وزير الصناعة والنقل يكشف سبب ارتفاع أسعار الأسمنت: التصدير سيكون للفائض فقط    الأمم المتحدة: ندعو لتحقيق مستقل في استهداف فلسطينيين حاولوا الوصول للمساعدات بغزة    فصيل يسمي نفسه كتائب الشهيد محمد الضيف يتبنى هجوما صاروخيا على إسرائيل من سوريا    «رونالدو خطير».. مدرب منتخب ألمانيا يحذر لاعبيه قبل مواجهة البرتغال    "الهلال الأحمر" بالمدينة المنورة يستقبل أكثر من 52 ألف مكالمة ويباشر 14 ألف بلاغ خلال الموسم الأول من الحج    سُنن عيد الأضحى.. من سنة إبراهيم إلى سنة محمد صلى الله عليه وسلم    برلماني: توجيهات الرئيس للمجموعة الاقتصادية مرحلة جديدة أكثر تنافسية    حزب المؤتمر يقدم ورقة عمل لمجلس حقوق الانسان المصري حول تضمين المبادئ في برنامجه    فرص عمل للمصريين بالأردن براتب يصل إلى 350 دينار.. اعرف التفاصيل    بريطانيا تخطط لإنتاج 7000 سلاح بعيد المدى لتعزيز قوتها الاستراتيجية    محمد صلاح ينضم لقائمة الأكثر حصداً لجائزة رجل المباراة بدوريات أوروبا .. اعرف التفاصيل    «القاصد» يرأس لجنة اختيار عميد كلية التربية الرياضية بجامعة المنوفية    ريال مدريد ينافس باريس على الموهبة الأرجنتينية الجديدة    الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن عقب انتهاء زيارته إلى رواندا| فيديو    تامر حسني يشكر جمهوره على دعمهم بعد الأزمة الصحية له ولابنه آدم    وزير الثقافة: تعليق زيادة رسوم المصنفات الفنية والتعامل بالرسوم السابقة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع أداء إيجابي    الشيخ خالد الجندي: من يأكل أموال الناس بالباطل لا حج له    الأزهر للفتوى: الأضحية من الشاة تجزئ عن الشخص الواحد وعن أهل بيته مهما كثروا    أحكام السعي بين الصفا والمروة خطوة بخطوة | فيديو    جامعة سوهاج تطلق قافلة طبية بالمنشأة    عيد الأضحى 2025| دليلك الذكي لتخزين اللحوم بطريقة صحية    أيام التشريق.. موعدها وحكم صيامها وأفضل العبادات بها    محافظ الدقهلية: الانتهاء من إنشاء ورفع كفاءة وتطوير 5 منتجعات سياحية    وزير الثقافة: تعليق تنفيذ قرار زيادة رسوم المصنفات الفنية والتعامل بالرسوم السابقة    وزير العمل يلتقي مسؤولة ب"العمل الدولية" ويؤكد التزام مصر بمعاييرها    الشربيني يستقبل وفدًا من وزارتي الاستثمار والبلديات وهيئة المقاولين بالسعودية    وزير الإنتاج الحربي: حريصون على التعاون مع جهات الدولة لتحقيق التنمية الشاملة    تشغيل عيادات التأمين الصحي بالدقهلية خلال عيد الأضحى المبارك.. تعرف على الأماكن والمواعيد    الخلود يقطع إعارة أليو ديانج ويعيده للأهلي قبل المونديال    محافظ بني سويف يكرم الأمهات المثاليات بمسابقتي التنمية المحلية والتضامن    وافدان جديدان يستعدان لتمثيل إنتر في كأس العالم للأندية    الجباس: الحديث عن تواجدي في بيراميدز بسبب علاقتي مع ممدوح عيد "عبث"    استشاري: الاتحاد الأوروبي بدأ التلويح للمعاملة بالمثل بعدما ضاعف ترامب الرسوم الجمركية    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد جاهزية مستشفى نخل المركزي لاستقبال عيد الأضحى    منظمة التحرير الفلسطينية: غزة تتعرض لإبادة برعاية أمريكية وصمت دولى    المشدد 10 سنوات لعاطل لاتجاره في المخدرات بشبرا الخيمة    بيطري القليوبية: ضبط 25.5 طن لحوم ودواجن غير صالحة للاستهلاك خلال شهر    مانشستر يونايتد مستعد لتلقي عروض لبيع سانشو    رئيس الهيئة الدولية للمسرح ينعى وفاة سيدة المسرح العربي سميحة أيوب    محافظ الفيوم: بدء تطبيق المحاور المرورية الجديدة أول أيام العيد    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو قيام شخص بالتعدى على ابنته بالجيزة    الاتحاد السكندري: عبدالعاطي استقال على «الفيسبوك».. والمغادرة غير مقبولة    محافظ المنوفية يتفقد منظومة العمل بمركز الدراسات الوطنية    تطهير وتعقيم ونظافة الأماكن المعدة لصلاة عيد الأضحي المبارك بالقاهرة    وزير المالية: 50% من مستحقات الشركات في برنامج دعم الصادرات سيتم تسويتها من الضرائب أو الكهرباء    وزير الخارجية اللبناني ونظيره الإيراني يبحثان السبيل الأمثل لتطوير العلاقات الثنائية    توجيهات مهمة من رئيس الوزراء بشأن التحركات الدبلوماسية    رسالة دكتوراه تناقش تقييم جدوى تقنية الحقن الأسمنتي كعلاج فعال لكسور هشاشة العظام    مهرجان إيزيس الدولي ينعى سيدة المسرح العربي سميحة أيوب    رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية يهنئ رئيس الجمهورية وشيخ الأزهر بحلول عيد الأضحى    "المطاعم السياحية": بحث ضرائب الملاهي الليلة وإطلاق شعار موحد للمنشأت    ضبط أصحاب شركة المقاولات المتورطة في التنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر    موعد ومكان جنازة الفنانة سميحة أيوب    درجات الحرارة اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025 فى القاهرة والمحافظات    من الصفائح التكتونية إلى الكوارث.. كيف تحدث الزلازل ؟    مستشار الرئيس للشئون الصحية: مصر تشهد معدلات مرتفعة في استهلاك الأدوية    «كل حاجة هتبان».. هاني سعيد يرد على رحيل إدارة بيراميدز والدمج مع مانشستر سيتي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف يكتب:
النقد بين الإصلاح والهدم
نشر في أخبار اليوم يوم 13 - 08 - 2015

إذا كانت القيادة مسئولية وأمانة، فإن ممارسة النقد والتحليل أيضا مسئولية وأمانة وكلنا مسئولون أمام الله عز وجل
بداية يجب أن نفرق بين النقد الذي يعني تمييز الجيد من الرديء، والنقض الذي يعني الهدم، فالأول مأخوذ من نقد الذهب والفضة أي تمييز الصحيح من الزائف منهما، والثاني وهو النقض فمعناه الهدم، يقال : مات فلان تحت الأنقاض، أي: تحت بقايا الهدم.
علي أن النقد في اللغة له معنيان: أولهما : هو العيب والذم والقدح، ومنه قول أبي الدرداء (رضي الله عنه) : إن نقدت الناس نقدوك وإن تركتهم تركوك، أي إن عبتهم وقدحت فيهم عابوك وقدحوا فيك، فكلك عورات وللناس ألسن.
أما المعني الثاني وهو النقد المنصف فيعني التمييز بين الحسن والقبيح، علي أنه قد يكون مدحا واستحسانا، وقد يكون ذما واستهجانا، وقد يجمع الناقد بين بيان المحاسن والمثالب.
والنقد قد يكون ذاتيا أو انطباعيا، وقد يكون علميًا أو منهجيًا أو موضوعيًا، فالأول قائم علي مجرد الانطباع الأولي، كأن تقرأ مقالا أو تسمع خطبة أو كلمة أو حديثا أو تري لوحة فنان فتعجب بها دون أن تقف علي تفاصيل الفن أو وصف أسباب الجودة، وقد لا تعجب مع عدم الوقوف علي التفاصيل الفنية التي هبطت بالفن عن مستوي الجودة.
أما النقد العلمي والمنهجي والموضوعي فهو القائم والمبني علي أسس علمية وموضوعية وفنية وهذا النقد يحتاج إلي ثلاثة مقومات أساسية :
أولها : الأدوات المتصلة بالصناعة أو الفن، فناقد العمل الأدبي يحتاج إلي الإلمام بعلوم اللغة من النحو والصرف والعروض وعلوم البلاغة والنقد وأدب الكُتَّاب والإلمام بشيء من الثقافة العامة في سائر العلوم الإنسانية والاجتماعية والنفسية وفنون التاريخ والحضارة والعمران وما إلي ذلك، والناقد الرياضي أو الاقتصادي أو السياسي أو الفني أو التشكيلي لابد أن يلم إلماما كبيرًا بأصول الصنعة التي يتعرض لها، وإلا كان نقده سطحيًا يحتاج إلي من ينقده ويفنده وربما يتعرض له من يبين قصوره وقد يسفهه.
الأمر الثاني الذي يجب أن يلم به الناقد هو الخبرة والدربة والملكة، ألا تري أن قد تسمع إلي قارئي قرآن أو خطيبين مجيدين متميزين غاية التميز، أو تقرأ لكاتبين من كبار الكُتَّاب مقالين عظيمين مستجمعين لكل أدوات الصناعة، أو تتعرض لتحليل عملية فنية في غاية الدقة والإبداع، غير أنك قد تميز بينهما بشئ يدرك ولا يوصف، كما قال الآمدي : ألا تري أنك قد تجد فرسين نجيبين بينهما من الاشتراك في علامات العتق والنجابة والقوة والعراقة ما يصعب علي اللبيب التفريق فيه بينهما، غيرأن أهل الخبرة بالخيول يقدمون أحدهما علي الآخر، وكذلك في تقييم لوحات الفنانين وأعمال المبدعين ومواصفات الإبداع والجمال والمعمار وسائر شئون الحياة والصناعات، مما يجعل من الخبرة والممارسة شيئا آخر إلي جانب امتلاك أدوات الصناعة. أما أن يقتحم مجال النقد من لا يمتلك لا الخبرة ولا الحاسة ولا أدوات الصناعة والفن أو مؤهلات النقد، فتلك الطامة الكبري التي تؤخر ولا تقدم، وتفسد ولا تصلح، وتسيء للناقد قبل المنقود.
الأمر الثالث والأهم هو : الإخلاص والتجرد والبعد عن الأهواء وتصفية الحسابات، فإن الوقوع في آفات الهوي والميل وعدم الإنصاف طامة كبري يجب الترفع عنها، وذلك أن بعض النفوس المريضة لا تعرف سوي الهدم طريقا، علي حد ما قرره الإمام علي بن عبد العزيز الجرجاني في مقدمة كتابه « الوساطة بين المتنبي وخصومه « حيث ذكر أن أهل النقص فريقان، فريق يعمل علي جبر نقيصته وستر عورته، وهذا أمر حسن لأنه قد شغل بأمر نفسه ويعمل علي إصلاح حاله وشأنه، أما الفريق الآخر من أهل النقص فقد قعد به عن الكمال عجزه أو اختياره، أي ضعفه أو كسله، فلم يجد شيئا أجبر لنقصه وأستر لعورته من انتقاص الأماجد وحسد الأفاضل، ظنًا أن ذلك قد يجرهم إلي مثل نقيصته أو ينزل بهم إلي مستوي درجته.
وقد امتهن بعض الناس حتي في العصور المتقدمة المدح والهجاء صنعة يتكسبون بها، وإذا كان التكسب بالمديح والثناء أمرًا معروفا حتي لدي شعراء الجاهلية فيمن عرفوا بمدرسة الصنعة أو التكسب بالشعر كزهير بن أبي سلمي والنابغة الذبياني وغيرهما، فإن هناك من عُرف بالتكسب بالهجاء حتي في عصر صدر الإسلام كالحطيئة الذي كان يبتز الناس بهجائه وتعرضه لهم، حتي أن الخليفة عمر ( رضي الله عنه ) هدده تهديدًا شديدًا إن لم يكف عن أعراض الناس، فقال : إذن يموت عيالي يا أمير المؤمنين، فاشتري منه عمر أعراض الناس بأربعين ألف درهم علي ألا يتعرض لهجاء أحد، فكف الحطيئة عن هجاء الناس طوال خلافة عمر ثم عاد إليه بعد وفاته.
وكل هذا لا يمكن أن يصنع حضارة حقيقية أو يقدم للمجتمع الكفاءات التي تستحق الثناء والتقدير الحقيقي، بل إن هذا النقد قد يسهم في الهدم، أما النقد الحقيقي المتجرد الموضوعي المبني علي أسس علمية وعلي الخبرة والدربة والممارسة وكثرة التحصيل وعلي الإنصاف، بأن تقول لمن أحسن: أحسنت، ولمن أساء - بالأدب - : أسأت وقصرت، وربما تضع يده علي وجه الخلل وعلي طرق الإصلاح، فهذا هو النقد الهادف الذي يبني ولا يهدم، وينصف ويشجع، وفي الوقت نفسه يبين ويحذر.
فإذا كانت القيادة مسئولية وأمانة، فإن ممارسة النقد والتحليل أيضا مسئولية وأمانة، وكلنا مسئولون أمام الله (عز وجل)، كل عن الأمانة التي ولاه الله إياها،كما أننا مسئولون عن بناء وطننا، والعمل علي نهضته ورقيه من خلال سبل البناء والإصلاح لا الهدم والنقض، ولا النفعية أو حب الظهور، علي أن الغالبية العظمي صارت تميز الغث من السمين، وصدق الله العظيم إذ يقول في كتابه الكريم : « فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ « (الرعد : 17).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.