موعد امتحان 964 متقدمًا لشغل معلم حاسب آلي بالأزهر (رابط للاستعلام)    رئيس جامعة قناة السويس يُكرم الفائزين بجائزة الأداء المتميز لشهر نوفمبر 2025    محافظ الغربية توفير 32 فرصة تمكين جديدة لدعم ذوي الهمم    ما فوائد تأجيل صندوق النقد الدولي المراجعتين الخامسة والسادسة لمصر؟    رئيس البورصة يوقّع بروتوكول تعاون مع جمعية مستثمري السادس من أكتوبر    ڤاليو تعتمد الذكاء الاصطناعي لتعزيز تجربة العملاء    وزير البترول والثروة المعدنية يشهد توقيع اتفاق مع آتون مايننج الكندية    مراوغات نتنياهو في أعياد الميلاد    زيلينسكي: مسودة اتفاقية إنهاء الحرب توفر لأوكرانيا ضمانات أمنية مماثلة للمادة الخامسة من اتفاقية "الناتو"    أمم أفريقيا 2025| شوط أول سلبي بين بوركينا فاسو وغينيا الاستوائية    مفاجآت في قضية الخانكة.. تأجيل محاكمة المتهم بقتل والده وإشعال النيران في جثته    غدا.. استكمال محاكمة والد المتهم بقتل زميله وتقطيع جثته فى الإسماعيلية    الزراعة تحذر المواطنين من شراء اللحوم مجهولة المصدر والأسعار غير المنطقية    وزيرا الثقافة والخارجية يبحثان تعزيز الحضور الثقافي في معرض القاهرة للكتاب    محافظ البحيرة تتفقد القافلة الطبية المجانية بقرية الجنبيهي بحوش عيسى    تشكيل أمم إفريقيا - بلاتي توري يقود وسط بوركينا.. ومهاجم ريال مدريد أساسي مع غينيا الاستوائية    إنفوجراف| العلاقات المصرية السودانية عقود من الشراكة في وجه الأزمات    خالد عبدالعزيز يترأس الاجتماع الختامي للجنة الرئيسية لتطوير الإعلام الإثنين المقبل    هيثم عثمان حكمًا لمباراة الزمالك وسموحة بكأس عاصمة مصر    كوت ديفوار تواجه موزمبيق في الجولة الأولى من كأس أمم إفريقيا 2025.. التوقيت والتشكيل والقنوات الناقلة    تليجراف: عمر مرموش يقترب من مغادرة مانشستر سيتي في يناير    فوز 3 طلاب بجامعة أسيوط بمنحة للدراسة بجامعة كاستامونو بتركيا    بث مباشر.. الجزائر تبدأ مشوارها في كأس أمم إفريقيا 2025 بمواجهة نارية أمام السودان في افتتاح المجموعة الخامسة    وزير التعليم العالي يعلن أسماء (50) فائزًا بقرعة الحج    ميناء دمياط يستقبل 76 ألف طن واردات متنوعة    جامعة أسوان تشارك في احتفالية عالمية لعرض أكبر لوحة أطفال مرسومة في العالم    انفجار عبوة ناسفة بناقلة جند إسرائيلية في رفح الفلسطينية    تشييع جثمان طارق الأمير من مسجد الرحمن الرحيم بحضور أحمد سعيد عبد الغنى    أصداء أبرز الأحداث العالمية 2025: افتتاح مهيب للمتحف الكبير يتصدر المشهد    هل يجوز استخدام شبكات الواى فاى بدون إذن أصحابها؟.. الإفتاء تجيب    تواصل الاشتباكات الحدودية بين تايلاند وكمبوديا    «أبناؤنا في أمان».. كيف نبني جسور التواصل بين المدرسة والأهل؟    الدكتور/ عمرو طلعت: تم إضافة 1000 منفذ بريد جديد ونشر أكثر من 3000 ماكينة صراف آلى فى مكاتب البريد منذ عام 2018    تأجيل محاكمة عامل بتهمة قتل صديقه طعنًا في شبرا الخيمة للفحص النفسي    وفاة أصغر أبناء موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب    السكة الحديد: تطبيق التمييز السعري على تذاكر الطوارئ لقطارات الدرجة الثالثة المكيفة.. ومصدر: زيادة 25%    حسام بدراوي يهاجم إماما في المسجد بسبب معلومات مغلوطة عن الحمل    سبق تداوله عام 2023.. كشفت ملابسات تداول فيديو تضمن ارتكاب شخص فعل فاضح أمام مدرسة ببولاق أبو العلا    بالأعشاب والزيوت الطبيعية، علاج التهاب الحلق وتقوية مناعتك    رفع 46 سيارة ودراجة نارية متهالكة خلال حملات مكثفة بالمحافظات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 24-12-2025 في محافظة الأقصر    إيمان العاصي تجمع بين الدراما الاجتماعية والأزمات القانونية في «قسمة العدل»    وزيرا التعليم العالي والرياضة يكرمان طلاب الجامعات الفائزين في البطولة العالمية ببرشلونة    محمد بن راشد يعلن فوز الطبيب المصري نبيل صيدح بجائزة نوابغ العرب    هاني رمزي: أتمنى أن يبقى صلاح في ليفربول.. ويرحل من الباب الكبير    بولندا: تفكيك شبكة إجرامية أصدرت تأشيرات دخول غير قانونية لأكثر من 7 آلاف مهاجر    الصغرى بالقاهرة 11 درجة.. الأرصاد تكشف درجات الحرارة المتوقعة لمدة أسبوع    الأوقاف: عناية الإسلام بالطفولة موضوع خطبة الجمعة    فاضل 56 يومًا.. أول أيام شهر رمضان 1447 هجريًا يوافق 19 فبراير 2026 ميلاديًا    كيف واجهت المدارس تحديات كثافات الفصول؟.. وزير التعليم يجيب    بعد تعرضه لموقف خطر أثناء تصوير مسلسل الكينج.. محمد إمام: ربنا ستر    ميدو عادل يعود ب«نور في عالم البحور» على خشبة المسرح القومي للأطفال.. الخميس    وزير الصحة: قوة الأمم تقاس اليوم بعقولها المبدعة وقدراتها العلمية    وكيل صحة بني سويف يفاجئ وحدة بياض العرب الصحية ويشدد على معايير الجودة    القومي للطفولة والأمومة يناقش تعزيز حماية الأطفال من العنف والتحرش    وزير الخارجية يتسلم وثائق ومستندات وخرائط تاريخية بعد ترميمها بالهيئة العامة لدار الكتب    بوتين يرفض أى خطط لتقسيم سوريا والانتهاكات الإسرائيلية    فنزويلا: مشروع قانون يجرم مصادرة ناقلات النفط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف يكتب:
النقد بين الإصلاح والهدم
نشر في أخبار اليوم يوم 13 - 08 - 2015

إذا كانت القيادة مسئولية وأمانة، فإن ممارسة النقد والتحليل أيضا مسئولية وأمانة وكلنا مسئولون أمام الله عز وجل
بداية يجب أن نفرق بين النقد الذي يعني تمييز الجيد من الرديء، والنقض الذي يعني الهدم، فالأول مأخوذ من نقد الذهب والفضة أي تمييز الصحيح من الزائف منهما، والثاني وهو النقض فمعناه الهدم، يقال : مات فلان تحت الأنقاض، أي: تحت بقايا الهدم.
علي أن النقد في اللغة له معنيان: أولهما : هو العيب والذم والقدح، ومنه قول أبي الدرداء (رضي الله عنه) : إن نقدت الناس نقدوك وإن تركتهم تركوك، أي إن عبتهم وقدحت فيهم عابوك وقدحوا فيك، فكلك عورات وللناس ألسن.
أما المعني الثاني وهو النقد المنصف فيعني التمييز بين الحسن والقبيح، علي أنه قد يكون مدحا واستحسانا، وقد يكون ذما واستهجانا، وقد يجمع الناقد بين بيان المحاسن والمثالب.
والنقد قد يكون ذاتيا أو انطباعيا، وقد يكون علميًا أو منهجيًا أو موضوعيًا، فالأول قائم علي مجرد الانطباع الأولي، كأن تقرأ مقالا أو تسمع خطبة أو كلمة أو حديثا أو تري لوحة فنان فتعجب بها دون أن تقف علي تفاصيل الفن أو وصف أسباب الجودة، وقد لا تعجب مع عدم الوقوف علي التفاصيل الفنية التي هبطت بالفن عن مستوي الجودة.
أما النقد العلمي والمنهجي والموضوعي فهو القائم والمبني علي أسس علمية وموضوعية وفنية وهذا النقد يحتاج إلي ثلاثة مقومات أساسية :
أولها : الأدوات المتصلة بالصناعة أو الفن، فناقد العمل الأدبي يحتاج إلي الإلمام بعلوم اللغة من النحو والصرف والعروض وعلوم البلاغة والنقد وأدب الكُتَّاب والإلمام بشيء من الثقافة العامة في سائر العلوم الإنسانية والاجتماعية والنفسية وفنون التاريخ والحضارة والعمران وما إلي ذلك، والناقد الرياضي أو الاقتصادي أو السياسي أو الفني أو التشكيلي لابد أن يلم إلماما كبيرًا بأصول الصنعة التي يتعرض لها، وإلا كان نقده سطحيًا يحتاج إلي من ينقده ويفنده وربما يتعرض له من يبين قصوره وقد يسفهه.
الأمر الثاني الذي يجب أن يلم به الناقد هو الخبرة والدربة والملكة، ألا تري أن قد تسمع إلي قارئي قرآن أو خطيبين مجيدين متميزين غاية التميز، أو تقرأ لكاتبين من كبار الكُتَّاب مقالين عظيمين مستجمعين لكل أدوات الصناعة، أو تتعرض لتحليل عملية فنية في غاية الدقة والإبداع، غير أنك قد تميز بينهما بشئ يدرك ولا يوصف، كما قال الآمدي : ألا تري أنك قد تجد فرسين نجيبين بينهما من الاشتراك في علامات العتق والنجابة والقوة والعراقة ما يصعب علي اللبيب التفريق فيه بينهما، غيرأن أهل الخبرة بالخيول يقدمون أحدهما علي الآخر، وكذلك في تقييم لوحات الفنانين وأعمال المبدعين ومواصفات الإبداع والجمال والمعمار وسائر شئون الحياة والصناعات، مما يجعل من الخبرة والممارسة شيئا آخر إلي جانب امتلاك أدوات الصناعة. أما أن يقتحم مجال النقد من لا يمتلك لا الخبرة ولا الحاسة ولا أدوات الصناعة والفن أو مؤهلات النقد، فتلك الطامة الكبري التي تؤخر ولا تقدم، وتفسد ولا تصلح، وتسيء للناقد قبل المنقود.
الأمر الثالث والأهم هو : الإخلاص والتجرد والبعد عن الأهواء وتصفية الحسابات، فإن الوقوع في آفات الهوي والميل وعدم الإنصاف طامة كبري يجب الترفع عنها، وذلك أن بعض النفوس المريضة لا تعرف سوي الهدم طريقا، علي حد ما قرره الإمام علي بن عبد العزيز الجرجاني في مقدمة كتابه « الوساطة بين المتنبي وخصومه « حيث ذكر أن أهل النقص فريقان، فريق يعمل علي جبر نقيصته وستر عورته، وهذا أمر حسن لأنه قد شغل بأمر نفسه ويعمل علي إصلاح حاله وشأنه، أما الفريق الآخر من أهل النقص فقد قعد به عن الكمال عجزه أو اختياره، أي ضعفه أو كسله، فلم يجد شيئا أجبر لنقصه وأستر لعورته من انتقاص الأماجد وحسد الأفاضل، ظنًا أن ذلك قد يجرهم إلي مثل نقيصته أو ينزل بهم إلي مستوي درجته.
وقد امتهن بعض الناس حتي في العصور المتقدمة المدح والهجاء صنعة يتكسبون بها، وإذا كان التكسب بالمديح والثناء أمرًا معروفا حتي لدي شعراء الجاهلية فيمن عرفوا بمدرسة الصنعة أو التكسب بالشعر كزهير بن أبي سلمي والنابغة الذبياني وغيرهما، فإن هناك من عُرف بالتكسب بالهجاء حتي في عصر صدر الإسلام كالحطيئة الذي كان يبتز الناس بهجائه وتعرضه لهم، حتي أن الخليفة عمر ( رضي الله عنه ) هدده تهديدًا شديدًا إن لم يكف عن أعراض الناس، فقال : إذن يموت عيالي يا أمير المؤمنين، فاشتري منه عمر أعراض الناس بأربعين ألف درهم علي ألا يتعرض لهجاء أحد، فكف الحطيئة عن هجاء الناس طوال خلافة عمر ثم عاد إليه بعد وفاته.
وكل هذا لا يمكن أن يصنع حضارة حقيقية أو يقدم للمجتمع الكفاءات التي تستحق الثناء والتقدير الحقيقي، بل إن هذا النقد قد يسهم في الهدم، أما النقد الحقيقي المتجرد الموضوعي المبني علي أسس علمية وعلي الخبرة والدربة والممارسة وكثرة التحصيل وعلي الإنصاف، بأن تقول لمن أحسن: أحسنت، ولمن أساء - بالأدب - : أسأت وقصرت، وربما تضع يده علي وجه الخلل وعلي طرق الإصلاح، فهذا هو النقد الهادف الذي يبني ولا يهدم، وينصف ويشجع، وفي الوقت نفسه يبين ويحذر.
فإذا كانت القيادة مسئولية وأمانة، فإن ممارسة النقد والتحليل أيضا مسئولية وأمانة، وكلنا مسئولون أمام الله (عز وجل)، كل عن الأمانة التي ولاه الله إياها،كما أننا مسئولون عن بناء وطننا، والعمل علي نهضته ورقيه من خلال سبل البناء والإصلاح لا الهدم والنقض، ولا النفعية أو حب الظهور، علي أن الغالبية العظمي صارت تميز الغث من السمين، وصدق الله العظيم إذ يقول في كتابه الكريم : « فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ « (الرعد : 17).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.