استطلعت »أخبار اليوم« رأي أساتذة القانون والقضاة حول مشروعية القانون الذي أقره مجلس الشعب بشأن حرمان رموز العهد السابق من الترشح لمنصب رئيس الجمهورية. جاء إجماعهم انه يشوبه عوار دستوري من عدة نواح أوضحوها كالتالي: يؤكد الدكتور عمر محمد سالم استاذ القانون الجنائي بكلية حقوق القاهرة ان الحرمان من مباشرة الحقوق السياسية يعتبر موتا مدنيا، وهو عقوبة تبعية لابد من وجود عقوبة أصلية - صدرت في جناية - بالاعدام او السجن بأنواعه حتي يمكن تطبيقها وذلك طبقا للمادة 52 من قانون العقوبات..ومن هنا نري ان الحرمان الذي يسعي القانون المقترح لفرضه ليس في حاجة إلي تشريع ليكون عقاباً، لان الذي ارتكب جناية وعوقب بالعقوبات المذكورة يحرم تلقائيا من مباشرة حقوقه السياسية.. مع ملاحظة ان الانتماء للنظام السابق - وفقا للمعايير القانونية الشكلية - ليس جريمة لان هذا النظام كانت له شرعية اكتسبها من إرادة شعبية واعتبار ارتكاب هذه الجريمة بدون نص يعتبر تعسفا في استعمال سلطة التشريع وانحرافا عن غايتها الأساسية وهي تحقيق الصالح العام، بينما صدور هذا القانون في هذا الوقت بالذات وللانطباق علي اشخاص معينين لولا ترشحهم لرئاسة الجمهورية - ما انطبق عليهم يجعل القانون بعيداً عن أهم صفات القوانين وهي العمومية والتجريد ويثير الشبهة أن وراءه علة..ثم ان القوانين لا تسري بأثر رجعي إلا اذا كانت هي الأصلح للمتهم.. واستثناء أجاز الدستور سريان القوانين التي ليس فيها شق جنائي بأثر رجعي بشرط تشدد فيه وهي موافقة ثلثي اعضاء مجلس الشعب عليه.. ولما كان الحرمان من مباشرة الحقوق الدستورية اعتداء علي حق من الحقوق المكفولة دستوريا للإنسان فتعتبر القوانين التي تقررها ذات شق جنائي لا يجوز سريانها بتاريخ سابق علي اصدارها حتي ولو توافرت الاغلبية البرلمانية المشار اليها. الترزية الجدد للقوانين ويعترض الدكتور عصام سليم استاذ القانون بكلية حقوق الاسكندرية علي محاولة التحايل علي عدم اخضاع القانون قبل اصداره للرقابة السابقة للمحكمة الدستورية العليا طبقا للمادة 82 من الاعلان الدستوري ويقول ان العبرة بالمقاصد والمعاني وليس بالألفاظ والمباني فهذا تعديل في الشروط الواجب توافرها في رئيس الجمهورية ومكانه قانون الانتخابات الرئاسية وعموما ايا كان مكانه فلابد ان يخضع للدستورية العليا لتقرر مدي مطابقته للدستور خلال 51 يوما وقرارها الذي تصدره يكون ملزما ويشير إلي ان القانون المقترح يشكل عدوانا صارخا علي مبدأ الفصل بين السلطات لانه يقيم من مجلس الشعب قاضيا يوقع بنفسه جزاء وعقوبة علي مواطنين دون محكمة او اجراءات قضائية عادلة وهذا اقصاء للسلطة القضائية ولذلك فالقانون مات قبل ان يولد ويستغرب أن يقوم اعضاء مجلس الشعب الذي انتخبه المواطنون بعد الثورة بدور ترزية القوانين علي نفس نمط ترزية قوانين البرلمان البائد الذي اسقطه الثوار، وأن هذا الانحراف بالسلطة التشريعية وتفصيل القانون لتحقيق مصلحة حزبية ضحوا في سبيلها بعمومية القاعدة القانونية وهي جوهر المساواة. قانون ساقط دستوريا أما المستشار أحمد محمود موافي رئيس النيابة بمحكمة النقض فيقول أن تفسير المحكمة الدستورية العليا للأغلبية المطلوبة لإقرار سريان القوانين علي ما وقع قبلها بأنها أغلبية المجموع وليس اغلبية الحضور ويلزم التصويت بالمناداة بالاسم عضوا عضوا وقد تشددت المحكمة في ذلك لانها استشعرت ان الدستور فرضها كضمانة أساسية لهذه السريان الاستثنائي حداً من اثاره الخطيرة التي تهدد الحقوق وتخل بالمراكز القانونية. وهو يري ان المراكز القانونية لمرشحي الرئاسة قد استقرت لهم منذ الاعلان عن فتح باب الترشح وما يصدر عنها ، وليصدر بعد ذلك من قوانين فلا تطبق عليهم..ويؤكد انحراف السلطة التشريعية بسلطتها حينما عاد اعضاؤها عند مناقشة مواد القانون فعادوا إلي مادة اقروها باستبعاد الوزراء وألغوها فظهر جلياً العوار الشديد للقانون بغياب العمومية والتجرد عنه حيث اصبح لا يخاطب فئة معينة من رموز النظام البائد بل اصبح مقصوداً به فرد واحد تولي هو فقط منصب نائب رئيس الجمهورية خلال السنوات الثلاثين الماضية لمدة أيام قليلة، وفي هذا قمة البعد عن عمومية النص وتجرده وهو ما يسقطه في حومة العوار الدستوري الذي تنطق به المحكمة الدستورية العليا وحدها.وأخيرا يقول د. محمد باهي استاذ القانون الدستوري بحقوق الاسكندرية إنه لا ينفي شبهة عدم الدستورية عن مشروع القانون المشار اليه ان المنع من الحقوق السياسية مؤقت كما قال بعض المؤيدين لاصداره وانهم فقط عطلوا ممارستها، وذلك لان المنع المؤبد والمنع المؤقت كلاهما امام القانون في مقام الجزاء ولا ينفي عنه هذه الصفة التأبيد او التأقيت وربما يكون ذلك متفقا مع اهداف الثورة وذلك يكون امرا سياسيا وليس امرا قانونيا لا يفيد امام استعراض المحكمة الدستورية العليا.