ما يحدث الآن علي الساحتين السياسية والإعلامية، ليس إلا ترجمة صادقة لما يشهده الشارع المصري من انفلات أمني وتسيب وبلطجة لا تجد لها ضابطاً ولا رابطاً، وما يشهده أيضاً الشارع من إضرابات واعتصامات أبطالها في الغالب يعملون علي اغتصاب حقوق ليست لهم، أو هي من حق غيرهم، ويريدون أن يحصلوا علي علاوات وامتيازات لا يعملون بها، بل إنهم لا يعملون بما يحصلون عليه من مرتبات، ولأن »الحال سايب« فكثيراً ما يستجاب لهم، وتتدهور أحوال الدولة وأحوالنا أكثر وأكثر!. الساحة السياسية الآن تموج هي الأخري باعتصامات واضرابات ومظاهرات وانسحابات، لأناس مازالوا يبحثون لأنفسهم عن دور، ويسمون أنفسهم القوي السياسية والحركات السياسية، وقد فوجئوا بأن الشارع لا يعرفهم ولم يمنحهم ثقته، فوجدوا أن الحل الأمثل من وجهة نظرهم الشيطانية أن يحاولوا تأليب الشارع علي من يمثلون الشرعية الشعبية، والذين اختارهم الشارع بملء إرادته الحرة، ومازال يمنحهم ثقته، بعيداً عن الصراخ والهمجية اللذين يمارسهما أصحاب الحناجر والمتاجرون باسم الثورة، ومعهم أصحاب المنابر الفضائية والمذيعون والمذيعات الذين أثروا وجمعوا الملايين في العصر البائد وتاجروا بآلام الشعب ومشاكله، وهم أنفسهم الآن الذين اكتشفوا واكتشفنا معهم أنهم من أشد أنصار الثورة، وكلما ارتفعت أصواتهم وتشنجت حناجرهم، ساوموا علي رفع أجورهم التي دخلت في خانة مئات الآلاف من الجنيهات شهرياً. وهؤلاء يدعون أن حزب »الحرية والعدالة« الذي حصل مع حزب »النور« علي الأغلبية في البرلمان بالإرادة الشعبية الحرة، هو بديل الحزب الوطني الذي اغتصب ارادة الأمة وسرق مصر من المصريين، مصر التي يريد حزب »الحرية والعدالة« أن يعيدها إلي المصريين.. والغريب أن هؤلاء السادة الحنجوريين يريدون الآن أن يغتصبوا إرادة الشعب تماماً مثل الحزب الوطني الذي يتهمونه بأنه غير قادر علي اتخاذ القرار السليم.. وحسنا يفعل أصحاب الثقة الشعبية، بتركهم ينعقون ويزعقون ويتظاهرون.