في هذا الباب نكشف القناع عن الوجه الآخر للشخصيات التي اعتدنا رؤيتها في ثوب واحد .. نتعرف علي الأفكار والهوايات وتفاصيل الحياة الطبيعية التي تختفي خلف أقنعة المنصب .. أو خلف الظروف التي تفرضها طبيعة العمل . عاش حياته حائرا بين البحث العلمي والعمل السياسي والاهتمامات الادبية، أسس صالونا ثقافيا في الاسكندرية وجمعية وطنية للثقافة والتنوير.. وتولي ايضا رئاسة مدينة العلوم والتكنولوجيا ببرج العرب وهو الآن كاتب ومحلل وأستاذ جامعي هو د.محمد السعدني. .......................................... علمني أبي رحمه الله أن الخير لايبلي، والذنب لاينسي، والديان لايموت، اصنع ماشئت فكما تدين تدان، وعلمني ألا حيلة في رزق ولا شفاعة في موت، وعلمني أن من أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر، وعلمني أنه مانقص مال من صدقة، وعلمني أن الله جميل يحب الجمال، وأن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه. كان رجلاً مثقفاً جميلاً، جعلني أنشأ في بيت أهم مافيه الكتب، فكانت المكتبات الصغيرة تملأ علينا بيتنا الصغير. .......................................... كان أبي حريصاً علي التنوع الثقافي للكتب التي يقتنيها، من فقه السنة، لتفاسير ابن كثير والقرطبي والموطأ لمالك، وإحياء علوم الدين، والعبقريات للعقاد وكتب طه حسين، والحكيم، وكتب التراث والملاحم والشعر والرواية وسلاسل ودوريات، اقرأ، المختار، المكتبة الثقافية، العربي، الألف كتاب، نوابغ الفكر الغربي، المسرح العالمي، روايات الجيب، وغيرها كثير، لقد تعودت أن أقرأ أكثر من كتاب في نفس الوقت. .......................................... بفضل زوجة مثقفة هادئة عشت حياتي منطلقاً في سماوات الجامعة والبحث العلمي والعمل العام ثقافياً وسياسياً، كانت دائماً عوناً وسنداً تعرف واجبها في أسرة تركزت اهتمامات الزوج مرة مع أبحاثه ودراساته ومرات مع السياسة وتوابعها، زوجتي أمي الثانية، وكثيراً ما أشعر بأنني بالنسبة لها طفل كبير مشاكس. .......................................... عرفتها عندما كنت أصدر مجلة الرسالة الجديدة من كلية العلوم جامعة الإسكندرية بالتعاون مع الهيئة العامة للاستعلامات برئاسة الدكتور مرسي سعد الدين أخو الفنان بليغ حمدي رحمهما الله. كانت وقتها تقوم بالترجمة للمجلة من الفرنسية عن ألبير كامي وبودلير، حيث كان ذلك العصر الذهبي للحركة الطلابية في مصر، وأيضاً لكلية العلوم مع عميدها الأسطورة الدكتور عبدالسلام شلبي رحمه الله. .......................................... ساعدتني زوجتي في الدراسة حتي صرت معيداً بالجامعة، وانقطعت سنوات طوالاً عن دراسة الطب لتسافر معي أثناء إعداد الدكتوراه في جامعة كارل فرانسيس بجراتس بالنمسا، وحتي أثناء وجودي أستاذاً زائراً في دراسات الزمالة بجامعة كاليفورنيا سان دييجو بالولايات المتحدةالأمريكية. .......................................... مع ولادة ابنتي جهاد تغيرت حياتي وكثير من أفكاري، فأنا الذي كان سي السيد الذي يفرح بمولد الولد ويحتفي به، علمتني جهاد بارتباطها الشديد بي منذ ولادتها أن أحب البنات وأضفت علي حياتي التزاماً أكبر تجاه الأسرة، وأصبحت تحاسبني أكثر من زوجتي جاءنا بعدها نضال، وسافرا معي منذ أول يوم في البعثة الدراسية، وكان من عادة زوجتي الاهتمام بالموسيقي ومعارض الفنون التشكيلية، وهي هوايتنا المفضلة، كنا في جراتس وهي بالنسبة للنمسا مثل الإسكندرية لمصر. .......................................... رتبت زوجتي الدكتورة أماني يوسف رحلة إلي سالسبورج حيث الاحتفال الكبير بمولد «الموسيقار» العالمي موتسارت، زرنا بيته، وكان لافتاً في حفل المساء جلوس جهاد 3سنوات ونضال سنتين إلي جوارنا، بعد نهاية الفقرات الموسيقية صفقا للأوركسترا وقاما باهداء المايسترو الزهور، احتضنهما بحفاوة، ومع كلماتهما البسيطة باللغة الألمانية عرف أنهما من مصر، وطلب من الفرقة أن يعزفوا لهما رائعة سيد درويش زوروني كل سنة مرة. رجعنا لجراتس وإذا بصورة جهاد بضفائرها الطويلة وإلي جوارها نضال تتصدر واجهة أكبر أتيليه للفنون الجميلة في المدينة. .......................................... ابنتي جهاد هي الآن طبيبة وهي التي أنجبت لي لامار التي بعدها فقدت حريتي وأصبحت تحت عيني زوجة غيورة تحاسبني علي كل شيء، نضال الآن قاض في النيابة العامة، وأنجب لنا فهد الذي صاح فينا في احتفالنا بعيد الأم، أيها الحمقي هل تسمعوني، كان يريد أن يقدم هديته لتيتا ناني زوجتي الغالية. .......................................... أعشق السمك وأحياناً أفاجئ الأسرة في مناسبة تجمع الأولاد والأحفاد بعمل صينية سمك القاروص بالبطاطس والكرفس وشرائح الفلفل والطماطم في الفرن، كل أحفادي يعشقون الأسماك مثلي وأحرص أن يكون أول طعام يتناولونه في حياتهم. .......................................... أسعد لحظات حياتي وأنا ألعب مع أحفادي لامار، فهد، بودي، سيلين، بيلار، بيجاد، وأخرج معهم وأحادثهم بالعربية وأحياناً الإنجليزية أو الألمانية، وأكلمهم مثل أصدقائي الكبار. فقد تزوجت صغيراً، وزوجت أبنائي صغاراً ليعيشوا مع أبنائهم ويكبروا معهم. .......................................... علاقتي بالزرع والزهور قوية، فأنا لا أطيق الحياة في مكان بلازرع أو زهور، وقالت لي زوجتي إنه عند سفري أو تغيبي فترة عن البيت أو مكتبي تذبل الزهور بسرعة وتصفر أوراق الشجر. .......................................... أسست أول صالون ثقافي في الإسكندرية كان مقصداً لنجوم المجتمع في الفكر والعلم والسياسة، وامتدت محاضراتي في قصور الثقافة والمراكز الثقافية الدولية وجامعات مصر. أسست الجمعية الوطنية للثقافة والتنوير في التسعينيات، وفتحت أبوابها لشباب الجامعة والعمال والفلاحين وقدمت نموذجاً للعمل العام المنتج ولايزال عطاؤها مستمراً. .......................................... طوال عمري كنت حائراً بين العلوم والآداب والفنون، ولم أتصور أبداً أن أعيش حياتي بالعلم وحده أو الأدب والفن وحدهما. وأحمد الله أن اختارني لمهنة أستاذ الجامعة، فهي رسالة لاتكتمل بالعلم وحده وإنما بالثقافة والفن والأدب وأحياناً السياسة. لو كنت موظفاً لفشلت، فأنا لا أحتمل الرتابة والتقليد، فالتجديد جزء من رؤيتي للحياة والناس. .......................................... غالباً لا أكذب، ليس بالدافع الأخلاقي وحده، ولكن جزء من احترام الذات. وأعتقد انك منذ أن تولد فأنت لا تستطيع الاختباء، لذا كن نفسك، واضحاً وصريحاً، إن قلت ما تخافش، وإن خفت ماتقولش، ولعل صراحتي وشجاعتي الأدبية جرت لي مشاكل كثيرة. .......................................... رشحت لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي واعتذرت عنه، وجر عليّ هذا الترشيح مشاكل لاحصر لها، كما حاولت حكومة نظيف اغتيالي معنوياً وبرأتني المحاكم المصرية بفضل تطوع كبار المحامين المصريين وأساتذة القانون للدفاع عني. .......................................... سعادتي عندما أذهب للإسكندرية أمام البحر الواسع في الجمعية الوطنية برئاسة عصام السعدني أو صالون شيخ المحامين رأفت نوار وكبار المثقفين من أمثال زكريا قطب ومحمد خليل ود. جلال أبوالفضل، ومحمد بدير، وحمدي مرسي، وفيصل خطاب، ونخبة من شبان الإسكندرية النابهين .