حقيقة تشرح الصدر أنهم أحياء عند ربهم يرزقون.. إنهم شهداء الوطن.. شهداء الغدر في سيناء.. ولكن حزن القلب عند الأم والأب والزوجة والأبناء لا يتذكر الشهادة ومركزها عند الله وعند الحساب.. فقد العزيز والحبيب إبناً أو أباً أو زوجاً أو أخاً أو حتي جاراً.. شيء يفطر القلب ويجعل القلب مليئاً بالجزع وينسينا الحزن حب الوطن والتضحية والفداء ويصبح فقد العزيز خنجر يخترق القلب ويدمي النفس.. أصبحت مصر عند فقد الثلاثين شهيداً في سيناء سرادق عزاء.. فقد تفرقوا في محافظات مصر ودخل الحزن كل بيت سواء بيت الشهيد أو أقاربه أو جيرانه أو حتي شارعه أو قريته رغم كثرة سقوط الشهداء هذه الأيام فإن حجم الموت في مصر تراثياً وكبيراً مهما كان موقع الموت وحالته سواء كان المتوفي شهيداً أو مريضاً.. الموت هو سقوط علي قلوب المصريين حزناً يدمي القلب وكثيراً ما يذهب العقل عند الأم أو الأب.. الموت في مصر بمر العصور شديد الوضوح شديد القسوة.. الموت في مصر أقيمت له التماثيل وشيدت له الجبانات.. مصر أصبحت سرادق عزاء كبير، فالموت كإنما أصبح مرشوشاً علي بيوتها فأصابنا جميعاً سواء من له علاقة حميمة بالمتوفي أو حتي سمع عنه أو شاهد الأرقام والأحداث في التليفزيون. الموت في مصر فرعوني الحزن مقدس وأبدي ويظل الأهل يندبون وفي القري يشقون الجيوب ويلطمون الخدود حتي تدمي منهم الخدود والعيون. الموت سقط علي مصر وأصبح التليفزيون وسيلة شديدة المقدرة علي توزيع الحزن علي ناس مصر والمصريون يتلقفون الأخبار الحزينة ويستقبلون الموت كما يستقبلون الحياة بكل القوة وبالاستمرار في الحزن كما الاستمرارية في الفرح، فما بالك بفقد هذا العدد وليس بموت عاد ولكن بفعل غادر أدمي قلوبنا جميعاً وأدخل الغيظ إلي عقولنا فنحن جميعاً شركاء في الهم وغدر العدو، إن ما حدث ليس حرباً عادية ندخلها ونحن نتوقع سقوط شهداء ولكنها حرب غير معلنة حرب خسيسة خبيثة وللأسف لا يديرها العدو بل استطاع العدو أن يجند حفنة من الخونة من أهلنا في سبيل الإتيان بهذه الجرائم التي تجعلنا نشعر أن كيمياء المصريين قد تغيرت فقد كان ظهور خائن واحد يجعلنا نشعر بالتلوث في البيئة وتغيير للأسفل في الوجدان المصري وانحطاط وسقوط أوجد بيننا من يبيعون الوطن بعد أن باعوا ضمائرهم. لا أفقد الأمل فإن مصر لابد أن تعود لأصالتها ونقائها ولابد أن يعود الإنسان المصري ويخلص بأخلاقه من الشوائب التي أصابته من اختلاطه بأجناس لا تعرف النقاء وإنما جوهرها الخيانة حتي أصبحت مصر سرادق عزاء ولكن الله يعطينا الصبر ولأهالي الشهداء نور القلب والصبر حتي نتخطي هذه المرحلة الصعبة والشديدة القسوة علي كل منا سواء من لهم شهداء أو المشاركين في الهم المصري.. لقد أصبحت مصر سرادق عزاء.. ولنا العزاء ولذويهم الصبر.