عمال الثلج يشعرون بحب الصقيع رغم البرد القارص حرص الملايين علي الذهاب الي عملهم، وردد الكثيرون عبارات يحسدون فيها من سمحت لهم ظروفهم بالاستمتاع بدفء الأغطية في منازلهم. لكن الجميع غاب عنهم أن أحوالهم أفضل بكثير من العاملين ببعض المهن. فمعاناتنا من البرد تقل عندما تصل الي أماكن عملنا التي تتسم بدفء نسبي، لكن آخرين ينتقلون من الجو البارد في الخارج إلي الأكثر برودة داخل مصانع الثلج التي يعملون بها. كما أن هناك من يتعاملون مع الصقيع بوصفه واقعاً مستمراً وليس مؤقتا مثل بائعي الفول والطعمية الذين يحتضنون البرد طوال فترة عملهم. «الأخبار» قامت بجولة ميدانية ورصدت بالصور معاناة عمال الثلج وبائعي الفول والطعمية في يوم البرد القارص. البداية كانت في أحد مصانع الثلج بالكيت كات..فور دخولك تشعر كأنك دخلت الي «ثلاجة» أو«ديب فريزر» ولكن حينما تتحدث مع العاملين تشعر بالدفء الناتج عن اصرارهم أن يتجمدوا من أجل لقمة العيش. عبد الخالق محمد رجل ستيني والذي يعمل وناشا للثلج منذ أكثر من أربعين عاما، يري أن أصعب شيء في هذه المهنة هي رائحة النشادر الذي يستخدم في تصنيع قوالب الثلج بالإضافة الي معاناته اليومية في الخروج كل صباح من منزله بمنطقة فيصل بالجيزة وتحديدا في الخامسة فجرا, يخرج كل يوم مرتديا سترته وشاله الذي يحميه من الصقيع لينتقل منه إلي أحضان الثلج داخل المصنع، يوضح عبد الخالق أن القفازات و«الحذاء ابو رقبة» من أهم الأسلحة الدفاعية التي نتقي بها شر الصقيع خصوصا انك تعمل في مصنع ثلج تصل درجة حرارته الي 5 درجات تقريبا في هذه الأيام والرطوبة مع الوقت تأكل كلتا يدي. أما مصطفي محمد «عامل بالمصنع» فيؤكد ان الأزمة تكمن في صعوبة وسائل المواصلات التي نستقلها مبكراً كل صباح لكي نذهب الي المصنع ويقول: نعتبر نفسنا عائلة واحدة كما أن العشرة والحميمية التي بيننا هي التي تشعرنا بالدفء رغم قسوة البرد,وأشار الي ان المهنة صعبة في الشتاء ولكن «الطبع يغلب التطبع»، فنحن تعودنا علي ذلك منذ نعومة اظافرنا ونكسب لقمة عيشنا بالحلال. وفي بولاق ابو العلا قابلنا «أم أميرة» أقدم بائعة طعمية في المنطقة بعد أن ورثت مهنتها من والدتها التي غلبها المرض قالت : «اقوم كل يوم من فراشي الساعة الرابعة فجرا لتحضير عجينة الطعمية والبطاطس والباذنجان»، فزوجي رجل «أرزقي» علي باب الله وطالبت أم أميرة من الدولة بالنظر الي حالتها الإنسانية وتقول: «لو تعبت يوم هنموت انا وعائلتي من الجوع»، وعم عطية «ماسح احذية» خرج رغم برودة الطقس سعيا وراء الرزق وقد ارتدي «جميع ملابسه» لاتقاء البرد الشديد.. وضع صندوقه امامه وجلس ينتظر الزبائن..يقول «عطية»: انا مجبر علي الخروج في مثل هذا الطقس لاستطيع توفير الطعام لافراد اسرتي حتي لا يعانوا من البرد والجوع معا..وما اكسبه يوميا يغطي بالكاد مصاريفي انا وابنائي.. ويشير الي ان ايام الشتاء يكون فيها الرزق كثيرا حيث يحرص الاهالي علي تلميع احذيتهم وتنظيفها من الطين نتيجة المشي في شوارع كفر الشيخ المليئة بالوحل والمياه.