علامات التهالك من الداخل «محكمة».. صيحة مدوية اعتاد أن يطلقها الحاجب لبدء المحاكمة.. لكنها تنطلق اليوم من أرجاء سراي الحقانية بالاسكندرية بحثاً عن حل سريع لقضيتها المنسية.. مطالبة بحقها فمن يترافع ويدافع عنها قبل ان تنهار.. فالمبني الاثري الذي يقع في في قلب ميدان المنشية.. هو شاهد أثري علي تاريخ القضاء في الاسكندرية للمصريين والجاليات الاجنبية... وكانت قاعاته المتهالكة حاليا اشبه بمتحف فني شهد حل الكثير من الازمات لمدة قاربت المائة وخمسين عاما، ولكنها باتت الآن مهددة بالسقوط بسبب نقص الموارد المالية الذي اعاق تنفيذ مشروعات الترميم للمواقع التاريخية. الأخبار رافقت مسئولي الآثار في جولة ميدانية لتكشف الوضع السييءالذي تعاني منه القاعات الأثرية وتبدل الوضع، فبعد ان كانت مزينة باللوحات العالمية الثمينة والزجاج المعشق، باتت ممتلئة بالقمامة ويلف زواياها خيوط العنكبوت، بينما صدمتنا آثار الحريق الاسود الذي شوه إحدي القاعات ومازال كما هو منذ سنوات !! ويلفت الخبير الاثري أحمد عبد الفتاح، إلي أن المحكمة كانت تعد واحدة من أروع مباني القضاء في العالم افتتحت في عام 1886 في عهد الخديو توفيق، وكانت مخصصة في بداياتها كمحكمة مختلطة أي التي تخص الاجانب. وأضاف أنها كانت أشبه بمتحف حيث ضمت لوحات فنية مميزة، ومحبرة فضية خالصة وتمثالا برونزيا نصفيا للخديويا عباس الثاني ولوحة زيتية عالمية، بالاضافة إلي الوثائق المهمة لاشهر القضايا مثل قضية ريا وسكينة وسفاح كرموز، بجانب دفاتر مرتبات رجال القضاء قديما ومدونات أحكام القضاء المصري، وتعرضت لعمليات تجديد في عهد الملك فاروق عام 1946،وحاول عدد من وزراء الاثار والعدل الاهتمام بها ولكن لم ينفذ المشروع بأكمله. بدوره يوضح محمد السيد متولي، مدير عام آثار الاسكندرية، أن محكمة الحقانية تعاني من مشكلة مزدوجة اولها مشكلة مالية نتيجة نقص التمويل وتوقف مشروعات تمويل عملية الاصلاح منذ نهاية 2010 تقريبا لتغير الاوضاع السياسة والاقتصادية في مصر، والجزء الثاني هو رفض نقابة المحامين إخلاء مكتبها في المحكمة رغم خطورة وضعها الانشائي، وتحذيرنا لهم وهو ما يعطل ايضا عمليات الترميم. وطالب متولي بسرعة التحرك لدعم قضية المحكمة وتنفيذ مشروع الترميم ،لانقاذ واحدة من أهم محاكم القضاء في مصر. من جانبه أوضح الدكتور غريب سنبل، رئيس الإدارة المركزية للصيانة والترميم بوزارة الآثار، أنه تم وضع خطة سابقة من خلال المركز الهندسي للآثار والبيئة بجامعة القاهرة مقسمة علي مرحلتين لتطوير المحكمة أولهما « درء الخطورة» بتكلفة تقدر بقرابة 39 مليون جنيه ولكنه لم يتوافر منها سوي 5 ملايين جنيه من قبل وزارتي السياحة والعدل تم استخدامها بالفعل منذ سنوات. أما المرحلة الثانية فهي «الترميم « وتهدف إلي إعادة المبني الأثري إلي حاله الأصلي كما كان وقت افتتاحه حيث سوف يتم ازالة الدور الأخير وتنظيم اربع قاعات رئيسية. وحول وضع المبني الحالي أشار إلي أنه تم تثبيت دعائم خشبية حول المبني منذ عامين الا انه كان يجب ان تزال بعد ذلك مباشرة، ولكنها ظلت مكانها فأصبحت جزءا من طبيعة المبني بعد «ترييح» المبني عليها واصبحت تمثل هي أيضا عامل خطورة، كما مازلت تحتاج التربة لعلاج مشكلات تحرك التربة نظرا لطبيعتها الطينية وتأثرها بمصافي الصرف، وذلك من خلال حقن التربة وانشاء ستارة عازلة لها عن الصرف..ولكن ينقص ايضا الموارد المالية. ويظل السؤال متي يتم انقاذ محكمة الحقانية ؟