها في الدورة الأخيرة بموزمبيق 2011 ويتولي وصول منتخبات مصر في مختلف الألعاب بعد اعتذار مصر عن عدم المشاركة في بطولة كرة القدم بالدورة وانسحاب المنتخب الاوليمبي ومن المقرر أن تصل إلي برازافيل بعثة السباحة وتضم 29 لاعبا ولاعبة بينهم السباح العالي أحمد أكرم صاحب المركز الرابع عالميا في سباقه ثم يتوالي وصول المنتخبات وبدأ منتخب الطائرة للرجال المنافسات أمس حيث التقي في السادسة مساء مع موزمبيق في مباراة سهلة للاعبي مصر المتطلعين للقب البطولة والميدالية الذهبية فيها كما يلتقي منتخب الآنسات للطائرة اليوم أمام بتسوانا في السادسة مساء وتأهل زياد السيسي وأحمد إيهاب لاعبا مصر في السلاح لنصف نهائي بطولة السلاح بالدورة أمس.