فوز ميثريبالا سيريسنا في الانتخابات الرئاسية في سيرلانكا والتي شهدت منافسة شرسة مع الرئيس السابق ماهيندا راجاباكسي، كان مفاجئا للعديد من المراقبين، فلم يتوقع احد أن يتمكن سيريسنا - بعد ان كان حليفا لراجاباكسي ووزير في حكومته قبل أن ينشق عنه نوفمبر الماضي ويصبح فجأة مرشح المعارضة - من تغيير معادلة الانتخابات التي اعتقد الرئيس المنتهية ولايته أنه سيفوز بها بسهولة. الا أن الفوز كان من نصيب سيرينا بعد أن حصل علي51.3% من الأصوات، بينما حصل راجاباكسي علي 47.6%. لذا اعترف راجاباكسي بهزيمته، وقال المتحدث الإعلامي باسمه أن الرئيس الذي خاض الانتخابات للفوز بولاية ثالثة أعلن أنه ينحني لارادة الشعب التي عبر عنها في التصويت وأنه سيؤمن نقل السلطة بهدوء. وعقب اداء سيريسنا اليمين الدستورية رئيسا جديدا للبلاد أمام قاضي المحكمة العليا في ساحة الاستقلال بالعاصمة كولومبو، تعهد بأنه لن يبقي في منصبه الجديد سوي فترة واحدة كما أكد علي التزامه باجتثاث الفساد وتنفيذ الاصلاحات الدستورية للحد من صلاحيات الرئاسة واكد أنه سيعمل علي تعزيز دور مؤسسات الدولة، وإعادة صياغة دور السياسيين في البلاد وإيجاد فرص للشباب، وتحقيق مستقبل سياسي، ونظام اقتصادي اجتماعي جيد لهم. وكان الرئيس السابق ماهيندا راجاباكسا الذي تولي الحكم عام 2005 قد دعا إلي انتخابات مبكرة قبل موعدها بسنتين في نوفمبر الماضي وتوقع المحللون وقتها انه سيفوز بسهولة ولكن بعد أن اكد راجاباكسا إنه سوف يترشح لفترة رئاسية ثالثة.. شهدت الحكومة استقالة عدد من الشخصيات المؤثرة منهم سيريسنا أمين عام الحزب الحاكم ووزير الصحة ورؤوف حكيم وزير العدل وعدد من الشخصيات المؤثرة كما انسحب من الحكومةعدد من الاحزاب الصغيرة منهم أكبر حزب إسلامي هناك وهوحزب المؤتمر الإسلامي بعد ان تعهدوا بتقديم الدعم للمعارضة في خطوة اعتبرت أكبر انتكاسة لمسعي الرئيس راجاباكسي لإعادة انتخابه بعد ازدياد الإحباط من تزايد نفوذ عائلته في البلاد. وقد بررت الاحزاب والشخصيات انسحابها برفضها للقانون الذي اقره الرئيس للترشح لفترة رئاسية ثالثة ورفضهم الصلاحيات الواسعة التي منحها للقضاء والشرطة. وقد ادي كل ذلك إلي تدهور شعبية راجاباكسي بعد اتهامه بالمحسوبية حيث يحتل اقاربه (ثلاثة من اشقائه ونجله) الكثير من المراكز المهمة في البلاد وهوماجعل منتقدوه يتهمونه بانه يدير البلاد وكأنها شركة خاصة.بالاضافة إلي عدم تسامح إدارته تجاه الأقليات الدينية. ويري المحللون إن هذه الاتهامات كانت سببا في كسب سيريسينا تأييد افراد الاثنية السنهالية الذين يصوتون عادة لراجاباكسي. واصوات معظم الناخبين من الاقليات العرقية الاخري الذين يشكلون نحو 30 بالمئة من مجموع الناخبين. وينتمي سيريسنا مثل راجاباكسي إلي الغالبية السنهالية البوذية غير أنه تمكن من بناء روابط مع أقلية التاميل والمسلمين وحصل علي دعم عدد من الأحزاب الصغيرة. ويقول أنصاره بأنه سيعيد التوازن للسياسة الخارجية للدولة التي اتجهت بشدة نحو الصين في السنوات الأخيرة بعد أن اختلف راجاباكسي مع الغرب بشأن حقوق الإنسان واتهامات حول ارتكاب حكومته جرائم حرب في نهاية صراع طويل مع الانفصاليين التاميل عام 2009. سيريسنا (63 عاما) ولد في بولوناروا في إقليم نورث سينترال عام 1951 وتلقي تعليمه في سريلانكا والاتحاد السوفياتي السابق ومارس السياسة منذ الستينات. وفي التسعينات تولي عدة حقائب وزارية وشغل منصبي وزير الصحة والزراعة. وكان سيريسنا عضوا بحزب الحرية السريلانكي وهو حزب اشتراكي يضم العرقية السنهالية، حتي عزله الحزب لقراره خوض الانتخابات الرئاسية امام راجاباكسي.ولم توجه له خلال تاريخه السياسي اي اتهامات بالعنف أو الفساد فهو سياسي معتدل في ارائه ومواقفه. وساند حملة سيريسنا مجموعة من أحزاب المعارضة والأقلية بما في ذلك أحزاب التاميل والمسلمين وكذلك الأعضاء المستائون من حكومة راجاباكسي. وكان سيريسنا قد نجا من محاولة اغتيال قامت بها حركة نمور تحرير تاميل في كولومبو عام 2008.