القومي لذوي الإعاقة يطلق أول منصة للفنون الدامجة في الشرق الأوسط    تطبيق نظام الإختبارات الإلكترونية في الامتحانات بجامعة العريش    خلال زيارته بالبحيرة.. رئيس الوزراء يتفقد قافلة خدمية لمواطني زاوية صقر في أبوالمطامير    انفجار في مجمع لصناعة الآلات بمحافظة لرستان غرب إيران    الضربة الإسرائيلية لإيران.. طهران تواجه صدمة استخباراتية عقب اغتيال قاداتها العسكريين.. انهيار شبه كامل لمنظومة الدفاع الجوي    كأس العالم للأندية.. غيابات إنتر ميامي في مواجهة الأهلي    الزمالك يجهز الدفعة الأخيرة من قيمة صفقة الجفالي لإرسالها للاتحاد المنستيري    تعليم البحيرة ترفع حالة الطوارئ إلى الدرجة القصوى استعدادا لامتحانات الثانوية العامة    أيمن بهجت قمر عن إيرادات فيلم ريستارت: 60 مليونًا في 15 يوم عرض    فنانو المسرح يودعون المخرج سعيد عزام: «ربنا يعوضك في آخرتك عن دنياك»    معهد القلب ينجح في إجراء قسطرة عاجلة لإنقاذ رضيع عمره 5 أيام فقط    باستخدام المنظار.. استئصال جذري لكلى مريض مصاب بورم خبيث في مستشفى المبرة بالمحلة    بعد الضربات الإسرائيلية على إيران.. سعر الذهب اليوم في مصر يعود للارتفاع بمنتصف تعاملات اليوم "عالميا تجاوز 3400 دولار"    مواطن لرئيس الوزراء: "بنتي اتعمت".. ومدبولي: "هنعمل اللازم فورًا"    إزالة 654 حالة ضمن الموجة ال26 لإزالة التعديات ببنى سويف    طلب إحاطة يحذر من غش مواد البناء: تهديد لحياة المواطنين والمنشآت    القبض على شخص أطلق النيران على زوجتة بسبب رفضها العودة اليه بالمنيا    نقيب المحامين يفتتح مقر اللجنة النقابية لمحامي الحمام والعلمين    تفاصيل احتفالية تخرج طلاب مركز تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها    تأجيل محاكمة " أنوسة كوتة" فى قضية سيرك طنطا إلى جلسة يوم 21 من الشهر الحالي    غدا..بدء التقديم "لمسابقة الأزهر للسنة النبوية"    إجرام واستعلاء.. حزب النور يستنكر الهجمات الإسرائيلية على إيران    إيران تؤكد وقوع أضرار في موقع فوردو النووي    تحذير لطلاب الثانوية العامة: تجنبوا مشروبات السهر والتركيز لهذه الأسباب    ضبط 3 عاطلين وسيدة بتهمة ارتكاب جرائم سرقات في القاهرة    وزير الري يؤكد توفير الاحتياجات المائية بمرونة خلال ذروة الصيف    محافظ الشرقية يقرر عودة سوق اليوم الواحد بمراكز ومدن المحافظة    جوليانو سيميوني: جاهزون لمواجهة باريس سان جيرمان    مراسلة «القاهرة الإخبارية»: مستشفيات تل أبيب استقبلت عشرات المصابين    إليسا وآدم على موعد مع جمهور لبنان 12 يوليو المقبل    الإثنين.. العربي للطفولة يسلم الفائزين بجوائز "الملك عبد العزيز للبحوث العلمية"    "الحياة اليوم" يناقش آثار وتداعيات الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران    «التخطيط» تعقد غداً مؤتمر «التمويل التنموي لتمكين القطاع الخاص.. النمو الاقتصادي والتشغيل»    وزير التموين: توافر كامل للسلع الأساسية ومدد الكفاية تفوق 6 أشهر    الضربات الإسرائيلية على إيران ترفع أسعار استخدام ناقلات النفط    استعراض خطير على الطريق الدائري بالقاهرة.. والشرطة تتمكن من ضبط السائق    خاص| سلوى محمد علي: سميحة أيوب أيقونة فنية كبيرة    ريال مدريد يحصن مدافعه الشاب راؤول أسينسيو بعقد حتى 2031    السلع الغذائية العالمية تقفز بعد صراع إسرائيل وإيران ومخاوف من أزمة إمدادات    عمليات جراحية دقيقة تنقذ حياة طفلة وشاب بالدقهلية    مدرب إنتر ميامي يراهن على تأثير ميسي أمام الأهلي    «عمال الجيزة»: اتفاقية الحماية من المخاطر البيولوجية مكسب تاريخي    الطبيب الألماني يخطر أحمد حمدي بهذا الأمر    اليوم.. الحكم على متهمة بالانضمام لجماعة إرهابية بالهرم    أهالي يلاحقونه بتهمة خطيرة.. الأمن ينقذ أستاذ جامعة قبل الفتك به في الفيوم    الأهلي بزيه التقليدي أمام إنتر ميامي في افتتاح مونديال الأندية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 14-6-2025 في محافظة قنا    خاص| محمد أبو داوود: «مشاكل الأسرة» محور الدراما في «فات الميعاد»    الصحة: قافلة متخصصة في جراحات الجهاز الهضمي للأطفال ب«طنطا العام» بمشاركة الخبير العالمي الدكتور كريم أبوالمجد    حجاج مصر يودّعون النبي بقلوب عامرة بالدعاء.. سلامات على الحبيب ودموع أمام الروضة.. نهاية رحلة روحانية في المدينة المنورة يوثقوها بالصور.. سيلفي القبة الخضراء وساحات الحرم وحمام الحمى    شديد الحرارة.. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس حتى الخميس 19 يونيو    جماهير الأهلي توجه رسائل مباشرة ل تريزيجية وهاني قبل مباراة إنتر ميامي (فيديو)    معاذ: جماهير الزمالك كلمة السر في التتويج ب كأس مصر    رئيس جامعة سوهاج في ضيافة شيخ الأزهر بساحة آل الطيب    إعلام عبري: سقوط 4 صواريخ فى دان جوش والنقب والشفيلا    إعلام عبرى: ارتفاع عدد المصابين إلى 7 أشخاص جراء الهجوم الإيرانى    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
تأملات هندية
نشر في أخبار اليوم يوم 12 - 07 - 2015

لذلك عندما جري تعيين الأمير «سعود الفيصل» وزيراً للخارجية في ذات العام الذي جري فيه اغتيال والده الملك كان القرار بمثابة نقلة نوعية في تطور «الدبلوماسية السعودية»
عندما طالعت في الصحف المصرية خبر استقبال الرئيس «عبد الفتاح السيسي» لوزير الدولة الهندي للشئون الخارجية علي خلفية التعاون المشترك بين «مصر» و»الهند» في القارة الإفريقية شعرت بأن جزءاً مما كنت أفكر فيه قد بدأ يتحقق خصوصاً وأن قصتي مع «الهند» قصة طويلة بدأت منذ أن هبطت مطار «نيودلهي» عام 1979 إلي أن غادرت تلك «الدولة القارة» عام 1983 ولكنها استمرت دائماً لتكون مسار اهتمامي بحيث تابعت تجربة الهند الحديثة دون انقطاع، ولقد آمنت دائماً أن هناك درجة تشابه كبيرة بين الدولتين - المصرية والهندية - مع الفارق في الحجم السكاني إذ يزيد عدد سكان «الهند» عن إثني عشر ضعفاً لسكان «مصر» ومع ذلك أصبحت «الهند» دولة ناهضة فهي دولة متقدمة في أبحاث الفضاء، ودولة نووية، وواحدة من الدول الصناعية العشر الأولي في العالم فضلاً عن أنها دولة اكتفاء ذاتي في الحبوب الغذائية لأكثر من مليار ومائتي مليون نسمة هم مجموع سكانها، إن «الهند» الحديثة تجربة ضخمة تستحق منا نحن المصريين دراسة جوانبها وتأمل أبعادها والنتائج التي حققتها، فالمشكلات متشابهة، الفقر قاسم مشترك، المشكلة السكانية موجودة في الدولتين بنسبة مختلفة ولكن الفارق يكمن في أمرين الأول: هو أن حال التعليم والصحة في «الهند» أفضل عشرات المرات منها في «مصر»، كما أن الهنود شعب جاد يعمل باجتهاد ويفتح أبوابا دائمة للتنمية الاقتصادية ورفع مستوي الدخل وجذب الاستثمارات ومحاربة التضخم، كما أن الخدمات العامة متوافرة بشكل معقول يضاف إلي ذلك كله وربما يسبقه أن «الهند» هي أكبر ديمقراطية في عالمنا المعاصر حيث يخرج سبعمائة مليون علي مدي سبعة شهور للتصويت في الانتخابات النيابية والمحلية كما أنها تتمتع بنظام برلماني في الحكم يجعل من رئيس الجمهورية قيمة شرفية تملك ولا تحكم بينما السلطة التنفيذية كلها في قبضة رئيس الوزراء الذي يدفع به الحزب الفائز في الانتخابات، إنها التجربة الهندية الديمقراطية الرائعة التي أسقطت «أنديرا غاندي» رئيسة الوزراء في دائرتها الانتخابية ثم أعادتها بعد ذلك بسنوات قليلة إلي موقعها مرة أخري حتي صرعتها رصاصات غادرة من أحد حراسها الذين ينتمون إلي طائفة «السيخ» معتقداً أن رئيسة الوزراء وحكومتها قد أهانت طائفته يوم أن سمحت لقوات الشرطة باقتحام «المعبد الأحمر» الذي يقدسه «السيخ» ويعتبرونه رمزاً لديانتهم، كما تتمتع «الهند» أيضاً بنظام نيابي يقوم علي وجود مجلسين أعلي وأدني «راجا سابها» و»لوك سابها» وإذا كانت «الهند» شبه قارة مترامية الأطراف ولها مشكلات حدود مع «الصين» وصراعات حدود - حول «كشمير» - مع «باكستان» إلي الحد الذي جعلها تدخل حرباً عسكرية مع الدولتين الجارتين أكثر من مرة، إن استقبال الرئيس «السيسي» للمبعوث الهندي يمكن أن يفتح فصلاً جديداً من العلاقات الوثيقة التي تعيدنا إلي المراحل التي اقتربت فيها الدولتان من بعضهما سواء كانت أيام «سعد زغلول» و»غاندي» أو «مصطفي النحاس» و»نهرو» أو «نهرو» و»جمال عبد الناصر» شريكي حركة «عدم الانحياز» ورفيقا مسيرة «التحرر الوطني»، ولقد دعا «عبد الناصر» وزملاؤه أعضاء مجلس قيادة الثورة رئيس وزراء «الهند» «جواهر لال نهرو» أثناء زيارته ل»القاهرة» إلي رحلة «نيلية» استمع فيها الضباط الشباب إلي ذلك الزعيم الهندي المخضرم في محاولة للإستفادة من تجربة دولة صديقة كان بيننا وبينها مشروع مشترك لتصنيع «طائرة» في منتصف ستينيات القرن الماضي، والطريف في الأمر أنهم كانوا يصنعون الهيكل المعدني ل»الطائرة» بينما كنا نقوم نحن بتصنيع «الموتور» أي الجزء الأكثر تعقيداً وأهمية فأين نحن الآن وأين هم؟ لقد عشت في «الهند» أربع سنوات تعلمت خلالها ما لم أتعلمه في «مصر» وطني أو في «بريطانيا» حيث عملت ودرست، ف»الهند» متحف للزمان والمكان تري فيها الغني الفاحش والفقر المدقع، فيها علماء في جميع المجالات علي أعلي المستويات العالمية، وأيضاً هي بلد تسكنها الخرافة وتعشش فيها بقايا الماضي الأليم وتقوم علي نظام طائفي معقد فيه «المهراجات» وفيه أيضاً «المنبوذون»، ولقد أدرك كل من عايش التجربة الهندية أن «الهند» دولة ديمقراطية علمانية تقوم علي نظرية التعايش المشترك بين البشر والإحساس بأن الاتحاد ضرورة تستفيد منها كل الأطراف المكونة للدولة الهندية من مختلف الولايات والديانات والثقافات، ول»الهند» سياسة خارجية تقوم علي دورها المركزي المحوري في جنوب «آسيا» ونشاطها الواسع في المنظمات الدولية وجالياتها المنتشرة في مدن العالم بدءاً من «الخليج العربي» مروراً بدول «الاتحاد الأوروبي» وصولاً إلي الأمريكتين و»كندا» كذلك فإن النشاط الهندي في «إفريقيا» يذهب إلي عدة قرون مضت ويكفي أن نتذكر أن «المهاتما غاندي» صاحب «الروح العظيمة» قد عاش صدر شبابه في جنوب «إفريقيا» محامياً ومدافعاً عن حقوق الإنسان إلي أن عاد لبلاده زعيماً سياسياً وروحياً ملأ الدنيا وشغل الناس حتي اغتالته رصاصات حمقاء من هندوسي مهووس ومدفوع بروح التعصب الذي كان يقف ضده «المهاتما» ويحاربه بكل الأساليب السياسية والأخلاقية، ولازالت ل»الهند» جاليات كبيرة في شرق القارة الإفريقية خصوصاً «كينيا» و»تنزانيا» وجاليات أخري في غرب القارة خصوصاً في «نيجيريا» وبعض الدول المطلة علي المحيط، فالهنود تجار متفوقون وعمال جادون وموظفون مدربون.. تحية إلي ذلك الشعب العظيم وتطلعاً من مصر إلي مسيرة مشتركة علي المستويات الثنائية والإفريقية والعالمية.
الإعلام والإرهاب
لا شك أن الإعلام العصري الواعي هو جسر التواصل بين المواطن العادي والحقيقة الغائبة لذلك فإن ولاء الإعلام يبدأ وينتهي بنقل الحقيقة بصورة موضوعية وعادلة للقارئ والمشاهد والمستمع لأن الهدف في النهاية هو توصيل الأخبار والمعلومات والآراء والأفكار لكل من يهمه الأمر، وإلي جانب هذا البعد الأساسي في الوظيفة الإعلامية فإن هناك مسئولية وطنية وأخلاقية تلزم الإعلامي بأن ينتصر للرأي العام الذي يعبر عن المصلحة العليا للوطن ويفضح الفساد ويقاوم الاستبداد ويشن حرباً فكرية وثقافية ودعائية ضد سياسات العنف وممارسات «الإرهاب»، لذلك شعرت بدهشة شديدة وأنا أتابع المواجهة بين الدولة التي تنتوي إصدار قانون جديد ل»الإرهاب» وبين مؤسسات صحفية وهيئات إعلامية، علي الجانب الآخر لقد شعرت أن الجميع شركاء في الهدف وهو مكافحة «الإرهاب» ومقاومة العنف ولكن الرؤي والأساليب هي موضع الخلاف، وبالمناسبة فإنني كنت ولاأزال وسوف أظل ضد حبس الصحفيين أو الإعلاميين عموماً ولكنني أيضاً ألاحظ بعض التجاوزات في البرامج التليفزيونية وعلي شاشات الفضائيات والصحف اليومية والأسبوعية حيث لا تخلو من الانتقاء المتعمد لبعض الأخبار المثيرة والمعلومات غير المؤكدة بما يفتح المجال لتكاثر الشائعات وغياب الشفافية في زحام الأحداث والمواقف، ولقد التقيت بكثير من أصدقائنا الإعلاميين الذين يتخوفون من صدور قانون «الإرهاب» متضمناً «المادة 33» منه والتي يمكن أن يستند إليها القاضي المتخصص في جرائم النشر عند توقيع تلك العقوبة علي الصحفيين بل إنني أضيف إلي ذلك تعاطفي تاريخياً مع «سجين الرأي» ما لم يكن متورطاً في دعم عنف أو التحريض عليه وما لم يقبل المد الإرهابي الذي يحيط بنا بل وقاومه معنا، عندئذ نطلب منه أن يعيد النظر فيما فعل وأن يعتذر عن خطاياه ما لم يكن مطلوباً للقضاء العادل وأن ينخرط بإخلاص وسط صفوف شعبه تحت الرايات المصرية الوطنية وعلي أرضية صلبة تؤمن بالديمقراطية وتعترف بالتعدد وتتخذ من المواطنة شعاراً ومبدأً لا تحيد عنه، إنني واثق أن الأزمة الحالية سهلة الاحتواء للوصول إلي نقطة توازن لا تمس الحريات وفي ذات الوقت لا تفتح باباً يمكن أن يأتي منه ما يعتبر ترويجاً للعنف أو قبولاً ل»الإرهاب» أو دفاعاً عن فساد واستبداد.
«سعود الفيصل»
رحل عن عالمنا منذ أيام الأمير «سعود الفيصل» وزير الخارجية السابق ل»المملكة العربية السعودية» والذي أمضي في موقعه أربعين عاماً ليكون صاحب أطول فترة يقضيها وزير خارجية في موقعه ولا يناطحه في ذلك إلا «أندريه جروميكو» وزير خارجية «روسيا» في «العصر السوفيتي»، والأمير «سعود الفيصل» هو ابن الملك «فيصل بن عبد العزيز» صاحب البصمات الواضحة في التاريخ العربي المعاصر والذي تأرجحت حياته قرباً وبعداً ثم قرباً مرة أخري من الرئيس الراحل «جمال عبد الناصر»، فلقد كان الملك «فيصل» معروفاً بحبه ل»مصر» وحرصه عليها مثل معظم أبناء الأسرة الحاكمة في «السعودية»، وهو أيضاً الملك «فيصل» صاحب التجربة الدبلوماسية العريضة فهو الذي شارك في الأعمال التحضيرية لإنشاء «الأمم المتحدة» كما كلفه والده الملك «عبد العزيز» الكبير بمسئوليات ضخمة ومهام خطيرة منذ عام 1926 فتراكمت لديه خبرات نادرة وعلاقات كثيرة واتصالات واسعة، وهو صاحب الوقفة التاريخية في حرب 1973 وصاحب قرار حظر تصدير النفط عن الدول التي ساندت «إسرائيل» فدخل التاريخ من أرحب أبوابه لأنه أيضاً هو الذي ساعد الرئيس المصري الراحل «عبد الناصر» بعد نكسة 1967 خصوصاً في قمة «الخرطوم» التي أكدت الدعم العربي ل»مصر» مادياً ومعنوياً، ولذلك جاء أبناؤه نسيجاً متميزاً في العائلة «السعودية» وأنا أعرف منهم ثلاثة هم الأمير «خالد» أمير «مكة» ورئيس «مؤسسة الفكر العربي» والذي كان وزيراً للتعليم بين ولايتين لإمارة «مكة» وهو مثقف عربي رصين هادئ الطباع جاد الخلق، وكذلك الأمير «تركي الفيصل» الذي كان رئيساً للمخابرات «السعودية» وسفيراً في «لندن» ثم «واشنطن» وهو أيضاً واحد من ألمع المثقفين السعوديين لأن الملك «فيصل» رحمه الله كان معنياً بتعليم أولاده في أرقي الجامعات فلقد كان الرجل واحداً من أحكم عقلاء العرش السعودي حتي قضي إلي رحاب ربه مغتالاً من واحد من أبناء العائلة جرت له عملية «غسيل مخ» في «الولايات المتحدة الأمريكية» ليقتل عمه الملك وذلك بعد لقاء تاريخي شهير بين الملك «فيصل» ووزير خارجية «الولايات المتحدة الأمريكية» «هنري كسنجر» قال فيه الملك للوزير الأمريكي لقد تجاوزت السبعين وأريد أن أصلي في «المسجد الأقصي» قبل أن أموت فاعتبرته «واشنطن» إنذاراً مقنعاً بضرورة الانسحاب من الأراضي العربية وتحرير «القدس» لذلك عندما جري تعيين الأمير «سعود الفيصل» وزيراً للخارجية في ذات العام الذي جري فيه اغتيال والده الملك كان القرار بمثابة نقلة نوعية في تطور «الدبلوماسية السعودية» ولقد استطاع الأمير الراحل أن يكون شريكاً فاعلاً في كل الأحداث الكبري علي المستويين الإقليمي والدولي كما كان محباً ل»مصر» والمصريين وحريصاً علي هويتها العربية ودورها الإقليمي، ولعلنا نتذكر الآن موقفه بعد 30 يونيو 2013 وتصريحاته الشهيرة في العاصمة الفرنسية «باريس» التي أعلن خلالها دعم بلاده ل»مصر» واحترام إرادة شعبها والتلويح بموقف متشدد ضد من يحاولون لي ذراعها، وكان الرجل مريضاً في سنواته الأخيرة ومع ذلك واصل تحمل مسئولياته بكل اقتدار، وقد استقبلني الوزير الراحل في منزله ب»الرياض» عندما كنت مرشح «مصر» الرسمي لمنصب أمين عام «جامعة الدول العربية» وكان حديثاً ودياً طويلاً فهمت منه أن الرجل يعيش أحداث المنطقة لحظة بلحظة وأدركت كم المشكلات التي تحيط بموقعه المهم الذي برحه في إبريل 2015 ليلحق بالرفيق الأعلي بعد ذلك بأسابيع قليلة.. رحمه الله وطيب ثراه!
«عمر الشريف»
كان هذا هو أسبوع الرحيل لكوكبة من الشخصيات المعروفة منهم الأمير «سعود الفيصل» والفنان العالمي «عمر الشريف» والدكتور «عبد القادر حاتم» والفنان «سامي العدل» وغيرهم من الذين آثروا أن يقضوا «عيد الفطر» في رحاب الله، ولي مع الفنان العالمي «عمر الشريف» ذكريات كثيرة أسهم بجزء كبير فيها صديقنا المشترك الأثري العالمي د. «زاهي حواس» الذي كان أقرب الناس للفنان الراحل علي امتداد سنواته الأخيرة، وبرحيل «عمر الشريف» - بعد شهور قليلة من رحيل سيدة الشاشة العربية «فاتن حمامة» - تكون صفحة ناصعة من تاريخ الفن المصري قد طويت فالأعمار الكبيرة تلملم أوراقها وتتساقط كالشهب والنيازك، لقد كان «عمر الشريف» اسماً عالمياً ينتسب إلي «مصر» التي كان يعتز بها وآثر أن يعود إليها في السنوات الأخيرة فالوطن أغلي علي الإنسان من حياته ذاتها، ما أكثر ما أعرفه من مواقف ونوادر ل»عمر الشريف» ولكن ليس هذا وقت سردها.. رحم الله صاحب «لورانس أوف أرابيا» و»دكتور زيفاجو» والذي كان مفتوناً بالشيخ «الشعراوي» حتي آخر أيام حياته!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.