اننا نحتاج إلي نشر ثقافة أهمية الحفاظ علي كل نقطة مياه، ونحتاج إلي تعميق الاعتقاد والضمير الوطني بأنّ الاسراف في الاستخدامات المائية وتلويث المجاري المائية يعتبر تعديا علي مستقبل أبنائنا الانفصام المائي مشكلة متفشية في مصر ما بين مظاهر الندرة المائية ونقص مياه الشرب والصناعة والزراعة في العديد من مناطق المحروسة، ومظاهر للاسراف المائي منتشرة في الأوساط الاجتماعية المختلفة مابين حمامات سباحة وملاعب للجولف وبحيرات صناعية وزراعة الأرز في الصحاري ورش الشوارع وغسيل السيارات بالخرطوم وغيرها من مظاهر انفصام مجتمعي عن وضع مائي متدهور في البلاد. وعلاج الانفصام المائي يتطلب حلا من شقين، الشق الأول لعلاج مشكلة الندرة المائية، والثاني لعلاج مظاهر الاسراف المائي. والتعامل مع مشكلة الندرة المائية التي تتعايشها مصر وتعاني من أعراضها يتطلب تغييرا شاملا في نظرة المجتمع ككل لشبكتي الري والصرف علي أنهما شرايين وأوردة الحياة في مصر. ان الشبكات المائية من أهم البنيات الأساسية في الوطن، وتزيد أهميتها عن الطرق وشبكات مياه الشرب والصرف الصحي والصناعي، والمدارس والمستشفيات، ولكنها لا تحظي بالاهتمام أو العناية الكافية. يجب الحفاظ علي الشبكات من المخلفات السكانية والزراعية والصناعية السائلة والصلبة والعمل الدؤوب علي صيانتها وتطويرها لتسليمها إلي الأجيال القادمة بالشكل كما تسلمناها نحن من أبائنا وأجدادنا. والشبكات المائية، تعاني بالاضافة إلي مشاكل التلوث إلي تعديات هائلة، واستبحارات (زيادة كبيرة) في قطاعاتها نتيجة للتطهير الجائر، وتدهور شديد في منشآتها من قناطر وكباري وأفمام وهدارات وسحارات وبرابخ ومحطات الطلمبات.وكانت وزارة الموارد المائية والري قد بدأت عام 2010 في اعداد مخططات اعادة تأهيل شبكتي الري والصرف بثلاث محافظات بالوجه البحري، وذلك بالاستعانة بمكاتب استشارية محلية. وتوقفت هذه الدراسات التي كان هدفها تغطية مصر بالكامل لوضع خطة عاجلة لاعادة تأهيل شبكتي الري والصرف، ورفع كفاءة الشبكة وتقليل فواقدها المائية. ان استمرار اهمال شبكتي الري والصرف سيؤدي إلي زيادة مستمرة في الفواقد المائية،والي تفاقم مشاكل نهايات الترع في مصر، واستمرار مظاهر التلوث الكبيرة التي تعاني منها الترع والمصارف. وغياب الوعي الشعبي والسياسي بأهمية الحفاظ علي شبكتي الري والصرف من التعديات والتلوث يمثل أهم التحديات التي تواجه الادارة المصرية. اننا نحتاج إلي نشر ثقافة أهمية الحفاظ علي كل نقطة مياه، ونحتاج إلي تعميق الاعتقاد والضمير الوطني بأنّ الاسراف في الاستخدامات المائية وتلويث المجاري المائية يعتبر تعديا علي مستقبل أبنائنا وأحفادنا،بل وعلي أمن مصر القومي.لابد من الجميع أن يتعلم التعايش مع عصر الندرة المائية بعد أن كنا نعيش عصر الوفرة المائية، فقد تغير الحال بعد زيادتنا السكانية الهائلة. اننا نحتاج إلي حملة قومية للتوعية الشعبية من خلال وسائل الاعلام المختلفة، ومن خلال تطوير المناهج الدراسية في المدارس، ومن خلال المساجد والكنائس،ومن خلال تسيير حملات من المختصين إلي النجوع والقري والمدن لتوعية المواطنين بأهمية المياه والمحافظة عليها من الاهدار والتلوث. ان الندرة المائية هي بلا شك أهم قضايانا المستقبلية والمحدد الرئيسي للتنمية المستقبلية، ويجب التعامل معها بالجدية اللازمة والّا تعرضت البلاد إلي أزمات طاحنة. ومصر تندر بها الأمطار وتغطي الصحاري معظم رقعتها المساحية، وحصة مصر من نهر النيل هي المورد الرئيسي للمياه في البلاد وهي ثابتة منذ 1959، بينما تضاعفت الاحتياجات المائية. وللحديث بقية.