وزارة البترول تؤكد نجاحها في تأمين إمدادات الطاقة خلال ذروة الصيف    منتخب شابات القدم يستعد للسفر لمواجهة غينيا الاستوائية في تصفيات المونديال    ثقافة الأقصر تحتفي باليوم المصري للموسيقى بعروض فنية متنوعة بحاجر العديسات    وزير الإسكان يستقبل وزير الأشغال البحريني لبحث أوجه التعاون بين مصر والبحرين    هل تحظر الحكومة تيك توك؟ مدبولي يرد    مدير الإصلاح الزراعي الجديد بالشرقية: توظيف كافة الموارد لخدمة القطاع الزراعي    نتنياهو وكاتس يجتمعان لبحث الحملة العسكرية المكثفة على غزة    الصين تحث الولايات المتحدة واليابان على سحب نظام صواريخ تايفون في أسرع وقت    الأمن يضبط زوجة حاولت إنهاء حياة زوجها إثر مشادة كلامية بالشرقية    المصرية للاتصالات تكرم أبطال الأوليمبياد الخاص المشاركين بالمسابقة الإقليمية الأولى للفروسية بالإمارات    السفير الفرنسي: تدشين الأكاديمية الدولية للعمران بهدف تشكيل مستقبل التنمية الحضرية    موقف نجم الزمالك من مباراة القمة أمام الأهلي بالدوري الممتاز    وزير التعليم: خطة متكاملة لضمان بداية منضبطة للعام الدراسي الجديد.. الكتب المدرسية تصدر حصريًا عن الوزارة.. استراتيجية جديدة للتوسع في إنشاء الفصول الدراسية.. وبشري سارة للمعلمين    وزير التعليم: نخطط لتوسيع مدارس التكنولوجيا التطبيقية إلى 200 مدرسة    قرار عاجل من الجنايات في قضية مقتل "مينا موسى" ممرض المنيا    الفنية العسكرية تفتح باب التسجيل لمنح درجة الماجستير المهنى البينى    جاستن بيبر يعود لإحياء الحفلات بمهرجان كوتشيلا    حكيم وهشام عباس ومصطفي قمر، نجوم التسعينيات يعودون للساحة الغنائية بعد غياب    وفاة أسطورة هوليوود روبرت ريدفورد عن عمر 89 عامًا    سارة سلامة بفستان قصير.. ما سر ارتدائها اللون الأسود؟    غموض في تشخيص حالات داخل مستشفى بالمنوفية، ووزارة الصحة تتدخل    الصحة: إنقاذ سيدة تعاني من تهتك وانفجار بالرحم بعد وفاة الجنين بمستشفى دسوق العام    هتوفرلك في ساندويتشات المدرسة، طريقة عمل الجبن المثلثات    ميار شريف تتأهل للدور الثاني من بطولة تولينتينو الإيطالية للتنس    مفتي الجمهورية: الحروب والجهل والتطرف أخطر ما يهدد التراث الديني والإنساني    المنيا.. مصرع أمين شرطة في حادث انقلاب سيارة بسمالوط    %22 زيادة في أعداد السائحين الوافدين إلى مصر خلال 7 أشهر    رئيس الأركان يلتقي نظيره الليبي خالد حفتر    وزير التعليم العالي: بدء الدراسة في 192 برنامجًا دراسيًا بالجامعات الأهلية    إيقاف تشغيل القطارات الصيفية على خط القاهرة – مرسى مطروح والعكس    انتبه.. تحديث iOS 26 يضعف بطارية موبايلك الآيفون.. وأبل ترد: أمر طبيعى    مقتل مزارع ونجله إثر تجدد خصومة ثأرية بدشنا فى قنا    المستقلين الجدد: الإساءات الإسرائيلية تعكس عدم اتزان وتخبط الكيان الصهيوني    برشلونة يحدد ملعب يوهان كرويف لمواجهة خيتافي في الجولة الخامسة من الليجا    «البترول» تصدر إنفوجرافًا يوضح نجاحها في تأمين إمدادات الطاقة بالكامل    جامعة قناة السويس تعلن مد فترة التسجيل ببرامج الدراسات العليا حتى 30 سبتمبر    البنك الأهلي المصري يحتفل بتخريج دفعة جديدة من الحاصلين على منح دراسية بمدينة زويل    رئيس الرقابة المالية: تلقينا 13 طلباً لتأسيس صناديق عقارية و4 آخرين لإنشاء منصات رقمية    خارجية السويد: الهجوم العسكرى المكثف على غزة يفاقم الوضع الإنساني الكارثى    هل سمعت عن زواج النفحة؟.. دار الإفتاء توضح الحكم الشرعى    موعد شهر رمضان الكريم وأول أيام الصيام فلكيًا    جامعة سوهاج تخفض رسوم برنامج بكالوريوس العلوم المصرفية ومد التقديم لنهاية سبتمبر    تشكيل الهلال المتوقع أمام الدحيل في دوري أبطال آسيا    وزير المالية: زيادة 80 % فى حجم الاستثمارات الخاصة أول 9 أشهر من العام المالى    محافظ المنيا: ندعم كافة مبادرات الصحة العامة لتحسين جودة الرعاية الطبية    وزارة الصحة تطلق خطة لتأهيل 20 ألف قابلة وتحسين خدمات الولادة الطبيعية    أستاذ فقه: الشكر عبادة عظيمة تغيب عن كثير من الناس بسبب الانشغال بالمفقود    99.1% هندسة بترول السويس و97.5% هندسة أسيوط بتنسيق الثانوي الصناعي 5 سنوات    أمين الإفتاء: الكلاب طاهرة وغسل الإناء الذي ولغ فيه أمر تعبدي    ميرتس يسعى لكسب ثقة قطاع الأعمال ويعد ب«خريف إصلاحات» لإعادة التنافسية لألمانيا    اختلف معها فطعنته.. التحقيق مع سيدة بتهمة الاعتداء على زوجها في الشرقية    أوباما: تنازلت عن مستحقاتي من أجل الزمالك ولن أطالب بالحصول عليها    الإفتاء تحذر من صور متعددة للكذب يغفل عنها كثير من الناس    ترامب يستبعد شن إسرائيل المزيد من الضربات على قطر    ترامب يعلن مقتل 3 أشخاص باستهداف سفينة مخدرات من فنزويلا    الهلال الأحمر المصري يدفع بأكثر من 122 ألف سلة غذائية عبر قافلة زاد العزة ال38 إلى غزة    تعرف على برجك اليوم 2025/9/16.. «العذراء»: ركّز على عالمك العاطفى .. و«الدلو»: عقلك المبدع يبحث دومًا عن الجديد    إبراهيم صلاح: فيريرا كسب ثقة جماهير الزمالك بعد التوقف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
عن أم كلثوم أكتب
نشر في أخبار اليوم يوم 07 - 03 - 2015


نعم الباز
محطات متباعدة في خطرات صحفية تظهر في عمري الصحفي كشهاب يبرق سريعا ثم يمر.. تنمحي كلها تظهر أم كلثوم تلك العلامة التي نقف عندها جميعا ونستمتع بكل ما فات ومازلنا نسمع ونستمتع
من منا لم تشجه الست؟ من منا لم يعجب بها «كده علي بعضها.. صوتا وغناء وشخصية . ووجود طاغيا..» لا أدري لماذا لا تذيع الاذاعة أغنيتها التي تتلألأ بالفرحة في ليلة العيد «يا ليلة العيد أنستينا» وكأنهم كانوا يذيعونها لكي تسمعها هي وليس لكي نسعد بها نحن!! أم كلثوم لها في حياتي الاعلامية «صحافة وإذاعة» وجود كثير رغم لقائي بها فيما ندر.. ولكن كنت دائما كلما خطر لي خاطر صحفي أتحدث فيه عن شخصيات فلابد أن تكون ثومة موجودة.
وكنت أقدم في رمضان في الاذاعة برامج يومية قبل الافطار مباشرة منذ قدمت شخصيات في القلب «30 شخصية» كانت من ضمنها بالطبع أم كلثوم وقدمت أغاني باقية فطبعا كانت أم كلثوم وقدمت سكة سفر لشخصيات تسافر وتعود وكان من بينها كوكب الشرق أيضا.. أما عن علاقات الشخصيات بعضها ببعض فقد كتبت عن علاقات أم كلثوم التي كانت تتسم بالشد والجذب فكانت أجملها علاقة سيدة الطرب بالشاعر العظيم بيرم التونسي وهذا يرجعنا إلي أهمية الابداع ووجوده وجذوره في الشارع المصري التي تنبه لها ولدنا الواعي ياسر رزق وأثار أهمية الابداع في مؤتمره عن الابداع.
ومن أجمل ما كان يتمتع به المصريون حوارات بيرم التونسي مع كل من حوله بأسلوبه الساخر في الشعر والزجل والذي يجعل المتلقي كأنه يمشي في الشارع ويجلس علي المقهي أو يتمشي علي شاطئ النيل ولم يكن بيرم ينفصل في حياته العادية عن شعره وكان كأنه يحمل في عروقه دما مكونا من كريات حمراء وأخري بيضاء وثالثة كريات شعر وعلاقة بيرم بأم كلثوم كانت دائما مليئة بالشد والجذب.
وحينما عادت أم كلثوم من رحلة علاج من أمريكا أقامت الاذاعة لها احتفالا جمعت فيه الادباء والفنانين وكان منهم بالطبع بيرم وانبري كل منهم يرحب بعودتها باسلوبه وحينما جاء دور بيرم وكان هناك خلاف بينهما قبل سفر الست كعادتها دائما فقال بيرم
يا متعة كل الناس وفلقاني
دي الكلمة منك تسجن بريء
وتخللي البرئ جاني
تعيشي لينا يا ثومة وتغني
حتي وانت غيظاني
وارتفعت ضحكات أم كلثوم مجلجلة في الحفل ولكن حينما جاء بيرم إلي الجريدة وسألته.
- الست كانت بتضحك قوي ليه وانت بتكلم؟
فقال لي
- أصلها قالت لهم ما تدخلوش بيرم لكن أنا دخلت غصب عنها فحبت تعمل نفسها مش متغاظة.
أما عن الشاعر الغنائي العظيم الراحل عبدالوهاب محمد فكانت أم كلثوم علي صلة به وتطلب منه كلمات معينة للأغاني في المناسبات وقال لي :
- أم كلثوم كانت تحب الدول العربية جدا وخصوصا العراق وحينما قام العراق بثورته أيام عبدالسلام عارف طلبت مني أغنية عن ثورة العراق فكتبت لها
شعب العراق الحر ثار
وع العراق طلع النهار
والشعب قال من فرحته بحريته
بغداد في عيد بغدا في عيد
أصل الشعوب لما تريد
تقوي علي النار والحديد
ولم يكتمل المشروع حيث خطف الثورة عبدالكريم قاسم وتعطلت لغة الكلام بين القاهرة وبغداد.
حينما توقفت الست
ومن المواقف التي لا أنساها وقد كنت أحب حضور حفلات أم كلثوم في الازبكية وكان زوجي رحمه الله سميع درجة أولي ولا يحب حضور الحفلات لأنه يتضايق من صيحات الاعجاب التي تقاطع الست فقط كان يأخذني إلي مسرح الازبكية ويدخلني الحفل ويبقي هو في السيارة يستمع من راديو السيارة في فناء المسرح وكنت كل مرة التقي ببعض الاصدقاء في البناوير وأجلس معهم لأستمع للست وفي إحدي الليالي وكانت ثومة سوف تغني لعبد الوهاب «أنت عمري» وكان حاضرا في بنواره مع الصديقة العزيزة نهلة القدسي فأشارت لي لأجلس معهم وتعمد عبدالوهاب بذكائه الوهابي أن يأخذ الجمهور من الست فظل يردد بصوت غير منخفض أثناء غنائها
- الله.. الله يا ست.. يا عيني عليكي .. الله الله.. فالتفت الجمهور إلي عبدالوهاب في بنواره وهنا أشارت أم كلثوم للفرقةوتوقفت عن الغناء وكانت السيدة نهلة القدسي تقول له وهو يردد كلمات الاعجاب
عيب.. عيب يا بيبي «كما كانت تناديه» عيب يا محمد الست حتزعل!.. وحينما توقفت عن الغناء قالت نهلة الجمهور حيكرهك يا محمد.. مبسوط كده!! وكانت نهلة كلثومية وليست وهابية وسكت عبدالوهاب وواصلت الست الغناء.
وفي الاستراحة ما بين الوصلتين ذهبنا نهلة وأنا لنسلم عليها وقالت أم كلثوم لنهلة:
- قولي لمحمد ما ييجي علي المسرح أحسن ويغني مش هو اللي ملحن الغنوة خليه يشبع بيها وفي إحدي المرات كانت إحدي صديقاتي العراقيات وهي السيدة ساجدة السامرائي شقيقة سفير العراق السابق في مصر في ذلك الوقت فائق السامرائي كانت قد طلبت مني أن تذهب إلي الحفل مع بعض العراقيات لأنهن جئن لمصر في هذا الموعد لحضور حفل أم كلثوم ولكن لم يوفقن في الحصول علي التذاكر وكان زوجي رحمه الله رغم عمله كبير الخبراء الأمم المتحدة إلا أنه كان في ذلك الوقت رئيسا لجمعية أنصار التمثيل والسينما التي كانت كلها من الهواة من الاطباء والمهندسين والمحامين فكان يدخلنا المسرح بسهولة لعلاقة الجمعية بكل المسارح.
وفعلا دبر لنا بنوار وكانت سعادة العراقيات لا توصف كأنهن حصلن علي كنز وذهبنا إلي الحفل وفي الاستراحة ذهبن لتحية أم كلثوم ولالتقاط الصور معها وكانت تضيق أحيانا من كثرة المعجبين وتمنع الدخول ولكنها كانت تحب العراق جدا ولها صداقات هناك وكان العراقيون يتعاملون معها كملكة ويقولون في مجالسهم حينما تصلهم حكاية.
- أم كلثوم قالت كذا.. أم كلثوم أكلت كذا
فستان أم كلثوم.. حزام أم كلثوم..
وكانت معظم العراقيات يقلدن سواريهات أم كلثوم في حفلاتهن وكذلك كن يطلبن من الجواهرجية في مصر عمل بروش ماسي مثل بروش الست الهلالي الذي يتلألأ في صدرها.
وخرجت موضة المنديل الطويل من بين يدي سيدة الغناء الذي كانت تمسكه أثناء الغناء وكان لكل فستان منديل خاص به وقد سألتها مرة في كواليس إحدي الحفلات .
- هل للمنديل وظيفة؟
قالت :
- بالنسبة لي فإن يدي أحيانا «تعرق» أثناء الغناء لكن بالنسبة لباقي الناس المنديل معروف له وظيفة وهذه الوظيفة لا أستعملها علي المسرح طبعا لأنني لا أغني إذا كنت مزكومة ولا إيه رأيك؟!
وكانت فيللا أم كلثوم في الزمالك خلفها عمارة تسكن في دورها الاول المطل علي فيللا ثومة الفنانة زوزو حمدي الحكيم والمعروف أنها هي ملهمة الشاعر الدكتور إبراهيم ناجي في رائعته الأطلال ولم تكن أم كلثوم علي علاقة بها رغم الجيرة ولم تكن زوزو رائعة الجمال ولكن القلب وما يريد فسألوا أم كلثوم مرة.
- إزاي إبراهيم ناجي كتب الشعر ده والسيدة التي كتب فيها ليست ست الحسن والجمال.
فقالت أم كلثوم بروحها المرحة
- كفاية أنها ست وخلاص وخللي الجمال لناس ثانية.
حجرة أحمد رامي قدس أقداسه
وكانت أهم محطة في حياة أم كلثوم هي محطة الشاعر الكبير أحمد رامي كما كانت هي أيضا من أهم محطاته وكنت أقوم بعمل حوارات مع الشخصيات المؤثرة في حياة المجتمع وكان رامي من العلامات الشديدة التأثير في مجتمعنا كشاعر مر علي كل وجدان المصريين معبرا عنهم سواء شاعرا غنائيا أو شاعرا يعد مرصدا للاحداث التي تمر بالبلاد وذهبت إلي رامي لاحاوره لمجلة آخر ساعة وكانت زوجته سيدة فاضلة علي إدراك لحياة الفنان فقالت لي :
- قولي لرامي عاوزه أشوف حجرتك الخاصة.
فقلت لها:
- هوه ليه حجرة خاصة غير حجرتكما؟
قالت
- حينما تزوجنا في هذا البيت كان هو يعيش فيه فظلت حجرته كما هي.
ودخلت قدس أقداس أحمد رامي..
حجرة بها سرير صغير ومكتب ومكتبة ومعلق بها صورتان لأم كلثوم واحدة قديمة بضفيرة وواحدة حديثة وسألته :
- هل ممكن «أدعبس» في مكتبك؟
فوافق.
- وعلي المكتب كانت نسخة من مجنون ليلي لأحمد شوقي وفتحتها فوجدت صورة قديمة لأم كلثوم بين صفحات الكتاب مثله مثل أي عاشق لفنانة كأنه لا يعرفها ومحتفظ بصورة لها.
وحكي لي رامي كيف أنه عاد من البعثة في فرنسا
وقالوا له أن هناك مغنية في كازينو البسفور ساحرة الصوت فذهب مع صديق له واستمع إليها وفتن بصوتها. وعرفه صديقه عليها وقرأت شعره وقالت له :
- هل ممكن تكتب لي أغنية باللغة العامية؟
فانتفض رامي واقفا وقال لها:
- أنا شاعر ولا حاجة لي بالنزول إلي اللغة العامية.
وبذكائها وعقليتها الجبارة قالت له
- مش حتوصل للناس بالشعر.. لازم الزجل والاغاني.
فرفع صوته وقال لها:
- أنا أنزل إلي هذا الدرك؟ وأهبط باللغة العربية.
فقال له صديقه الذي عرفه بها:
- يا رامي عمرك ما حتوصل للناس بالفصحي وفكر رامي بعد أن رفضتماما ولكن لم ينقطع عن الاستماع إليها يوميا في كازينو البسفور ثم كتب لها
خايف يكون حبك ليا شفقة عليا
إنت اللي في الدنيا ليا ضي عينا
وظل يكتب لها ويختار معها ما تغنيه للشعراء سواء أحمد شوقي أو غيره حتي وصل معها إلي أرحب الشعراء وأجملهم أبو فراس الحمداني حيث غنت له
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر
أما للهوي نهي عليك ولا أمر
وكانت من أجمل ما لحن رياض السنباطي ومن أجمل ما غنت أم كلثوم.
وسألت زوجة رامي :
- هل حقيقي أن رامي أحب أم كلثوم؟
ونحن أمام شاعر احتفظ بحجرة «العزوبية» وصورها بهذا الشكل.
قالت بذكاء وصدر رحب.
- أسأليه؟
وسألت رامي ذلك الرقيق جدا الذي لا يكثر الكلام :
- معلش يا أستاذ رامي.. أفتح قدس أقداسك
إنت حبيت أم كلثوم فعلا؟
- فرد بذكاء ومن الذي لا يحب أم كلثوم.. بذمتك مش بتحبيها؟
- جدا جدا..
- أهو أنا زيك جدا جدا..
ثم قال لي :
- حب أم كلثوم .. زي حب النيل والهواء العليل والشجر.. حب رومانسي يتحرك مع صوتها حب أم كلثوم ليس حب اشتهاء مثل حب النساء العادية.. حب أم كلثوم لا ينتهي ويتجدد مع تجدد غنائها ومع شخصيتها.
وكان لرامي كرسي معين في حفلات أم كلثوم وكانت تنظر من بين طيات الستارة لتري أشخاصا معينين تحرص عليهم ويحرصون علي حضور حفلاتها من ضمنهم عمد يأتون من الصعيد ومن بحري ليحضروا حفلاتها الشهرية وفي إحدي الحفلات رأت مكان أحد العمد المشاهير في الصعيد خاليا فأخرت فتح الستارة لنصف ساعة ربما كان في الطريق ولكن لم يحضر وكان قد توفي.
ولم يقل أصدقاؤه الذين يحضرون الحفلات أنه توفي إلا بعد انتهاء الوصلة الاخيرة.. وبكته أم كلثوم وسافرت للعزاء إلي بني سويف «بلدته» لتعزي الاسرة وانقلب العزاء إلي احتفالية جاء إليها الناس من القري ليشاهدوا أم كلثوم وتقول هي لابن شقيقتها محمد الدسوقي الذي كانت تعتبره ابنها.
- ألحق يا محمد.. يا دي الفضيحة.. إحنا بوظنا المأتم وأصبح فرحا.
ولم يتركها الناس إلا بعد أن أمضت الليل معهم وسافرت إلي القاهرة في الصباح.
عبدالناصر وثومة
بعد الثورة كان كل شيء يطلق عليه العهد البائد وكان حول عبدالناصر بعض ضيقي العقول فقال له أحدهم
- أم كلثوم دي غنت للملك فلازم تتوقف
فقال عبدالناصر بوعيه وتفتحه.
- طب ما تردم النيل وتهد الهرم ما هم من عهد الملك.
وكان عبدالناصر وحرمه شديدي الحب لأم كلثوم وكانت زوجة عبدالناصر السيدة تحية كاظم تدعوها إلي بيتها وارتبطت معها بصداقة خارج حفلات الغناء وكانت أم كلثوم شديدة الحب للسيدة الفاضلة تحية كاظم وتذهب لزيارتها دائما.
لهذا كانت الحياة العائلية متصلة هذا عدا الاعجاب الشديد بسيدة الغناء الذي دخل حياتنا جميعا.
وفي أحد الاعياد الوطنية كان عبدالناصر يكرم عبدالوهاب وأم كلثوم وقال لعبد الوهاب أثناء تكريمه:
- متي تغني أم كلثوم لحنا لك؟ قال عبدالوهاب
- أنا مستعد ده شرف كبير.
كان عبدالوهاب قد لحن أغنية أنت عمري لكي يغنيها هو ولكن حينما طلب منه عبدالناصر هذا الطلب استجاب له وكان عبدالوهاب قد حكي له أن مقدمة إنت عمري في الابيات الاولي لحنها في لبنان وكان معه الشيخ مصطفي اسماعيل وان المقدمة هي من تلحين الشيخ مصطفي حيث هي قراءة من قراءاته «لسورة طه»
وحينما قابل عبدالناصر أم كلثوم وهو يكرمها في عيد الفن قال لها :
- متي نستمع بصوتك أغنية من تلحين عبدالوهاب؟
فقالت :
- إن شاء الله قريب جدا.
وتنازل عبدالوهاب عن أغنية «أنت عمري» لأم كلثوم وكانت أم كلثوم قد غيرت فيها كلمة فقد كانت الكلمات
«شوقوني عينيك لأيامي اللي راحوا»
فقالت ثومة
- بلاش الشيندي خليها رجعوني.. الشين حتكون دمها ثقيل في المغني.
كانت أم كلثوم شديدة الاحساس بالكلمات بالرغم أنها لا تلحن ولكنها كانت حساسة بقبول الكلمة للحن وكانت حساسة لمنطوق الكلمات ويرجع ذلك لحفظها وقراءتها وتجويدها للقرآن الكريم عظمة أم كلثوم لم تكن من فراغ وعبقريتها كانت بناء بدأ منذ الصغر منذ أن كانت تنشد الموشحات مع شقيقها خالد وهي صغيرة ومع والدها لهذا كان إحساسها شديدا جدا بمنطوق الكلمات وكانت تتضايق جدا من المؤدين الذين ينطقون الصاد سينا ولا ينطقون اللغة العربية وكانت لها كلمة دائمة هي
- ما تحترموا اللغة وانطقوها كويس!!
ومن الاغنيات التي لم تتحقق لأم كلثوم أنها أحبت ديوان حافظ إبراهيم وتقول :
- أحببت أغنية مصر وحينما قرأتها قلت هذا الكلام من القلب ومحتاج يدخل قلوب المصريين.
وكانت مصر وقتها في محنة 1956 فأرادت أن تعيد إلي مصر عزتها وكرامتها وخصوصا أن الشاعر حافظ إبراهيم قال كلمات عبقرية اختارت بذكائها كلماته التي تقول :
وقف الخلق ينظرون جميعا
كيف أبني قواعد المجد وحدي
وبناة الاهرام في سالف الدهر
كفوني الكلام عند التحدي
أنا تاج العلاء في مفرق الشرق
ودراته فرائد عقدي
إنا إن قدر الاله مماتي
لا تري الشرق يرفع الرأس بعدي
ما رماني رام وراح سليما
من قديم عناية الله جندي
كم بغت دولة علي وجارت
ثم زالت وتلك عقبي التعدي
انني حرة كسرت قيودي
رغم رقبي العدا
وقطعت قيدي
وهذه الاغنية في هذا الوقت بالذات قامت بدور في شحذ الهمم وفي إعادة الاحساس بالكرامة للمصريين رغم الهجوم الغاشم لثلاث دول واكتبها من اجل الشباب الذين لا يعرفون جمال الشعر العربي ولا عظمة شعرائنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.